إثنان في جيب واحدة.. زيارة نتنياهو: نظرة المؤامرة

إثنان في جيب واحدة.. زيارة نتنياهو: نظرة المؤامرة
الثلاثاء ١٤ فبراير ٢٠١٧ - ٠٩:١٨ بتوقيت غرينتش

قبل ثلاثة أسابيع افتتح في احتفال رسمي أنفاق القسطل. فالأنفاق هي بالضبط أنفاق – وهي بالإجمال معبر تحت أرضي طوله 800 متر. وعلى الرغم من ذلك، فقد تكبد رئيس الوزراء ووزير المواصلات عناء المجيء لقص الشريط. وفي هذه المناسبة قال نتنياهو ان فتح الأنفاق هو “حدث بمستوى تاريخي، إذ أن الطريق الى القدس، عاصمة "إسرائيل"، لم تكن أبدا اقصر”.

العالم - صحف عبرية

في هذه الأثناء تبين أن الطريق الى القدس لم تقصر على الإطلاق، بل العكس، طالت، ولا سيما في ساعات أزمة السير، حين يدخل التغيير عشرات الاف السكان في مفسيرت تسيون الى نوع من الحصار، وأن تقصير الطريق سيأتي، اذا كان سيأتي، فبعد بضعة اشهر فقط. باختصار، حدث كان هنا بالتأكيد، ولكن التاريخ تلبث في المجيء.
ضد ماذا يقال هذا؟ ضد زيارة نتنياهو الى البيت الأبيض لدونالد ترامب. نتنياهو ليس الزعيم الأجنبي الأول الذي يصل الى واشنطن. فمنذ تنصيبه استضاف ترامب رئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي، ورئيس وزراء اليابان شينزو آبي.  ومع عبدالله ملك الاردن عقد لقاء قصيرا، ارتجاليا. ومع رؤساء دول اخرى، وعلى رأسهم رئيس روسيا بوتين، ورئيس الصين "جينفينغ"، تحدث هاتفيا.
فقد خلفت هذه الإتصالات وراءها أثرا من الحرج والكثير من علامات الاستفهام. في الجانب الحرج يجدر بالذكر المصافحة التي لا تنتهي والتي فرضها ترامب على رئيس الوزراء الياباني، والجهل الذي أبداه في حديثه مع بوتين حول اتفاق تقييد السلاح النووي. ذات اهمية أكبر كانت المكالمة الهاتفية مع رئيس الصين. ففور انتخابه اشار ترامب الى أنه يعتزم التنكر للإعتراف بصين واحدة، والإعتراف بتايوان كدولة. وقد فسرت الخطوة كإعلان حرب على الصين. وفجأة تراجع، والخطوة كانت وكأنها لم تكن.
الإنطباع المتبقي صعب. ترامب يرتجل؛ والأخطر من ذلك، ترامب يتخبط. فليس لإدارته بعد سياسة خارجية متبلورة. السياسة تترنح، مثل سائق سكير، بين مستشارين مختلفين، بين افكار متضاربة وآراء متضاربة. القاسم المشترك الوحيد هو التطلع على التغيير، إثارة الإنطباع والضجيج. وها هو، بالذات قبيل زيارة رئيس وزراء "اسرائيل" جرى عمل اعدادي. رجال نتنياهو، السفير رون ديرمر، ومبعوثون من البلاد التقوا رجال ترامب. وفي اعقاب اللقاءات تبلورت توافقات خطية، يتلوها ترامب من الورق.
ترامب نفسه استضاف عشية الزيارة شيلدون أدلسون، الذي استثمر 120 مليون دولار في حملته الإنتخابية وحملة حزبه، ويستثمر مبالغ هائلة في دفع نتنياهو الى الأمام. التوقيت ليس مصادفا: فترامب يفهم العلاقة، يعرف انه ونتنياهو ينبشان الواحد الى جانب الاخر في محفظة ادلسون، بطاقتي ائتمان في جيب ثري واحد.
لقد أعطت النشاطات الحثيثة حتى اليوم نتائج مفاجئة: فالى جانب تصريحات المحبة العمومية، غير الملزمة ل"اسرائيل"، والإنتقاد باثر رجعي لموقف اوباما من "اسرائيل"، البيت الأبيض وترامب نفسه، يعلنان عن معارضة صريحة لتوسيع المستوطنات. وهما يردان تحقيق وعودهما الإنتخابية، بما فيها نقل السفارة الى القدس والغاء الاتفاق النووي. ويؤخران تعيين ديفيد فريدمان، السفير المحب للمستوطنات. ترامب بالذات والان بالذات.
عندي نظرية تشرح الإنعطافة. النظرية تآمرية: ليس لدي أدلة تؤكدها، بل مجرد قرائن ظرفية. فتخفيض التوقعات تم بناء على طلب نتنياهو. وعمليا، هذه هي البادرة الطيبة التي اعطاها ترامب لنتنياهو قبيل لقائهما.
يعيش نتنياهو معركة غير بسيطة مع بينيت ومع وزراء في الليكود. فهذه المجموعة ترى في انتخاب ترامب فرصة لمرة واحدة لضم الضفة. اما نتنياهو فيخشى الإعلان عن الضم، ولا يقل عن ذلك يخشى التعزز السياسي لبينيت. وهو يتمسك بالوضع الراهن، ويحتاج لرئيس امريكي يسنده. اما الإنجازات من الزيارة، اذا كانت ستكون انجازات، فهو سيوليها لنفسه، وليس لضغوط لوبي المستوطنين.
ليس صدفة أن قال نتنياهو أمس في جلسة الحكومة إنه بخلاف الاخرين، أي بينيت ووزراء الليكود، ما يعنيه في الزيارة هو تعزيز الأمن. وتعزيز الأمن هو الإسم الحركي لإعلان بشأن ايران. ايران في الداخل، بينيت في الخارج.
• ناحوم برنيع - يديعوت

208 

تصنيف :