رسالة بدماء الفقهاء

رسالة بدماء الفقهاء
السبت ٢٥ مارس ٢٠١٧ - ٠٦:٥٢ بتوقيت غرينتش

احد الزملاء الصحفيين ارسل لي رساله كنت ساعتها اتابع التلفاز يسالني عن مازن الفقهاء، من هو هذا الشاب، كان رد فعلي الاولي بالاجابة هل اضافوا له تهما جديدة؟ فجائني الرد.. لا لقد قُتل في منزله في غزة، ادركت لثوان معدودة ان الخطب جلل وان قضية الاغتيال ليست عادية، وكغيري من الصحفيين وحتى المتابعين انتقلت الى مواكبة ما يصدر من غزة رسميا وغير رسمي لبناء رواية كاملة لما حدث.

العالم - فلسطين

اما لماذا اجبت زميلي قبل ان اعرف سبب سؤاله؟ فكان معرفتي المسبقة بأن الكثير من اصابع الاتهام الاسرائيلية موجهة الى مازن الفقهاء، لاسيما فيما يتعلق بتشكيل خلايا قسامية في الضفة الغربية ، قيادة حماس لم تستيقظ من الكابوس الا بعد اكثر من ساعتين حتى ان اعلامها المتمثل بفضائية الاقصى تعامل مع الحدث في اللحظات الاولى ولاكثر من نصف ساعة بشيء من التخبط عبر الاعلان عن مقتل مواطن في منطقة تل الهوى برصاص مجهولين ومن ثم الانتقال الى تحقيقات الشرطة والبحث عن طرف خيط الى ان جاء بيان الجهاز العسكري لحماس كتائب القسام جليا ليوضح ان الفقهاء اغتيل برصاص الغدر والخيانة وتحميل الاحتلال وعملائه مسؤولية استشهاده.

هنا توقف القيل والقال والحديث عن تصفية داخلية وبدا الحديث عما هو اعمق من ذلك ولماذا اقدم الاحتلال على هذه الخطوة الجريئة ، عشرات التحليلات قراتها واستمعت اليها بعد الاغتيال بساعتين وحتى اللحظة وغالبيتها صحيحة، تل ابيب ارادت ارسال رسالة للقسام ولحماس بانها قادرة على الوصول الى عمق القطاع ،رسالة الى القائد الجديد في قطاع غزة يحيى السنوار ووضعه امام تحد حقيقي، كل ذلك صحيح وكل ذلك جزء من الواقع.

لكن عملية الربط باغتيال مازن الفقهاء محرر صفقة الوفاء للاحرار وبين محاولة الاحتلال عبر الولايات المتحدة تحريك دعوى ضد احلام التميمي محررة ذات الصفقة واعلان ليبرمان انه سيلاحق محرري الصفقة كما لاحقت اسرائيل الضباط النازيين في القرن الماضي يقودنا الى ان تل ابيب بدات بالفعل تستهدف هؤلاء قبل الولوج الى صفقة جديدة منتظرة مع حماس بهدف افراغ اي صفقة قادمة من مضمونها قبل ان تحدث، فاذاكان مصير الاسرى المحررين اما الاغتيال واما الاعتقال من جديد كما حدث لغالبية المحررين الذين اعيد اعتقالهم واعيدت لهم الاحكام او الملاحقة في اسقاع الارض.. فهذا يعني ان اي صفقة مع حماس مهما كان ثمنها لا تعني شيئا مادام الامر تحسمه اسرائيل بيدها، وقراءة اخرى لما حدث ان تل ابيب لم تسمح لمسؤولي حماس خاصة من المحررين العبث بامن الضفة الغربية في وقت تؤكد كل المؤشرات ان اسرائيل تتجه الى علاقة جديدة مع الضفة الغربية تقوم على تهميش السلطة الفلسطينية وضم اكثر من ستين في المائة من اراضي الفلسطينيين، وهذا يعني بان الامن سيعود تدريجيا الى يد جيش الاحتلال ومخابراته، وهذا يعني بان اي عمل عسكري في الضفة الغربية في المرحلة المقبله سيكون موجها بشكل مباشر الى المنظومة الامنية الاسرائيلية.

ولان الاحتلال يدرك بان القرار بالعمل العسكري في حركة حماس لن يكون نابعا من الضفة لان قيادات الضفة الغربية للحركة لم يغادروا السجون منذ عقود ومن غادرها منهم بات اما في الدوحة واما في غزة.

"اسرائيل" ارادت ان ترسل رسالة مباشرة لهؤلاء عبر احد انشطهم مازن الفقهاء انكم ان فكرتم في التحرك ستطالكم ايدي اجهزتنا الامنية، لكن ما ارادته اسرائيل من نتائج ليس قدرا ان يتحقق، وفي كثير من الاحيان كانت النتائج تاتي بشكل عكسي.

والامر يتعلق بقيادة حماس الامنية في القطاع بان لا تتوانى في كشف تفاصيل الاغتيال ومن يقف خلفه، وان ترسل رسائل سياسية واضحة المعالم لاسرائيل بانها قادرة على ضبط المنظومة الامنية والحفاظ على حياة قادتها.. وان تمنع تكرار هذا المشهد الذي صعق الكل بهذه الطريقة، فقط تكون اسرائيل فشلت في تمرير مخططها على الارض.

* مراسل العالم/ فارس الصرفندي
103-3