عند الحديث عن سوريا .. هناك من يريد ان نُكذّب أعيننا وآذاننا

عند الحديث عن سوريا .. هناك من يريد ان نُكذّب أعيننا وآذاننا
الإثنين ٠٥ ديسمبر ٢٠١٦ - ٠٨:١٠ بتوقيت غرينتش

تتعرض سوريا، منذ وقت طويل، لحرب نفسية تقودها وسائل اعلام خليجية، تحاول التشكيك بمواقف قادتها ازاء القضايا القومية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ورفضهم التطبيع مع “اسرائيل”، وقد اشتدت هذه الحرب شراسة، مع بداية الحرب المفروضة على سوريا من قبل التحالف الامريكي الصهيوني العربي الرجعي، منذ اكثر من خمس سنوات.

العالم - سوريا

الاعلام العربي الرجعي، يحاول تسويق فكرة مشوهة، مفادها ان الحكومة السورية تمثل حزام امان لـ“اسرائيل”، وان دمشق لم تفكر يوما في ان تحارب “اسرائيل”، او تتصدى لاطماعها في المنطقة، في محاولة لتسويق فكرة اكثر تشوها من الاولى ومفادها ان الجماعات التكفيرية التي تذبح وتقتل وتسبي وتغتصب وتدمر في سوريا منذ خمس سنوات، هي التي تهدد “اسرائيل“!.

العقل المتخلف الذي يدير هذا الاعلام، كثيرا ما يستغل الغارات “الاسرائيلية” على مواقع الجيش السوري، دعما للجماعات التكفيرية على مختلف اصنافها وعناوينها، للطعن بسوريا لعدم ردها على هذه الغارات، واعتبار عدم الرد هذا دليلا على عدم جدية سوريا في عدائها لـ“اسرائيل”، كما حصل قبل ايام عندما استهدف الطيران “الاسرائيلي ” مخازن عسكرية غرب العاصمة دمشق.

الاعلام الخليجي ورغم الامكانيات المادية والتقنية الضخمة والمهولة التي يمتلكها، الا انه يتصرف كعملاق ضخم ولكن دون عقل، فهذا الاعلام يتصور ان العالم كله الان متسمر امام فضائياته ولا يقرأ الا صحفه ومجلاته، ولا يتصفح الا موقعه، عندما يريد التعرف على ما يجري في سوريا، بينما الواقع ليس كذلك، فاغلب الباحثين عن حقيقة ما يجري في سوريا سيتجاهلون بالتاكيد الاعلام الذي تقف الدول الممولة له وراء ما يجري من مآسي في سوريا، وسيبحث عن الحقيقة في وسائل اعلام اخرى، صحيح انها لا تملك امكانيات وتقنيات الاعلام الخليجي المتضخم، الا انها تملك العقل والخبرة والذكاء والموضوعية.

لقد بات واضحا ان الحرب الكونية التي تقودها امريكا وبريطانيا وفرنسا وحلف الناتو وتركيا والرجعية العربية ومن ورائهم “اسرائيل”، على سوريا، عبر استخدام كل مجرمي وسفاحي وتكفيريي العالم، وتسليحهم وضخهم بالمليارات من الدولارات، وتجنيد امبراطوريات اعلامية لتبييض صفحاتهم السوداء، كلها من اجل الانتقام من سوريا لمواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية، وما قدمته من تضحيات من اجل تسليح المقاومة في فلسطين ولبنان، واحتضان حماس والجهاد الاسلامي وباقي فصائل المقاومة الفلسطينية، رغم انف “اسرائيل” وامريكا، فلولا سوريا لما اذلت المقاومتان اللبنانية والفلسطينية ” اسرائيل” وجيشها الذي لم يكن يقهر يوما.

بعد حرب تموز عام 2006 عندما اصطفت الرجعية العربية واذنابها في لبنان، الى جانب “اسرائيل” في عدوانها على لبنان، لم يكن لهذه المقاومة من سند بين الانظمة العربية سوى النظام السوري، وكلنا يتذكر كيف وصف الرئيس بشار الاسد حينها الحكام العرب بـ“انصاف الرجال”، وهو الوصف الذي كان من اهم اسباب الحقد الدفين للرجعية العربية على الاسد، لما احدثه التصريح حينها من وقع على هؤلاء الحكام، والملفت ان الاعلام الخليجي، الذي “يسخر” اليوم من عدم رد سوريا على العدوان “الاسرائيلي” كان يحمل في حرب تموز حزب الله مسؤولية الحرب بسبب “مغامراته” ضد “اسرائيل”، كما حمل هذا الاعلام حماس والجهاد مسؤولية العدوان ” الاسرائيلي” على غزة، واصفا صواريخ المقاومة بالعبثية، والتي تضر بالقضية الفلسطينية!!.

