أردوغان.. الوجه الآخر

أردوغان.. الوجه الآخر
الخميس ٠٨ ديسمبر ٢٠١٦ - ١٠:٤٠ بتوقيت غرينتش

تعمل الالة الاعلامية لحزب العدالة والتنمية التركي ومن ورائها الالة الاعلامية الضخمة التابعة لبعض الجهات التي تقف وراء الفتنة الطائفية التي تضرب منطقتنا، على اظهار الرئيس التركي رجب طيب اردوغان على انه “سلطان عثماني جديد” و “خليفة للمسلمين” و “منقذ للسنة”، و”محارب عنيد” للارهاب التكفيري.

العالم - مقالات

عملية تلميع صورة اردوغان، واظهاره ك”سوبرمان سني” يدافع عن “الضحايا السنة”، الذين “يتساقطون” ب”مئات الالاف بل بالملايين” على يد “التحالف غير المقدس” من “الرافضة والمجوس والنصيريين والصليبيين واليهود والكفار والمشركين والمرتدين”، لا تنحصر بفضائيات ووكالات انباء وصحف ومجلات ومواقع الكترونية و..، بل يساهم في هذه العملية التلميعية الضخمة، شخصيات دينية تعتبر نفسها مراجع دينية، تحتكر الحق بالتحدث عن مليار ونصف المليار مسلم، ويمكن تلمس هذا الامر من خلال بيانات ومواقف وخطابات اعضاء ما يعرف باسم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يترأسه الشيخ القطري يوسف القرضاوي.

من اجل التعرف على حجم عملية “التجميل” التي تجري للرئيس التركي على اساس طائفي وحزبي، سنقتبس جوانب من الرسالة التي بعثها القرضاوي الى اردوغان في تموز / يوليو الماضي، والتي قال فيها:  “الله معك وشعوب العرب والمسلمين معك، وكل الأحرار في العالم معك، ونحن علماء الأمة الإسلامية في المشارق والمغارب معك.. وجبريل وصالح المؤمنين، والملائكة بعد ذلك ظهير”.

وأضاف القرضاوي في تلك الرسالة: “كلنا معك؛ لأنك مع الحق ضد الباطل، ومع العدل ضد الظلم، ومع الشعوب ضد المستبدين، ومع الحرية ضد الجلادين، ومع الشورى والديمقراطية ضد الذين يسوقون الشعوب بالسوط، ويقهرونها بالعنف”.

وتابع قائلا: “أيها الرئيس الكريم.. سر في طريقك المستقيم؛ لتبني تركيا كما تريد، وكما نريد، تقود الناس إلى الحق، وتدعوهم إلى الرشد، وتنصر المستضعفين، وتؤيد المضطهدين، ونحن معك.. نشد أزرك، ونساندك مع حزبك وأنصارك. والله تعالى يقول: “يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ”.

وفي لقاء مع قناة “التركية” الذي تم بثه يوم الاحد  17 تموز / يوليو الماضي قال القرضاوي: “جئنا إلى تركيا لنقيم الجمعية الرابعة لاتحاد علماء المسلمين في إسطنبول عاصمة الخلافة الإسلامية!!”.

بدورنا لن نناقش القرضاوي في صحة وسقم ما قاله عن اردوغان، لانه ينطلق من دوافع حزبية وطائفية ضيقة، والتحزب والتعصب لشيء ما يفقدان الشخص القدرة على التعامل بموضوعية مع هذا الشيء، لكننا نسأل القرضاوي بعض الاسئلة ونتمنى ان يتسع صدره لا للاجابة عليها بل للاستماع اليها فقط :

– كيف يمكن ل”خليفة المسلمين اردوغان”، القبول باحتضان سفارة العدو الصهيوني الغاصب لاقدس مقدسات المسلمين، على ارض “الخلافة الاسلامية”؟.

-لماذا اعاد “خليفة المسلمين” فتح ابواب سفارة العدو الصهيوني، بعد المجازر التي ارتكبها الصهاينة في غزة؟.

-لماذا يقيم “خليفة المسلمين” حلفا استراتيجيا، سياسيا وعسكريا وامنيا، مع العدو الصهيوني المغتصب القدس؟.

