إعتداءات لندن .. للإرهاب عنوان

إعتداءات لندن .. للإرهاب عنوان
الإثنين ٠٥ يونيو ٢٠١٧ - ٠١:٢٩ بتوقيت غرينتش

شهدت لندن، خلال العقدين الأخيرين، 7 هجمات إرهابية كبيرة، كان آخرها مساء السبت الماضي عندما قاد ثلاثة مهاجمين شاحنة فان صغيرة بسرعة كبيرة ودهسوا المارة على جسر لندن قبل أن يطعنوا آخرين في شوارع قريبة مما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص على الأقل وإصابة 48 اخرين حالة 21 منهم حرجة، وقتلت الشرطة المهاجمين الثلاثة.

العالم - مقالات

رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي قالت بعد الهجوم، “لقد طفح الكيل .. إن الوضع لا يمكن أن يستمر على ما هو عليه وإنه لا بد من إعادة النظر في استراتيجية التعامل مع الإرهابيين .. من اين جاء هؤلاء”.

اغلب قادة العالم اعلنوا وقوفهم الى جانب بريطانيا من اجل التصدي لـ”الارهاب” و”الارهابيين” وعلى راسهم الرئيس الامريكي دونالد ترامب، ولكن من دون ان يحددوا طبيعة هذا “الارهاب” او طبيعة “الارهابيين” الذين اعلنوا اتحادهم من اجل التصدي لهم، سوى انهم “متشددون اسلاميون”.

الارهاب الذي يضرب لندن وضرب من قبل اوروبا وامريكا وكندا واستراليا وغيرها من البلدان الغربية والاسيوية مثل الفيلبين واندونيسيا، ليس هو الذي يقصده الزعماء والقادة الذين ابرقوا لرئيسة وزراء بريطانيا واعلنوا وقوفهم معها للتصدي له، فهؤلاء الزعماء قد حددوا الارهاب الذي يقصدونه في قمم واجتماعات متعددة ومنها قمة الرياض الاخيرة التي تعتبر اكبر تجمع دولي لمحاربة “الارهاب” حيث شارك فيها 56 دولة عربية واسلامية تقودهم امريكا ترامب، وتبين بعد يوم حافل بالكلمات والبيانات ان “الارهاب” الذي تم تاسيس التحالف الترامبي لمكافحته هو ايران وسوريا وحزب الله حماس وكل الفصائل التي تحارب “داعش” والقاعدة والجماعات التكفيرية الاخرى، في العراق وسوريا واليمن من دون ان تسميها القمة الترامبية في الرياض.

كان واضحا ان قمة الرياض اضافت على استحياء عبارة الارهاب بشكل عام وفضفاض، بعد ان ذكرت بالاسم ايران وحزب الله وحماس، فمثل هذا النفاق الامريكي في التعامل مع الارهاب الحقيقي الذي يضرب الغرب اليوم، بعد ان تمرد على صانعيه، هو الذي جعل من الصعب مكافحته بشكل جاد، فهذه القمم ترى في الارهاب التكفيري على المدى القصير والمتوسط اداة ضرورية للتصدي لمحور المقاومة الذي يضم ايران وسوريا وحزب الله وحماس والعراق واليمن، بهدف الحفاظ على امن واستقرار “اسرائيل”.

ان بريطانيا التي تساءلت رئيسة وزرائها عن هوية منفذي اعتداء لندن “من اين جاء هؤلاء؟”، تعرف قبل غيرها من هؤلاء؟ ومن اين جاؤوا؟، وماهي العقيدة التي يحملونها والتي تبرر القتل بهذا الشكل العبثي للابرياء؟.

تيريزا ماي وترامب وماكرون وميركل وباقي زعماء وقادة الغرب، يعرفون جيدا ان من يفجر ويذبح ويدهس ويطعن الابرياء في شوارع اوروبا والغرب بشكل عام، انهم خريجو ومرتادو المراكز الدينية التي تنشر العقيدة الوهابية السلفية التكفيرية، وسمحت اوروبا للمئات والالاف منها ان تنشط في ربوعها بحرية مطلقة، في مقابل صفقات اسلحة واستثمارات بمئات المليارات من الدولارات وفي مقابل النفط الرخيص، وفي المقابل هؤلاء الزعماء والقادة يعرفون ايضا انه لن يحدث ولا مرة واحدة ان قام مواطن اوروبي مسلم لا يرتاد تلك المراكز الدينية الوهابية ولا يحمل عقيدة تكفيرية، بما يقوم به هؤلاء التكفيريون.

