النفاق الأمريكي والأزمة الخليجية

النفاق الأمريكي والأزمة الخليجية
الأربعاء ٢٣ أغسطس ٢٠١٧ - ٠٥:٥٢ بتوقيت غرينتش

رغم دخولها شهرها الثالث مازالت الازمة الناشبة بين السعودية والامارات والبحرين من جانب وبين قطر من جانب اخر ، تستعر وتتعقد وتتشعب يوما بعد يوم وسط توترات سياسية مرتفعة في منطقة الخليج الفارسي.

العالم - قطر

المقاطعة الخليجية لقطر اضرت كثيرا بالعلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى العائلية بين شعوب الدول المتورطة في هذه الازمة التي هزت مجلس التعاون والجامعة العربية.

من اكثر الدول التي كانت لها الدور الابرز في نشوب الازمة وديمومتها ووتعقيدها ، هي امريكا وبشهادة كل المراقبين الدوليين وخاصة الامريكيين انفسهم ، فالازمة اندلعت فور انتهاء القمم الثلاث التي استضافتها السعودية “على شرف” الرئيس الامريكي دونالد ترامب خلال زيارته للسعودية وهي القمة الامريكية السعودية والقمة الخليجية الامريكية والقمة العربية الاسلامية الامريكية.  

الازمة اندلعت بذريعة تصريحات ادلى بها امير قطر لوكالة الانباء القطرية اكد فيها ضرورة اقامة علاقات طبيعية مع ايران بصفتها دولة اقليمية مهمة ، واشاد فيها بمقاومة حزب الله وحماس ، رغم ان قطر نفت هذه التصريحات وقالت ان موقع الوكالة تعرض الى قرصنة ، وعلى اثرها قطعت السعودية والامارات والبحرين ومصر جميع علاقاتها مع قطر في الخامس من حزيران/يونيو الماضي متهمة اياها بدعم جماعات ارهابية واقامة علاقات وثيقة مع ايران.

الدور الامريكي في الازمة الخليجية كان مريبا الى درجة فاضحة ، فالرئيس الامريكي وعوضا من سحب فتيل الازمة ، قام بتفجيرها وبشكل لافت وغريب عندما اتهم قطر انها تدعم الارهاب وعليها ان تكف عن فعل ذلك ، الامر الذي اعتبرته السعودية والبحرين والامارات ضوءا اخضر من التصعيد في المقاطعة التي شملت حتى شاحنات الغذاء والماء.

في المقابل نأى وزير الخارجية الامريكي ريكس تيلرسون ووزير الدفاع جيمس ماتيس ، عن موقف ترامب من الازمة حيث كان الاول يصرح بتصريحات متناقضة ازاء الازمة ، بينما كان الثاني يؤكد على ضرورة الحفاظ على التعاون الامني والعسكري بين امريكا وقطر.

المواقف الامريكية المتناقضة من الازمة الخليجية لم تكن بسبب الفوضى التي تضرب البيت الابيض بعد دخول ترامب اليه ، ولم تكن ايضا لقناعة لدى المسؤولين الامريكيين من الازمة الخليجية ، بل هي سياسية مدروسة هدفها بث الفرقة بين الدول الخليجية الغنية للوصول الى خزائنها ، وهو ما فعله ترامب بذكاء عندما استولى على مئات المليارات من الدولارات من الدول الخليجية على خلفية هذه الازمة التي مازالت سببا لسرقة ما تبقى في خزائن هذه الدول من عائدتها النفطية والغازية.

آخر مظاهر النفاق الامريكي في التعامل مع الازمة الخليجية ، التي كانت من جانب كبير منها صناعة امريكية ، هي المناورات العسكرية التي تجريها امريكا مع قطر ، التي اتهمها ترامب بدعم الارهاب ، والتي اثارت العديد من علامات الاستفهام حول السياسة الامريكية التي تعمل على بث الفرقة بين حلفائها في المنطقة من اجل ابتزازهم وسرقتهم.

قبل ايام فقط وتحديدا يوم الثلاثاء 22 اب / اغسطس ، اجرت قوات المظلات القطرية والاميركية تدريبات عسكرية مشتركة في الدوحة ، اعتبرها الكولونيل ديفيد كيسي المسؤول العسكري في السفارة الاميركية في قطر ، بانها مؤشر على العلاقة القوية بين امريكا وقطر ، فيما طالب العديد من المسؤولين الامريكيين بالحفاظ على العلاقة الاستراتيجية بين قطر وامريكا على خلفية الجدل الذي اثير حول قاعدة العديد في الدوحة.

كل الدول المقاطعة لقطر ، وقطر نفسها ، ترتبط بامريكا ارتباطا وثيقا ، ولا ندري كيف يمكن فهم دعم امريكا للدول المقاطعة لقطر بذريعة دعم الارهاب بينما امريكا نفسها تقيم علاقات عسكرية وثيقة مع قطر وتجري معها مناورات عسكرية بصورة دورية؟. من الواضح انه لا يمكن وصف هذه السياسة الامريكية الا بالنفاق الفاضح الذي يهدف الى اثارة الازمات بين الحلفاء الاغنياء طمعا بثرواتهم ، كما هدد ترامب اكثر من مرة جهارا نهارا بسرقتها.

المصدر: شفقنا

106-3