قبل أيام من التدخل العسكري للناتو..

كشف "كواليس" غريبة عجيبة عن آخر مقابلة صحفية للقذافي!

كشف
الخميس ٢٠ أكتوبر ٢٠١٦ - ٠٤:٥٢ بتوقيت غرينتش

كشف الصحفي العراقي الذي أجرى آخر مقابلة مع الرئيس الليبي السابق معمر القذافي كواليس آخر مقابلة صحفية أجراها معه.

وفي مقال للصحفي العراقي سلام مسافر، على موقع "روسيا اليوم"، كشف الأخير كواليس المقابلة التي جرت "في الخيمة"، قبل أيام من التدخل العسكري للناتو في ليبيا، في آذار/ مارس 2011.

وقال مسافر إن "اللقاء جرى في الخيمة التي رأيت فيها، وفي أثاثها المغبر، نموذجا صارخا لنظام الحكم البدوي القائم على فكرة أن الشعب قطيع، والسلطة هبة من السماء لمن اختاره الرب راعيا لقطيع، إذا تمرد بعض خرافه، فإن عملية تأديبية صغيرة تكفي لإعادتهم إلى الطريق المستقيم".

واضاف الصحفي العراقي: "قدمنا طلبا للقاء العقيد، وكتبت صفحة كاملة عن سيرتي الذاتية، وفيها مسقط الرأس والتحصيل الدراسي من جامعة بغداد وجامعة موسكو، واسم العائلة، واللقب، وهو أمر لم اعتده في حياتي، لكن ذلك تم بناء على طلب مسؤولي الإعلام الخارجي الليبي، الذين كانوا كل ثلاثة أيام يؤكدون لنا أن اللقاء قريب، وفي اليوم الرابع يطلبون معتذرين كتابة طلب جديد مع السيرة الذاتية، قائلين: "معلش، الوضع مش باهي في البلد، والأوراق ضاعت!!".

وهكذا بلغ عدد الطلبات رقما لا أتذكره، لكن صبرنا نفد، فاتصلت بالناطق الرسمي المتحدث بإنكليزية نادرة وسط متعلمي ليبيا، بعد سنوات من انقطاع عن تعلم اللغات الأجنبية، السيد موسى إبراهيم.

الشاب الدمث أكد لنا أن اللقاء سيتحقق، وحين سألته: هل يحتاج العقيد إلى الأسئلة مسبقا؟ رد قائلا: ليس بالضرورة، مضيفا: "لكن المحاور على الأقل...". وثانية كتبت رسالة جديدة مع السيرة الذاتية. وقبل أن أسلمها قلت لموسى بين الجد والهزل: "هذا آخر إنذار، فقد عيل صبرنا". رد موسى أن اللقاء سيتم "فجأة".

وبعد أقل من ساعة على اتصالي بإدارة القناة في موسكو، لتدبير أمر عودتنا؛ لأننا لم نعد نطيق الانتظار والبقاء أكثر من شهر في طرابلس، جاء ممثل الإعلام الخارجي مهرولا، وقال: تحضّروا... بعد قليل سنتوجه إلى باب العزيزية.

سيارة الجيب التي أقلتنا إلى "عرين القائد" دخلت منطقة خربة فيها آثار هدم قديم وقصف لم تبق من ضرباته غير جدران متهاوية وحجارة متناثرة، وأكوام من القمامة الحديثة تراكمت مع بقايا القصف الأمريكي عام 1989 على باب العزيزية مقر القذافي، الذي أمر بعدم رفع الأنقاض والإبقاء على "الصورة حية " تشهد على وحشية اليانكي".

وقال مسافر: لم نخضع إلا لتفتيش بسيط. تأكدوا من الكاميرات فقط. واحتفظنا بالهواتف النقالة. أمر أثار دهشتي، وأدخل البهجة في نفس المصور ديمتري كريفكو، الذي لم يفلح في التخلص إلا من ربع "الاحتياطي الاستراتيجي" من حلواه!

ووقفنا عند بوابة الخيمة. الحراس ينتظرون معنا، لا يحملون سلاحا ظاهرا.

وفجأة، بدأوا برفع المقاعد الخشبية المغلفة بقماش فاقع الحمرة من الخيمة، وأحضروا بدلا منها كرسيين أبيضين من البلاستيك. لاحظت أن الكرسي الذي قالوا إنه مخصص لي في مواجهة العقيد مغبرا، فطلبت من مساعد المصور أن يمسحه، فالتفت أحد الحراس إلى الحركة، وسارع بمسح كرسي العقيد المغبر أيضا.

وصل العقيد، صافحنا بحرارة، ومعه مترجم. وقبل أن يدخل الخيمة سألني المترجم الذي سمعني أتحدث العربية: هل تحتاج إلى ترجمة إنكليزية. قلت مستغربا: "لا". ولكن بعد انتهاء المقابلة، اتسعت دهشتي حين قال لي العقيد بلهجته الصعبة: "أنت تتحدث العربية بطلاقة ". أجبته: "طبعا فأنا عربي ابن عربي، ومن أم عربية".

هنا يقول الصحفي العراقي اكتشفت أن "إدارة الرئيس" لم تبلغ العقيد حتى بأسماء الفريق، ولا بسيرتي الذاتية. وأيقنت أن العقيد فعلا لا يحكم ولا يدير، وأن ليبيا دولة بلا مؤسسات. دولة الخيمة. على حد تعبيره.

المصدر: عربي 21

110-2