هل يكون أردوغان سبباً لتوحيد العراقيين والسوريين؟!

هل يكون أردوغان سبباً لتوحيد العراقيين والسوريين؟!
الإثنين ٢٤ أكتوبر ٢٠١٦ - ١٢:٤٨ بتوقيت غرينتش

مايزال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، “بطل” الفضائيات العالمية، بسبب تصريحاته الشاذة عن الاوضاع الاقليمية وحتى عن الوقائع التاريخية، فلا ينتهي من تفجير “قنبلة” سياسية هنا، الا ويفجر واحدة اخرى هناك، دون كلل او ملل، وحتى بات من الصعب على الصحفيين والاعلاميين، متابعة ورصد هذه التصريحات وتداعياتها الاقليمية والدولية، لكثرتها وتواليها السريع.

بعد تهجمه العنيف وغير الدبلوماسي والخارج عن كل ما هو مألوف، ضد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وبعد تاكيده على بقاء الجيش التركي في العراق وسوريا، حتى لو رفضت الحكومتان العراقية والسورية مثل هذا التواجد، وبعد اصراره اللافت على المشاركة في “الحرب ضد داعش” في العراق وسوريا، رغم عدم طلب اي من الحكومتين العراقية والسورية ذلك، وبعد دعوته الى مراجعة معاهدة لوزان التي يعود تاريخها الى عام 1923 ، والتي تمخضت عنها تركيا الحديثة، بهدف ابتلاع اراض من العراق وسوريا، خرج علينا اردوغان يوم الاحد 23 تشرين الاول / اكتوبر، بتصريح  تجاوز في غرابته كل تصريحاته ومواقفه السابقة.

الرئيس التركي قال في كلمة له خلال حفل افتتاح إحدى الكليات ببلدة إناجول التابعة لمدينة بورصة، في معرض تعليقه على الخريطة التي تداولتها بعض وسائل الإعلام مؤخرا، والتي تُظهر تركيا متوسعة وتضم محافظات سورية وعراقية، انه “يجب فهم أن كركوك كانت لنا، وأن الموصل كانت لنا .. لماذا هذا الكلام لا يعجبهم؟ أنا فقط قدمت درسا في التاريخ، يجب فهم هذا”.

كما انتقد اردوغان حلفاءه الغربيين، لانهم لم “يفعلوا” شيئا للعراق وسوريا حتى هذه اللحظة، وقال :”إنهم يعرقلون أمة مخلصة كأمتنا، في عمل شيء ما”!!.

المعروف ان الخريطة التي روج لها اردوغان في هذا الوقت بالذات، كانت تُستخدم في الماضي للتعبير عن مصطلح “ميثاق الملل (الأقوام)” وهو الميثاق الذي صادق عليه آخر برلمان عثماني عام 1920 قبل إعلان الجمهورية التركية الحالية، والتي تظهر فيها مناطق واسعة من شمال العراق وشمال سوريا، ضمن الحدود الدولة التركية، وقد اثار توقيت نشر هذه الخريطة الان من قبل السلطات التركية، والذي تزامن مع دعوة اردوغان الى مراجعة معاهدة لوزان، وكذلك تزامن مع اندفاع الجيش التركي في العراق وسوريا، العديد من التساؤلات حول نوايا اردوغان في العراق وسوريا، وخاصة في الموصل وحلب.

اطماع اردوغان في العراق وسوريا لم تعد سرا، فالرجل كثيرا ما يكشف عنها وبصورة علنية وامام الملأ، لاسيما خلال الفترة الاخيرة، دون ان يرى في ذلك اي حرج، بل على العكس تماما، فهو ينتقد كل الذين لا “يعترفون بحق” تركيا في شمال العراق وشمال سوريا.

اردوغان يرى في الازمتين اللتين يعيشهما العراق وسوريا، فرصة تاريخية لن تتكرر، لضم الموصل وكركوك في العراق، وحلب وبعض المناطق الاخرى في سوريا، الى تركيا، دون ان يشعر ان مثل هذا الجنون، وان كان سيعرض المنطقة وشعوبها، ومنها الشعب التركي، الى ويلات هي في غنى عنها، سيكون عاملا محفزا للعراقيين والسوريين للتوحد فيما بينهم، ولنبذ خلافاتهم، ولتقديمهم المصلحة الوطنية على المصلحة القومية والطائفية والمناطقية والحزبية، وهو ما اخذ يتبلور على الارض وبشكل واضح على وقع المعارك التي تشهدها الموصل وحلب.

في العراق لم يحصل  منذ عام 2003 ، ان صادق مجلس النواب العراقي العراقي بالاجماع على شيء، كما صادق على ضرورة خروج القوات التركية من بعشيقة، بعد ان وصفها بانها قوات احتلال، ولم يحصل في العراق منذ عام 2003 ، ان شارك الجيش العراقي الى جانب قوات البيشمركة الكوردية وقوات الحشد الشعبي ومقاتلي الحشد العشائري، جنبا الى جنب، وتحت راية العراق الواحد، كما يحصل الان في معركة تحرير الموصل، فالجميع شعر بالخطر التركي الذي يهدد وحدة وسيادة العراق، فلم يعد العراقيون ينظرون الى الجيش التركي على انه جيش صديق جاء لمساعدتهم لدحر “داعش”، فهم يرون خطر هذا الجيش يتجاوز خطر”داعش”، فلولاه لما تمكن “داعش” من ان يحتل الموصل، والعراقيون جميعا يتذكرون مسرحية القنصلية التركية التي دخلتها “داعش” في الموصل عام 2014 ، ثم اطلقت  سراح جميع موظفي القنصلية وجميع العسكريين الاتراك فيها وهم في العشرات دون ان تتعرض لهم بسوء، فهذا الموقف العراقي الموحد من العدوان التركي، رغم انه جاء في ظروف عصيبة يعيشها العراق، الا انه يعكس حالة وطنية راقية، كادت ان تختفي من المشهد العراقي لولا اردوغان .

اما في سوريا ، فقد كان لجنون اردوغان ذات المفعول الذي كان له في العراق، فقد كشفت مصادر ميدانية عن إعلان وشيك عن مقاومة شعبية عربية كردية لمقاومة الاحتلال التركي في سوريا، وأوضحت المصادر لقناة “الميادين” أن المقاومة ستعمل بإرادة شعبية لهزيمة المحتل التركي الذي ينفذ مخططاته تحت غطاء محاربة الإرهاب، وهو ما يعكس تبلور حال وطنية بين السوريين، تتجاوز الاعراق والمذاهب الى افق ابعد واعلى وهو افق الوطن، فقد بات واضحا للسوريين، ان التغول التركي ما كان ليحدث في حال ووجود حالة شعبية رافضة للمحتل، فهذا التشكل الذي سيتم الاعلان عنه قريبا، يؤكد سمو السوريين على المذهبية والعرقية والمناطقية، ويؤكد فشل المخطط التركي القائم على الطائفية، يبدو ان الاقدار شاءت ان يكون اردوغان من يوحد العراقيين والسوريين!.

شفقنا

109-1