بريطانيا، وباعتراف صحافتها، كانت تغض الطرف عن توجه خريجي المراكز الدينية السلفية على اراضيها الى “الجهاد” في سوريا والعراق، حتى وصل عددهم الى اكثر من الف شخص، وعاد العديد منهم بعد ان ارتكبوا جرائم بشعة بحق الشعبين والجيشين العراقي والسوري، الى بريطانيا ليمارسوا هواية القتل من اجل القتل في شوارع لندن ومانشستر.       

هذا النفاق لم يكن بريطانيا صرفا، بل هو نفاق فرنسي والماني وامريكي وغربي بشكل عام، فهذا النفاق يغض الطرف عن الارهاب الذي يفتك بشوارع الغرب ويقتل الابرياء فيها، ونراه  يلصق تهمة الارهاب بمحور المقاومة، من اجل ان “يعم الامن والاستقرار” في شوارع “اسرائيل” ، فهذه الخسة والنذالة في التعامل مع الارهاب، هو الذي يجعل الغرب يدور في دائرة مفرغة ويضحي بامن واستقرار مجتمعاته من اجل ارضاء “اسرائيل”.

الغرب يعرف قبل غيره وفي مقدمته بريطانيا، ان ايران هي حربة التصدي لعصابات “داعش” في العراق وسوريا وقدمت العديد من خيرة ابنائها على هذا الطريق، كما ان حزب الله صاحب الدور المشهود في محاربة الارهاب التكفيري “الداعشي” والقاعدي، وقدم الالاف من الشهداء على هذا الطريق، كما كان الجيشان السوري والعراقي واليمني من اكثر الجهات التي وجهت ضربات قاصمة للارهابيين التكفيريين، اما الحشد الشعبي وباقي فصائل المقاومة المرتبطة بمحور المقاومة، فهي التي حافظت على اعراض الناس ومقدساتهم من الهجمة “الداعشية” الدموية، وقدمت الالاف من الشهداء على هذا الطريق، ونتمنى بالمقابل ان تضع الدول التي انخرطت في محور ترامب لمكافحة الارهاب قائمة باسماء شهدائها الذين سقطوا في معركتهم مع “داعش” والتكفيريين؟!.

ليس امام بريطانيا والغرب، وهنا نستثني امريكا ترامب التي انحازت الى نصف تريليون دولار وغيرت عناوين الارهاب، من وسيلة لمنع الموت من ان يبسط جناحه على شوارع مدنها، الا اغلاق المراكز التي تبث الفكر السلفي التكفيري، ومنع دعاة التكفير من استغلال المنابر الدينية والاعلامية، ومنع وصول الاموال التي تمول انشطة هذه المراكز والمدارس السلفية، والتعاون الامني الوثيق مع محور المقاومة وفي مقدمته العراق وسوريا وحزب الله، على الاقل في مجال مكافحة الارهاب التكفيري، وعدم الرضوخ للضغوط الصهيونية التي ترفض مثل هذا التعاون ولا تاخذ في الحسبان مصلحة المواطن الغربي، فمحور المقاومة لديه معرفة كاملة بمن يقاتله في سوريا والعراق، ومن بينهم التكفيريون القادمون من بريطانيا والغرب، لذلك من دون ان تتخذ بريطانيا والغرب هذه الخطوات الضرورية من اجل مكافحة الارهاب الحقيقي، فان هذا الارهاب سيبقى يزهق ارواح الابرياء في كل انحاء العالم وخاصة في اوروبا.

من بين الحجم الهائل من ردود الافعال ازاء اعتداءات لندن، يبقى رد فعل ايران هو الالصق بالحقيقة، فهو جاء ليذكر الغرب ان للارهاب عنوان ومن الخطأ اعطاء عناوين خاطئة له، الامر الذي سيجعله بمأمن من الملاحقة، فقد اعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية بهرام قاسمي اعتداءات لندن بأنها بمثابة “جرس إنذار” للمجتمع الدولي، داعيا الدول الغربية الى اجتثاث الارهاب من خلال معالجة أسبابه من جذورها وتجفيف مصادره المالية والأيديولوجية وهي اسباب وجذور باتت معروفة للجميع.

المصدر : شفقنا

109-1