"لعنة" محمد الدرة تلاحق السفاح بيريز في جنازته!

السبت ٠١ أكتوبر ٢٠١٦ - ٠١:٤٧ بتوقيت غرينتش

في مثل هذا اليوم وقبل 16 عاماً سجل التاريخ ذكرى أليمة جديدة من تنفيذ الكيان الاسرائيلي، ذكرى جسّدت أبشع جرائم الاحتلال بحق الأطفال الفلسطينيين والشعب الفلسطيني.

من منا لا يذكر ذاك الطفل الذي التصق بوالده في شارع صلاح الدين غربي غزّة، صورته وهو راقد على ساق والده بعدما لم تنقذه صيحته الطفولية، بل كانت بمثابة صيحة على موت ضمير العالم.
 
سنوات مضت على استشهاد الطفل محمد الدرة الذي أصبح يُعرف بـ "أيقونة النضال الفلسطيني"، بعدما سقط وهو في أحضان والده شهيداً برصاص الاحتلال الإسرائيلي في مشهد حي استطاعت عدسة مصور وكالة الصحافة الفرنسية أن تنقله إلى العالم أجمع، فهزّ ضمائر العالم وأُطلقت ردود الفعل المستنكرة والغاضبة لضراوة وبشاعة ما جرى، فيما رقدت ضمائر العرب ملقيةً على الدنيا على السلام. 

من منا يستطيع أن يمحو من ذاكرته ذلك الأب الذي حاول الاختباء وراء كتلة اسمنتية لحماية ابنه الذي كان يبلغ من العمر 12 سنة، فيما كانت الاشتباكات على أشدّها بين متظاهرين فلسطينيين وقوات الإحتلال، فراح الأب يلوح لجنود الإحتلال للتوقف عن إطلاق النار. لم يعيروا هؤلاء الجنود الأب ومحمد أي اهتمام، فاحتضن جمال ولده محاولاً حمايته حتّى انهالت عليهم رصاص العدو كالمطر فسقط محمد شهيداً.

تلك المشهدية كتب عنها الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش قصيدة رثاء بعنوان "محمد"، قال في موضع منها: "يعشعش في حضن والده طائراً خائفاً.. من جحيم السماء، احمني يا ربي.. من الطيران إلى فوق! إن جناحي صغير على الريح.. والضوء أسود.. محمد يريد الرجوع إلى البيت، من دون دراجة.. أو قميص جديد.. يريد الذهاب إلى المقعد المدرسي إلى دفتر الصرف والنحو، خذني.. إلى بيتنا يا أبي.. كي أعد دروسي.. وأكمل عمري رويداً رويداً.. على شاطئ البحر، تحت النخيل".

فصول الحكاية لم تنته أوراقها بعد، فمحمد الدرّة مازال يُبعث كل يوم من جديد ليكون شاهداً وشهيداً على أرض فلسطين، فيما العدو يمعن بمختلف الأشكال بقتل شعب اعزل جلّ ما يملكه إرادة صمود وتحدّي والتمسك بالأرض.

اليوم وفي الذكرى السادسة عشرة لـ"واقعة النضال" تلك، رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يلقي التحية ويشارك في عزاء "السفاح" شيمون بيريز، ويصافح رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى جانب رؤساء دول خلال التشييع، وكان قد عبّر سابقاً عن أسفه وحزنه الشديد لوفاة بيريز، قائلاً: "كان شريكاً في صنع سلام الشجعان" مع الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات!! فلا عجب ان تصلنا في الغد القريب أصداء قصيدة رثاء من عباس بحق "راعي السلام" بيريز!

فكيف لفلسطين أن تنتصر ومن يحتل رئاستها يجلس متباكياً على فراق سفّاح الأطفال ومغتصب الأراضي ومهجّر أهلها..  رئيس السلطة الفلسطينية يجسّد اليوم كل معاني الاستسلام والتخاذل في أبشع صوره.

فلعل الأجدى اليوم هو إعادة نشر شريط استشهاد الطفل محمد الدرة، علّ محمود عباس يتذكّر .

* رزان شرف الدين/ الجديد

3ـ106