ما وراء الحظر الأمریكی ضد إیران

ما وراء الحظر الأمریكی ضد إیران
السبت ٢٢ يوليو ٢٠١٧ - ٠٩:٢٩ بتوقيت غرينتش

من التبریرات الواهیة التي اعتمدتها ادارة ترامب لفرض عقوبات جدیدة ضد ایران، كان دعم ایران للمنظمات الارهابیة، في الوقت الذي لا یختلف فیه اثنان على ان ایران قامت وتقوم بالدور الابرز بین جمیع دول المنطقة في مكافحة الارهاب والجماعات الارهابیة، وقدمت الالاف من الشهداء والجرحى على هذا الطریق.

العالم - مقالات

ایران كافحت الارهاب فی العراق وسوریا، بدعوة من الحكومتین العراقیة والسوریة، وساهم دورها في هذا الشان دون سقوط بغداد ودمشق واربیل بید عصابات “داعش” والجماعات التكفیریة، وهو دور یأتي على نقیض دور امریكا الذي یأتي دون تنسیق مع حكومات تلك البلدان، ویصب عادة في صالح المجامیع التكفیریة وعلى الضد من الحكومات والجهات التي تحارب هذه المجامیع.

من الواضح ان “المجامیع الارهابیة” التي تزعم امریكا ان ایران تدعمها في المنطقة، لیست بالتاكید “داعش” ولا القاعدة و لا باقي الجماعات التكفیریة الاخرى، بل هي حركات المقاومة الاسلامیة في المنطقة وفي مقدمتها حزب الله في لبنان وحماس والجهاد الاسلامي في فلسطین، لانها تهدد امن واستقرار “اسرائیل” ولیس المنطقة كما تدعي امریكا.

من الواضح ایضا ان الهجمة الامریكیة الشرسة التي یقودها الرئیس الامریكی ترامب ضد ایران، عبر تحشید الدول ودمجها قسرا في تحالفات اقلیمیة ودولیة ضد ایران، وعبر فرض عقوبات على طهران خارج نطاق القانون الدولي، تعود اسبابها الى الهزائم المنكرة التي لحقت بالجماعات التكفیریة وعلى راسها “داعش” ، على ید ایران ومحور المقاومة.

منطق الاشیاء یحتم على جمیع الدول ومنها الدول الأوروبیة ان تكرم المستشارین العسكریین والمقاتلین الإیرانیین بقیادة اللواء قاسم سلیماني، الذین سارعوا إلی تقدیم الدعم لحكومات المنطقة في مكافحتها للإرهاب التكفیري وأسهموا في هزیمته، كما دعا الى ذلك رئیس المجلس الاستراتیجي للعلاقات الخارجیة الایرانیة كمال خرازي في كلمة ألقاها بمركز جتم هاوس البریطاني للدراسات مؤخرا.

الى جانب الهزائم التي منیت بها الجماعات التكفیریة على ید ایران ومحور المقاومة في المنطقة، یعتبر انزعاج امریكا ترامب من الأجواء التي سادت العلاقات بین ایران والعالم بعد الإتفاق النووي، والتطور الحاصل في العلاقات الإقتصادیة بین إیران والقارتین الآسیویة والأوروبیة من الاسباب التي تفسر المواقف العدائیة لامریكا ضد ایران.

ان اعضاء ادارة ترامب لا یقولون الحقیقة عندما یتذرعون بانتهاك ایران لروح الاتفاق النووي، لفرض عقوبات جدیدة ضدها، فالتزام ایران بالاتفاق النووي وروحه محقق منه بشهادة الوكالة الدولیة للطاقة النوویة ومنظمة الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي وروسیا والصین والمانیا. ان التزام ایران الكامل بالاتفاق النووي، اضطر حتى ادارة ترامب للاعتراف رسمیا بهذا الالتزام الایراني، رغم رفض الادارة الامریكیة العلني للاتفاق، الذي اعتبره ترامب خلال حملته الانتخابیة وبعدها، بانه اسوأ اتفاق وقعته امریكا على الاطلاق.

نقض امریكا للعهود والمواثیق والاتفاقیات التي توقع علیها، لیس بالامر الجدید ولا یخص ایران فقط، فقد تخلت امریكا عن اتفاقیة باریس للمناخ، كما تراجعت عن تعهداتها والتزاماتها تجاه كوبا، وانتهكت العدید من الاتفاقیات الدولیة والاقلیمیة والثنائیة، تحت ذرائع واهیة.

