مؤتمر دعم الانتفاضة الفلسطينية: وضوح جبهتي الحق والباطل وزوال الرمادية النفاقية

مؤتمر دعم الانتفاضة الفلسطينية: وضوح جبهتي الحق والباطل وزوال الرمادية النفاقية
الجمعة ٢٤ فبراير ٢٠١٧ - ٠٨:٢٧ بتوقيت غرينتش

قد يبدو لكل عربي ومسلم حريص على الوحدتين العربية والاسلامية ، وحريص على القضية الفلسطينية ان مسارعة الانظمة العربية الى "اسرائيل" لاجراء تحالف عميق وحقيقي ضد محور المقاومة والممانعة وضد القضايا العربية والاسلامية وعلى راسها فلسطين والقدس برعاية اميركية ؛ انما هو أمر مر جدا وباعث على اليأس والاحباط ويشكل خسارة جسيمة لصالح امريكا و"اسرائيل" ضد العرب والمسلمين !! نعم قد ييدو للعربي والمسلم ذلك، الا ان الواقع يقول غير ذلك.

ان الواقع يقول: إن ما يجري ليس ضد المصالح العليا للعرب وللمسلمين، وليس ضد قضاياهم العادلة، بل هو لصالح العرب والمسلمين، ولصالح قضاياهم العادلة والمحقة ولاسيما القضية الفلسطينية !!

ولكل عربي ومسلم أن يسأل لماذا كل ما يحصل هو لصالح العرب والمسلمين ولصالح قضاياهم العادلة والمحقة لاسيما القضية الفلسطينية الام ؟؟!! والجواب باختصار : ان ما يجري الان من تحالفات علنية متسارعة بين الانظمة العربية  التابعة لامريكا وبين "اسرائيل" كان له الفضل بزوال المساحة الرمادية بين المحور( الامريكي - الاسرائيلي - الاعرابي) وبين محور (المقاومة والممانعة)، وكان له الفضل ايضا بزوال المنافقين المذبذبين  الذين كانوا متمركزين في هذه المساحة الرمادية النفاقية ، وكانوا عبئا على محور المقاومة والممانعة  !!!

فهؤلاء وبسبب هذه التحالفات مع "اسرائيل" صار تمركزهم واضحا ومعتلما، وجبهتهم واضحة ومعتلمة، لانهم لم يعد لهم الخيار بالبقاء في المساحة الرمادية وممارسة النفاق والتذبذب ؛ فاضطروا اخيرا ونهائيا للالتحاق العلني بمحور امريكا و"اسرائيل"، واراحوا بذلك امتنا العربية والاسلامية من الابتزاز المادي والاعلامي والدعائي والامني الذي كانوا يمارسونه باسم قضايا العرب والمسلمين لا سيما قضية فلسطين !!!

لقد أراح هؤلاء محور المقاومة والممانعة بمسارعتهم العلنية  في اميركا و"اسرائيل" من التعب الكبير الذي كان يمارسه قادة محور المقاومة والممانعة من اجل اقناع الشعوب العربية والاسلامية بأن هؤلاء هذا هو وجههم الحقيقي !! فأتت هذه التطورات التحالفية بين الاعراب و"اسرائيل" لتكشف هذا القناع الحقيقي لاصحاب المساحة الرمادية هؤلاء ولتقول للامتين العربية والاسلامية بلسان الحال والتحقق العملي الواقعي: هؤلاء هذه هي حقيقتهم !! انظروا اليهم مع من هم الان ؟؟ والى اي جبهة ومحور ينتمون ؟؟!! ها هم يسارعون في اعداء العرب والاسلام وفي مغتصبي فلسطين ؟؟؟؟!!!

ان هذه الانظمة الاعرابية المسارعة للتحالف العلني مع "اسرائيل" بعد طول أمد من التحالف السري معها؛ اوصلت الشعوب العربية والاسلامية الى نتيجة مهمة مفادها : ان العدو الحقيقي والفعلي لـ"اسرائيل"، وان الناصر الحقيقي والطليعي والفعلي لفلسطين ولقضيتها العادلة انما هو هذا المحور المقاوم والممانع وعلى راسه الجمهورية الاسلامية الايرانية ، وان هذا المحور هو المحور الوحيد الذي يعول عليه بعد الله المتعال لاسترجاع القدس، وكل  الاتهامات التي كانت تكيلها الانظمة الاعرابية الجاهلة والمتعفنة  - والذين معم -  ضد ايران ومحورها المقاوم انما هي من صميم عمالتهم وتبعيتهم لامريكا ومن صميم تحالفهم السري السابق مع "اسرائيل" والذي اضحى علنيا !!