في المقابل لا يفوّت هذا الاعلام الخليجي التسطيحي، فرصة الا ويؤكد فيها على “الخطر” الذي تشكله الجماعات المسلحة في سوريا على “اسرائيل” !!، بل والايحاء بوجود تنسيق بين دمشق و تل ابيب، للتصدي لهذه الجماعات !!، رغم كل التصريحات والاخبار والافلام والصور الفضائحية لكبار قادة ومسؤولي المعارضة و “الجيش الحر” والجماعات التكفيرية، التي تكشف عن عمق العلاقة التي تربط هذه الجهات بـ“اسرائيل“.

اذا ما مررنا مرور الكرام امام كل فضائح “المعارضة السورية الثورية”!! وعلاقاتها مع “اسرائيل” على مدى السنوات الخمس الماضية، لانها باتت مشكوفة وعلنية وتتناولها جميع وسائل الاعلام العالمية، عدا الاعلام الخليجي، سنكون مضطرين للتوقف امام الخبر الذي تناقلته وسائل اعلام “اسرائيلية” حول الرسالة العلنية التي ارسلتها قيادات في “الجيش السوري الحر” لرئيس الوزراء “الاسرائيلي” بنيامين نتنياهو، طالبين منه العمل على اسقاط نظام الرئيس بشار الاسد، بعد الهزائم التي مني بها “ثوار” المحور الامريكي الصهيوني العربي الرجعي في حلب.

التلفزيون “الاسرائيلي” الناطق باللغة العربية بث رسالة وجهها المسؤول السابق في إدارة الإعلام المركزي في القيادة المشتركة لـ“الجيش السوريّ الحر” و“قوى الحراك الثوري“، ومنسق “جبهة الإنقاذ الوطنيّ“، فهد المصري، إلى “الشعب الإسرائيلي” وإلى حكومة بنيامين نتنياهو، على حد سواء، ودعت الرسالة دول العالم، وبشكل خاص ” إسرائيل“، إلى التعاون والمساعدة على إسقاط النظام السوري.

واستضاف التلفزيون “الاسرائيلي” المصري عبر برنامج “سكايب“، إلى جانب رئيس “حركة سورية السلام” محمد حسين، عبر الهاتف، بهدف إجراء نقاش حول الموضوع ، وقال المصري في هذا اللقاء ان بعض أطراف المعارضة تُناشد “إسرائيل” أن تهب لمساعدتها، وتدعو لتشكيل مجلس للأمن الإقليمي، مشددا على أن الهدف هو كشف موقفنا السياسي إزاء “إسرائيل” والمنطقة. وتابع: قلنا بكل صراحة إن سوريا الجديدة لن تكون قوّة معادية لأي قوة محلية أو إقليمية أو دولية.

من ناحيته، عبر محمد حسين عن سعادته بتشكل رأي عام جديد في صفوف الشعب السوري. ولفت إلى أن هذا الأمر تم تحقيقه بعد جهد كبير بذلته “حركة سوريّة السلام” ، منذ نهاية شهر تشرين الأول (أكتوبر) من العام 2013، بعد اللقاء المباشر مع المسؤولين “الإسرائيليين“.

واعتبر حسين ان هناك مصالح مشتركة في هذه المنطقة لابد من أن تتكامل، موضحا أن الرئيس الأسد هو الذي خلق المشكلة، وهو الذي زرع الكراهية والحقد في أجيال عدة تجاه “إسرائيل“، بينما العدو الحقيقي هو هذا الأسد ومن يساعده، وإيران مثالاً على ذلك!!.

التلفزيون “الاسرائيلي” بدوره اشار الى :”أنه لدى “إسرائيل” علاقات جيدة مع بعض قطاعات المعارضة السوريّة.. وإن هذه ليست المرة الأولى التي تتوجّه فيها جهات سورية معارضة، طالبة مساعدة “إسرائيل” .. وان هناك علاقات تنسيق مع عدد من الأوساط السورية المعارضة وخاصة المسلحة .. وان “إسرائيل” كانت قد استضافت ثلاث مرات المعارض السوري كمال اللبواني، عضو الائتلاف السوري المعارض، الذي اقترح عليها مقايضة الجولان مقابل اسقاطها الأسد. كما حلّ ضيفًا على “اسرائيل” عصام زيتون، ممثّل الجيش الحر، الذي ألقى محاضرة في “مؤتمر المناعة القوميّة الإسرائيليّة”، والذي عُقد في مدينة هرتسليا، شمال تل أبيب“.

لا ندري لماذا امام كل هذه الحقائق الدامغة بالصوت والصورة والوثائق، يريد منا العملاق الاعلامي الخليجي الغِر، ان نكذب اعيننا وآذاننا وقبلهما عقولنا، ونصدق روايته السطحية والبائسة والمضحكة، ازاء ما يجري في سوريا، هل الثروة والنفوذ والسطوة، شلت العقل الذي يدير وسائل الاعلام هذه وافقدته القدرة على رؤية الواقع كما هو؟ ، ام انه دور وظيفي تقوم به مضطرة حتى لو اضحكت الناس عليها وفي مقدمتهم البسطاء؟.

المصدر : شفقنا

109-4