الملفت ان ادارة ترامب التي لا تقیم وزنا للقانون الدولي ولا للمواثیق والمعاهدات الدولیة، وتتملص من التزاماتها الدولیة بصورة فجة، وتزعزع بهذه السلوكیات الشاذة امن واستقرار العالم، تدعي في المقابل زعامتها للعالم وحرصها على امنه واستقراره، وتهدد الدول الاخرى وتفرض العقوبات علیها، بذریعة انتهاكها “للقانون الامریكي” و “المصلحة الامریكیة“!.

الاتفاق النووي الذي ابرمته ایران مع القوى الست الكبرى في العالم والذي تم تاییده من قبل مجلس الامن الدولي، لیس اتفاقا امریكیا ایرانیا لتتملص منه امریكا بالسهولة التي یعتقدها ترامب، فهو اتفاق دولي، جمیع الدول التي وقعت علیه ملزمة بتطبیقه، وان اي انتهاك لهذا الاتفاق وروحه، كما تنتهكه الان ادارة ترامب، سیعرض امریكا للعزلة الدولیة، وسیثبت في المقابل للعالم اجمع وخاصة الاتحاد الاوروبي وروسیا والصین والمانیا، مدى احترام ایران للمعاهدات والمواثیق الدولیة.

ذریعة حقوق الانسان التي كثیرا ما تلجأ الیها امریكا من اجل فرض عقوبات على ایران، عندما لا تجد ما تتذرع به، فهي احدى الذرائع التي تكشف نفاق امریكا الفاضح وتعاملها المزدوج في هذا الشان، فهي تترصد كل صغیرة وكبیرة في ایران، البلد الشرقي العریق وصاحب الحضارة الضاربة في اعماق التاریخ، والذي خاض شعبه اكثر من 35 عملیة انتخابیة على مدى 37 عاما، بینما لا تتجاهل امریكا فحسب بل تدعم ایضا انظمة رجعیة قبلیة واسریة تعیش خارج التاریخ، لا اثر لحقوق الانسان ولا للانتخابات ولا لحریة الراي في ظلها، فقط لان ایران تدافع عن سیادتها واستقلالیة قرارها وتدافع ایضا عن الشعب الفلسطیني المظلوم امام العدوان “الاسرائیلي” ، بینما تلك الانظمة انظمة ذیلیة سائرة في الفلك الامریكي لا تناصب “اسرائیل” العداء بل تتحالف معه.

اخر ذرائع امریكا وراء فرض العقوبات ضد طهران، هي الضغط على ایران لوقف تطویر برنامجها الصاروخي، الذي تعتبره واشنطن تهدیدا لمصالحها وحلفائها في المنطقة، وینتهك حسب زعمها ایضا خطة العمل المشترك الشاملة (الاتفاق النووي)، بینما لا یحق لامریكا اتخاذ مثل هذه الاجراءات وفقا للاتفاق النووي، الذي لم يضع اي قیود على تطویر ایران لبرنامجها الصاروخى التقلیدي، باستثناء الصواریخ التي تصمم لحمل رؤوس نوویة، وهي رؤوس لا تملكها ایران اصلا.

الغریب ان امریكا التي تطالب ایران وقف برنامجها الصاروخي التقلیدي الردعي، یدعو قادتها ومنذ اكثر من 37 عاما الى تغییر النظام في ایران، ویضعون كل الخیارات ومن ضمنها العسكریة علي الطاولة لتحقیق هذه الغایة، وتترافق تهدیداتهم مع اجراءات عملیة تمتد من دعم وتمویل المجامیع الارهابیة لضرب امن واستقرار ایران، وتأمر بفرض حظر اقتصادي ظالم شمل حتى الدواء، وتنتهي بالتدخل في الشؤون الداخلیة الایرانیة عبر ذرائع “حقوق الانسان” و “محاربة الارهاب“.

ایران التي تتعرض لتهدید من قبل امریكا صاحبة السجل المتخم بالحروب والاحتلال والعدوان، ضد الشعوب والبلدان الاخرى، لا یمكنها تحت اي ظرف كان ان تتنازل عن قوة الردع التي تمتلكها او تتفاوض حولها ، والتي حالت دون الان من ان تتعرض لعدوان امریكي مباشر، لذلك ستبقى ایران تدافع عن قوة ردعها كما تدافع عن شرفها، وفقا لتصریح القائد العام لقوات حرس الثورة الإسلامیة اللواء محمد علي جعفري.

ماجد حاتمي / شفقنا

109-1