هل زيارة المملوك لمصر نتيجة لتوتر العلاقات بين القاهرة والرياض؟

هل زيارة المملوك لمصر نتيجة لتوتر العلاقات بين القاهرة والرياض؟
الأحد ٢٣ أكتوبر ٢٠١٦ - ٠٦:٤٧ بتوقيت غرينتش

أجرى رئيس «مكتب الأمن الوطني السّوري» علي المملوك محادثات رسميّة في القاهرة استمرّت يومًا واحدًا بناءً على دعوةٍ من الجانب المصري، حسب وكالة «سانا» السّوريّة.

وذكرت «سانا» أنّ المملوك التقى نائب رئيس جهاز الأمن القومي المصري خالد فوزي وكبار المسؤولين الأمنيّين، مشيرةً إلى أنّ الطّرفين «اتّفقا على تنسيق المواقف سياسيا بين سوريا ومصر وكذلك تعزيز التنسيق في مكافحة الإرهاب الّذي يتعرّض له البلدان».

وأوضح مصدر سياسي سوري مواكب للمملوك، أنّ هذه ليست الزّيارة الأولى الّتي يقوم بها المملوك إلى مصر، لكنّها أوّل زيارة معلنة له. ومن النّادر أن تواكب وسائل الإعلام السوريّة نشاطات المملوك أو تنشر صورا له.

ويعود آخر ظهور علني له إلى 13 ايار/مايو من العام الماضي لدى مشاركته في اجتماع عقده الرئيس السوري بشار الأسد مع مسؤول إيراني.

ومن جانبه، قال السفير ابراهيم يسري، مساعد وزير الخارجية الأسبق لـ«القدس العربي»: «استنكر تلك الزيارة كما استنكر عملية التواصل التي تحدث في الوقت الحالي بين مصر وبشار الأسد، لانني لا أعتبر في صالح مصر على الاطلاق». وأوضح «هذه الزيارة بهدف التعاون أو التفاهم أو الاتصال وأعتبر ان مجرد وجود فكرة تواصل بين البلدين أمر غير مقبول».

وأضاف «العلاقات بين مصر والسعودية تشهد ارتباكا شديدا، ومصر الآن تلعب مع جميع الدول مثل أميركا والسعودية وسوريا، وليست لها خطوات سياسية ثابتة، فتلك الزيارة لا تؤثر كثيرا على العلاقة بين مصر والسعودية لانها أصبحت باردة».

وقال مصدر أمني في مطار القاهرة الدولي، إن «وفدًا سوريًا، يضم 6 مسؤولين من النظام، وصل إلى القاهرة، على متن طائرة خاصة، قادمًا من دمشق».

وأضاف أن «عناصر من المخابرات الحربية المصرية، كانوا في استقبال الوفد»، من دون أن يوضح أسماء أعضاء الوفد السوري أو مناصبهم. وأشار المصدر إلى أن الوفد توجه، بصحبة عناصر المخابرات، للقاء مسؤول مصري (لم يذكر اسمه).

وأشار إلى أن الزيارة تستغرق ساعات لبحث «آخر التطورات في سوريا وجهود الحل سياسي، بما يضمن وحدة واستقرار البلاد، ورفع الأعباء عن المواطنين ومواجهة التنظيمات الإرهابية».

وقال سعيد اللاوندي، خبير العلاقات السياسية والدولية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية لـ«القدس العربي» ، «ليست هذه الزيارة الوحيدة التي يقوم بها مسؤول كبير مخابراتي سوري إلى مصر بل سبقتها زيارات، ولكن المؤكد ان موقف مصر وتمسكها بوقف الحرب على الأراضي السورية واصرارها على ان الحل لابد ان يكون سياسيا، قد وقع في قلب النظام السوري بشكل إيجابي. واعتقد انه انتهز الفرصة لكي يضرب الحديد وهو ساخن، بمعنى ان مصر ترى ان الحل السياسي يجب ان يكون الأمثل بينما ترى السعودية وأميركا وفرنسا وبعض الدول الأخرى ان لا مجال لبشار الأسد في مستقبل سوريا وانه يجب ان يكون هناك تدخل عسكري بينما مصر ترفض هذا، واعتقد ان الموقف المصري هو ما لقي قبولا لدى القيادة السورية، واعتقد ان هذه الزيارة مشوار طويل للعلاقات بين مصر وسوريا».

وأضاف «اعتقد ان في القريب العاجل ستكون هناك علاقات بين مصر وإيران». واكد «ان أي تقارب مع سوريا يأتي على حساب العلاقات المصرية السعودية، ولكن السيسي في حواره مع الصحف القومية أكد انه لا ينبغي ان تغضب السعودية من أي تقارب تقوم به مصر، لان الإمارات مثلا لها علاقات جيدة مع إيران وعمان».

وتأتي هذه الزيارة في وقت تشهد فيه العلاقات المصرية السعودية خلافا بسبب تباين مواقف البلدين من الأزمة السورية، إذ ترى القاهرة إن الحل السياسي الذي يشمل جميع الأطراف هو السبيل لإنهاء الصراع الدائر في سوريا منذ نحو ست سنوات بينما ترى الرياض ضرورة رحيل الرئيس السوري بشار الأسد من السلطة أولا.

ولخص الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في آب/اغسطس الماضي الموقف المصري من الأزمة السورية المستند إلى خمسة مبادئ هي «احترام وحدة الأراضي السورية وإرادة الشعب السوري وايجاد حل سياسي سلمي للأزمة ونزع أسلحة الميليشيات والجماعات المتطرفة وإعادة إعمار سوريا وتفعيل مؤسسات الدولة».

واعتبر مراقبون إن تأييد مصر للمشروع الروسي جاء في إطار محاولات القاهرة التقارب مع موسكو وهي أكبر حلفاء الرئيس السوري. وفيما تطالب الرياض برحيل الأسد، تعبر القاهرة عن تأييدها لحل سياسي يشارك فيه الأسد.

ومطلع الأسبوع الماضي، صوت مجلس الأمن على مشروع قرار فرنسي يطالب بنهاية فورية للضربات الجوية وطلعات الطائرات الحربية فوق مدينة حلب. وكان مشروع القرار ينص على وقف القتال في حلب من دون أن يأتي على ذكر وقف الغارات الجوية التي تنفذها طائرات روسية وسورية على الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الجماعات المسلحة في حلب. ولم يقر داخل مجلس الأمن.

واستخدمت روسيا حق النقض «الفيتو» ضد هذا المشروع، وقدمت مشروعا بديلا يعتبر في الواقع المشروع الفرنسي مع تعديلات روسية، حيث استبعد المطالبة بنهاية للضربات الجوية على حلب، وأعاد التركيز على الاتفاق الأميركي الروسي لوقف اطلاق النار الذي انهار بعد أسبوع من سريانه.

وكان لافتا أن مصر، العضو العربي الوحيد (عضو غير دائم) في مجلس الأمن حاليا، صوتت لصالح المشروع الفرنسي والروسي في الوقت ذاته، الأمر الذي أغضب القيادة السعودية، خاصة مع ظهور المندوب المصري في الأمم المتحدة في مشاهد ودية مع مندوب سوريا بشار الجعفري.

وفي 15 يونيو/حزيران 2013 أعلن محمد مرسي الرئيس المصري آنذاك، قطع العلاقات مع سوريا، وإغلاق سفارتها في مصر، وسحب القائم بالأعمال المصري في دمشق.

المصدر: القدس العربي

112-4