-لماذا يبلغ حجم التبادل التجاري بين “دولة الخلافة الاسلامية” والكيان الصهيوني، الذي يهدد بهدم المسجد الاقصى، اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، عشرات المليارات من الدولارات؟.

-لماذا يجند “خليفة المسلمين” حتى الشياطين، ل”انقاذ” الشعب السوري من الحكومة السورية، بينما يعانق ويأخذ بالاحضان زعماء الكيان الصهيوني، الذين يحاصرون قرابة مليوني فلسطيني في غزة ومنذ سنوات؟.

-ياشيخ من الذي منحك الحق بالتحدث باسم نحو ملياري مسلم، عندما تمتدح اردوغان باسمهم؟.

-ياشيخ من الذي خولك بالحديث عن الملائكة، وتقول بلسانهم انهم مع اردوغان؟.

-ياشيخ من الذي خولك اصلا ان تتحدث باسم الله، وتزكي اردوغان، الذي القى بمئات الالاف من المسلمين الاتراك في السجون وخارج دوائرهم ومعاملهم ومدارسهم وجامعاتهم ومحلهم واعمالهم، وتطارد اضعاف هذا العدد، بذريعة الانقلاب، فهل يعقل ان يشارك مئات الالاف من الناس في انقلاب عسكري؟.

بقي هناك سؤالان، سنطرحهما مع شيء من التفصيل على القرضاوي، حول حقيقة محاربة “خليفة المسلمين اردوغان ” للارهاب التكفيري، وكذلك حقيقة “دفاعه عن السنة”.

قبل ايام نشر موقع “ويكيليكس”، عشرات الآلاف من الرسائل الإلكترونية المسربة التي اثبتت تورط وزير الطاقة التركي بيرات البيرق (وهو صهر أردوغان)، في تهريب داعش النفط السوري والعراقي إلى تركيا، عن طريق وسطاء من شركة “باور ترانس”.

هل سمعت ياشيخ بهذا الخبر الاكيد والموثق؟، ما هو رايك؟، وهل يصح ان يقيم رجال في بلاط “خليفة المسلمين” بشراء نفط سرقته عصابات تكفيرية، من شعبين مسلمين هما الشعب العراقي والشعب السوري؟.

قبل ايام ايضا دعت منظمة العفو الدولية السلطات التركية للسماح بعودة 24 ألف شخص إلى منازلهم في بلدة سور في محافظة دياربكر (ذات الغالبية الكردية)، بعد ان طردتهم قسرا، نتيجة تكتيكات ترقى إلى “العقاب الجماعي”، وصادرت في آذار/ مارس معظم اراضيهم تحت ذريعة محاربة حزب العمال الكردستاني، كما اتهمت المنظمة الدولية القوات الأمنية التركية بطرد نحو نصف مليون شخص من منازلهم في جنوب شرق تركيا.

-هل سمعت ياشيخ بهذا التقرير؟، وما هو رايك؟.

-اود ان اذكرك ان الاكراد هم من المسلمين السنة، وان اردوغان كما ترى انت “خليفة المسلمين والمدافع العنيد عن السنة”، ترى كيف تبرير ظلم “الخليفة” بحق الاكراد؟.

-كيف يمكن ياشيخ ان تبرر لنا حرق “خليفة المسلمين” العراق وسوريا بذريعة الدفاع عن اقليات تركمانية “سنية”، بينما يقوم بقتل وتشريد مئات الالاف من الاقلية الكردية “السنية” في بلاده، في الوقت الذي يؤكد فيه الاسلام انه لافرق بين عربي ولا اعجمي الا بالتقوى؟.

-ياشيخ لماذا لا تبرر للرئيس السوري مقاتلته للجماعات المسلحة التي تحاول اسقاط النظام في سوريا، رغم انها تكفيرية ومجرمة قادمة من 80 بلدا باعترافها هي، بينما تسطر التبريرات لاردوغان على حربه على الاكراد انطلاقا من تعصب قومي اعمى؟.

قد يكون الاعلام التابع لاردوغان ومن ورائه الاعلام المتحزب والمتعصب له في بعض الدول العربية، بالاضافة الى الدعم الاعمى له من امثال القرضاوي، قد نجح لبعض الوقت في اخفاء جانب من تشوهات وجه اردوغان، الا ان بشاعة هذا التشوهات، كانت اكبر من ان يُغطى عليها.

* شفقنا