فكل الذي كانوا يتهمون به ايران من تفريس ومجوسية وصفوية وتشييع وما الى ذلك انما كان ضمن وظيفتهم كأتباع لامريكا ومن موقع تحالفهم السري مع "اسرائيل" !! اما الان فبمجرد ان اصبحوا حلفاء لـ"اسرائيل" في العلن فقد كشفت ورقة التوت فضيحتهم، وظهر للعيان العربي والاسلامي ظاهر امرهم !! وقد اسفر صبح خيانتهم لذي عينين !!

ومن هذا المنطلق فقد جاء مؤتمر دعم الانتفاضة في فلسطين المنعقد بطهران ليعلن وضوح الجبهتين: جبهة الحق الممثلة بمحور المقاومة والممانعة ، وجبهة الباطل الممثلة بمحور امريكا و"اسرائيل" والانظمة الاعرابية ومن لحق بهم !! محور فلسطين والقدس العربية الاسلامية ضد محور "اسرائيل" واورشليم الصهيونية المجردة عن العروبة والاسلام !!

وفي هذا المؤتمر ظهر جليا غياب المساحة الرمادية واضمحلالها بالكلية، والتحاق جميع المنافقين الذين كانوا فيها بجبهة اميركا و"اسرائيل" والاعراب حتى ولو كانوا من نفس البيت الداخلي !!!

وليس هذا المؤتمر قد فضح الانظمة الاعرابية الجاهلية المتعفنة فحسب، وانما فضح اولئك الذين رموا الحصى في بئر لطالما أروتهم من عطش!!

والامام الخامني دام ظله كان واضحا في خطابه امام الحضور في المؤتمر من ناحية ان على سائر الفلسطينيين التوحد صفا واحدا في طريق الاقتدار لاسترجاع فلسطين كاملة ، كما ان سماحته كان واضحا بأن الجمهورية الاسلامية الايرانية انما هي تدعم كل الفلسطينيين في معركتهم ضد "اسرائيل" ولا تنظر الى فريق فلسطيني بعينه دون الاخر!! وهذا يعني ان الفلسطيني الذي يقاوم "اسرائيل" عمليا وفعليا هو حليف للجمهورية الاسلامية الايرانية لاي فصيل انتمى حتى لو لم يلتق بالايرانيين ولم يرهم، وهو سيلقى كل دعم طالما انه في هذا الاتجاه المقاوم !!

لا ريب بأن وجود المنافقين في المساحة الرمادية ومن ثم التحاقهم في جبهة الباطل في الظروف الحساسة التي تفرض عليهم حسم خياراتهم ؛ ليس بدعا من الناس ولا من الصفات ، وانما كان لهم فيما مضى سلف، وهم خلف لهذا السلف، وقد اخبرنا الله المتعال عنهم في القران المجيد، وصرح بأن كل من يتولى الاعداء فهو منهم، وصرح بأن ابتلاء هؤلاء بمرض القلب جعلهم يسارعون فيهم خشية خسارة دنياهم، وخشية ان تدور الدائرة عليهم .

يقول الله المتعال عن هؤلاء في سورة المائدة : {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ • فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ}.

نعم ان هؤلاء هم من نفس شاكلة اسلافهم ، فإن مرضى القلوب كال سعود والاعراب ومن التحق بهم ممن كانوا يحسبون على محور المقاومة والممانعة سابقا يتحدثون بنفس اللغة وينتهجون نفس المنهج ، ويقولون بلسان حالهم: نحن لا نستطيع ان نكون الا مع امريكا  ومحورها او مع من هو مع الذين هم مع امريكا ومحورها (اي مع ومع من مع)، وما ذلك الا  من اجل ابقاء كراسينا والمحافظة على متعنا وشهواتنا وكي لا تصيبنا دائرة !!!

واما الذين غدروا فإن انطباق هاتين الايتين عليهم  أبلغ واوضح !! وبلا ريب ان ندمهم الشديد سيكون عندما يتم الفتح ويدخل المؤمنون المجاهدون الصابرون فلسطين والقدس ولات حين مندم.{فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ}.

* بقلم الشيخ توفيق علوية