"إدلب" .. من سيحررها؟

الأربعاء ١٦ أغسطس ٢٠١٧ - ٠٣:٥٢ بتوقيت غرينتش

على حين يبدو، أنه بالون اختبار لمعرفة ردود فعل كل من الدولة السورية والأطراف الدولية الفاعلة في الحرب المستمرة منذ أكثر من ست سنوات، أعلن «حزب الاتحاد الديمقراطي – PYD» الكردي، عن رغبته بقيام ميليشياته بتحرير محافظة إدلب.

العالم - مقالات وتحليلات

إعلان «PYD» الذي جاء من مستشار الرئاسة المشتركة للحزب سيهانوك ديبو، في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، اعتبر فيه أن «قوات سورية الديمقراطية- قسد» هي التي ستقوم بتحرير إدلب بدعم وإسناد من التحالف الدولي. وأفضل من تُنسِّق معها «قسد في هذا المضمار هي روسيا».

لم يكن الإعلان مفاجئاً، إذا ما تم الأخذ بعين الاعتبار سياسة اللعب على حبال السياسة التي يتبعها الأكراد، واختيارهم توقيت حساس له برزت فيه إدلب كقضية رئيسة على طاولة البحث الدولية، بعد سيطرة تنظيم «جبهة النصرة» المدرج على اللائحة الدولية للتنظيمات الإرهابية على معظمها، الأمر الذي يستشف منه استغلالهم لإعلان الإدارة الأميركية مؤخراً الحرب على «النصرة» لكونها تنظيماً إرهابياً على لسان مبعوثها الخاص إلى سورية مايكل راتني، على اعتبار أن «التحالف الدولي» الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، يدعم «قسد» التي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية عمودها الفقري، وتعتبر الجناح العسكري لـ«PYD».

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: ما هي مواقف الأطراف الفاعلة في الحرب الدائرة في سورية، الدولة السورية، روسيا، الولايات المتحدة الأميركية، تركيا، إيران، مما أعلنه «PYD».

بالنسبة، للولايات المتحدة الأميركية، فقد أظهر بيان راتني، رغبتها في المشاركة في معركة إدلب، عبر حليفتها على الأرض «قوات سورية الديمقراطية، لكن هذا الأمر سيضفي مزيداً من التعكير على علاقاتها مع روسيا، لكون هذه المشاركة ستطيح باتفاق شرق نهر الفرات كمنطقة نفوذ لسلاح جو التحالف الدولي، وغربه كمنطقة لنفوذا لسلاح الجوي السوري وحلفائه روسيا وإيران، والذي توصل إليه وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري مع إطلاق روسيا عمليتها الجوية في سورية أواخر 2015.

وأما بالنسبة لروسيا، فإن ما رشح من أنباء عن أن ممثلي روسيا وإيران وتركيا «ضامني عملية أستانا» حققوا تقدماً خلال الاجتماع الفني في طهران قبل أيام بإقرار الخبراء من الدول الثلاث وثائق بينها واحدة تتعلق بآلية مراقبة الهدن والرد على الخروق، يشير إلى أن موسكو وأنقرة وطهران متفقة على ألا تدخل «قسد» إلى إدلب.

فأنقرة التي تنازع بحثاً عن دور رئيسي لها في إدلب؛ المنطقة الرابعة لـ«خفض التصعيد»، (بعد الجنوب والغوطة وريف حمص)، تتوجس خيفة من مطامع «وحدات حماية الشعب» في مد نفوذها إلى إدلب انطلاقاً من عفرين، وذلك بدعم من طيران «التحالف الدولي» الذي تقوده واشنطن ضد داعش، ما يعني بكل بساطة ولادة كيان كردي على امتداد الحدود السورية التركية بإطلالة على البحر المتوسط.

وهنا تتلاقى موسكو وأنقرة في موقفهما ذلك أن الأولى لا تريد تحقيق كابوس وصول الأميركيين إلى المتوسط عبر الشواطئ السورية، وأيضاً تدرك التداعيات الخطيرة لوصول «حماية الشعب» إلى المتوسط على وحدة الأراضي السورية.

كما أن روسيا تدرك أن ليس من مصلحتها إبعاد تركيا عن معركة إدلب، لأن ذلك سيدفع أنقرة للارتماء إلى حضن أميركا الطامحة في إحكام قبضتها على تركيا وإبقاء الترس التركي في منظومتها الأمنية للقرن الحادي والعشرين، والتي تعمل على بنائها لضمان بقائها القوة المهيمنة في النظام الدولي.

لكن أنقرة تشتبه في أن أميركا ساهمت في انهيار الوضع بالمحافظة عن عمد، عندما قطعت تمويل وتدريب المسلحين هناك ما جعلهم لقمة هينة أمام «النصرة»، عدا عن شكوك تراود تركيا بأن ما جرى من سيطرة لـ«النصرة» على إدلب جاء باتفاق ما بين واشنطن وميليشيا «حركة أحرار الشام الإسلامية» التي لوحظ أن قياديين فيها نشرت لهم مقالات في صحف أميركية.

كما يتلاقى الموقفان الروسي والتركي، مع موقف دمشق الرافض كلياً لمطامح الأكراد الانفصالية والذين بدا أنهم وضعوا كل بيضهم في السلة الأميركية، وهو ما عبر عنه نائب وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد مؤخراً في مقابلة صحفية بالقول: إن «الحكومة لن تسمح لهم بتهديد وحدة الأراضي السورية»، وتهديده بأن «من سيتحرك في تلك الاتجاهات يعرف الثمن الذي سيدفعه».

موقف طهران وبالنظر إلى مواقفها السابقة من الأكراد والرافضة لمواقفهم الانفصالية لن يخرج عن مواقف كل من دمشق وموسكو وأنقرة، وبالتالي يرجح أن تشهد الأيام المقبلة معركة دبلوماسية حامية على إدلب بين الولايات المتحدة من جهة وكل من دمشق وموسكو وأنقرة وطهران من جهة ثانية.

صحيفة الوطن السورية

2-4