مكيافيلي و... هيفاء وهبي !!

مكيافيلي و... هيفاء وهبي !!
الأربعاء ٢٣ أغسطس ٢٠١٧ - ٠٦:٠٢ بتوقيت غرينتش

هل يتصور الساسة في لبنان، او بعضهم على الأقل، اي نظام بديل كان يمكن ان ينشأ في دمشق لو تداعت المؤسسات السياسية، والعسكرية، والأمنية، للنظام الحالي .

العالم - مقالات

روبرت فورد، السفير الأميركي الذي قاد «الثورة» في بدايتها، وشارك في تظاهرة مدينة حماه، ان كنتم تذكرون، قال ان محاولة لملمة المعارضة، وهذا حدث أكثر من مرة، اشبه ما تكون بمحاولة لملمة شظايا طائرة انفجرت في الجو..

وفي ذروة «الثورة»، تحدث ديفيد شيلد، نائب مدير الاستخبارات في البنتاغون، عن اكثر من 1200 فصيل مسلح في سوريا. اشار الى استحالة جمع هذه الفصائل تحت سقف واحد، ان بطريقة الفيتكونغ او بطريقة اللوياجيرغا....

الصرخة من اجل الحرية والعدالة والديمقراطية كان لا بد ان تتحول الى كوميديا دموية . الفرنسي ايريك شوفالييه الذي مثّل بلاده لدى «الثور» قال منذ نحو عام «ان الصراع منذ البداية كان حول من يرث النظام».

لا ننفي مسؤولية السلطة عن عدم نشوء طبقة سياسية حتى ولو كانت ظلاً لهذا النظام. المشكلة ان هناك من لاحقه هاجس الانقلابات التي ارهقت سوريا واستنزفتها سيكولوجياً وسياسياً وحتى استراتيجياً..

سوريا، وبحكم الجدلية التاريخية، كانت دائماً تحمل قضايا العرب. هذا جعلها هدفاً للاستراتيجيات الاقليمية (تركيا واسرائيل وحتى السعودية والعراق). ولطالما لعبت السفارة الأميركية في رؤوس العديد من الضباط كما العديد من اهل السياسة..

لا مجال لاغفال البنية الجغرافية، كما البنية الديموغرافية، لسوريا. البنية المركبة التي يمكن تفجيرها اما عن قرب او عن بعد. ولطالما اشتكى ضباط الأطراف مثل دير الزور او القامشلي وصولاً الى اللاذقية والرقة، من «جموح» ضباط المدن الكبرى مثل دمشق وحلب وحمص ..

سوريا تتأرجح بين المشكلة الكبرى والقضية الكبرى . في لحظة ما، وفي ظل التفاعلات الجيوسياسية، فضلاً عن التفاعلات الايديولوجية، والكثير منها مبرمج استخباراتياً، كان لا بد ان تنفجر سوريا، وقد انفجرت ...

انفجار... الى أين؟ الى سلسلة لانهائية من الانفجارات، فيما لو سقط النظام، وسقطت معه الدولة أليس لافتاً ان الديبلوماسيين والسياسيين الذين انشقوا اقل عدداً من اصابع اليد، وان الضباط الذين انشقوا، وباغراءات تفوق التصور، كانوا اقل بكثير من ان يزعزعوا المؤسسة العسكرية؟.

بمنأى عن اي هوى سياسي، هل كان يمكن لأي جيش في العالم ان يصمد على مئات الجبهات، وفي مواجهة تدخلات من كل حدب وصوب، دون الأخذ بتلك الآراء الساذجة، ان لم نقل التافهة، التي اعتبرت انه لولا مؤازرة «حزب الله»، وبالتالي ايران ومن ثم روسيا لأصبح ذلك الجيش أثراً بعد عين...

متى وكيف؟ لو لم يقف الجيش السوري على قدميه ولم يتفكك من الأيام الأولى او الأشهر الأولى وسط الأعاصير، هل كانت تجدي اي مساعدة من الخارج؟.

الآن يصف المبعوث الأميركي مايكل راتني الائتلاف المعارض بـ«المهزلة». يغسل يديه من معارضي الأرائك الوثيرة الذين لا وجود لهم على الأرض .ليس هناك سوى تنظيم "داعش"، وهو قيد التصفية، وهيئة تحرير الشام التي تنتظر دورها في مستودعات الخضار في ادلب...

بالتأكيد، النظام بحاجة الى اصلاحات بنيوية بعدما اظهرت التطورات مدى الاختلال في قطاعات حيوية .الكل، ما عدا الرياض التي ما زالت تتعامل مع الفتات، يقولون باندثار المعارضة، على أمل أن يتفاعل اهل النظام مع النخب التي لم تلطخ ضميرها ولم تلطخ اصابعها...

في لبنان، ثمة من لا يزال يراهن على ذلك الفتات لأنه رهينة ثقافة الزنزانة او ثقافة الصومعة..

ولاة الأمر في عنجر ارتكبوا الفظاعات . اشدها فبركة العديد من نجوم الطبقة السياسية. الا تظهر الدوائر الانتخابية الجديدة ان ثمة من استنسخ غازي كنعان، لا بابلو بيكاسو ولا سلفادور دالي...

واشنطن قالت «لا تنسقوا مع «حزب الله» والا كان لنا موقفنا». لا أحد اعترض لأننا ندرك مدى هشاشتنا ومدى ارتهاننا .ماذا عن سوريا ؟ ذات يوم، كان يقال... هنيئاً لمن له مرقد ذبابة في عنجر!.

امامنا «مشكلة عضوية»، النازحون، التي قد تكون أكثر خطراً من مشكلة الارهاب. كيف المعالجة بمعزل عن دمشق ؟اذا دق جرس الاعمار، وعلا رنين المال، سقطت الحدود، وسقطت الكراهيات. ليحيا مكيافيلي الذي يمتطي ظهورنا منذ زمن الارجوان وحتى زمن ... هيفاء وهبي.

نبيه البرجي / الديار

109-2