فورين بوليسي: كيف تتعامل السعودية مع "شيعتها" وما موقفهم؟

فورين بوليسي: كيف تتعامل السعودية مع
الجمعة ٢٥ أغسطس ٢٠١٧ - ٠٤:١٣ بتوقيت غرينتش

نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا للباحث في شؤون الشرق الأوسط في منظمة "هيومان رايتس ووتش" آدم كوغل، عن ما يسميه النظام السعودي "الحرب ضد الإرهاب في بلدة العوامية".

العالم - مقالات وتحليلات

ويقول الكاتب إن حكومة الرياض قررت أن حربها ضد إيران يجب أن تبدأ في الجبهة الداخلية، وينقل عن أحد مواطني العوامية في شرق السعودية، قوله: "نحن خائفون، ولا نستطيع ترك بيوتنا، ومعظم المحلات مغلقة أو احترقت"، وأضاف: "أي شيء متحرك أصبح هدفا"، وكان يشير إلى المواجهات القاتلة التي شهدتها البلدة خلال الأشهر الماضية بين ما يسمى بـ"قوات الحرس الوطني" وبين ابناء العوامية.

ويشير كوغل في مقاله، إلى أنه بحسب الرواية الحكومية فإن العنف بدأ في أيار/ مايو، عندما بدأت قوات الأمن بخطة هدم حي المسورة التاريخي في البلدة؛ بزعم بناء مشروع جديد، حيث واجه الحرس الوطني اعتراضا من عدد غير معروف من الرجال، معظمهم تحاول الحكومة البحث عنهم منذ عام 2012؛ بسبب مشاركتهم في التظاهرات، فقامت بإغلاق البلدة بشكل كامل في تموز/ يوليو.

ويلفت الكاتب إلى أن منظمة "هيومان رايتس ووتش" تحدثت إلى خمسة طلاب من العوامية، ممن لم يتعاطفوا مع المعترضين، لكنهم حملوا قوات الحكومة مسؤولية استفزاز قتال طويل لم يكن له داع، وقالوا أن قوات الحرس الوطني كانت تطلق النار بطريقة عشوائية، أو تعتقل أي شخص يخرج من بيته، حتى لو كان من منطقة بعيدة عن حي المسورة.

ويرى الكاتب أن "العداء والشك من الدولة السعودية والمؤسسة الدينية وبعض السكان تجاه السكان الشيعة يعكس ما هو أكثر من عدم التسامح الديني تجاه الأقلية، بل إنه يعبر عن الجيوسياسية الإقليمية، ما أدى بالتالي إلى توسيع درجة الشك والعداء".

ويبين الكاتب أن "السعودية والإمارات زعمتا إن إيران تقوم بتوسيع نفوذها في اليمن ودول الخليج الفارسي، وهذا زعم عادة ما عكسته مراكز الأبحاث في واشنطن، التي تحظى بدعم مالي من هاتين الدولتين، بل إن المسؤولين السعوديين تبنوا خطابا يربط بين شيعة السعودية وإيران".

وينوه كوغل إلى أن حاكم المنطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف آل سعود أثار جدلا في نيسان/ أبريل 2015، عندما اطلق بعد مقتل رجلي شرطة في مدينة القطيف تصريحات طائفية هاجم فيها شيعة السعودية.

ويستدرك كوغل بأنه "رغم أن التطورات الإقليمية أدت إلى زيادة الشك من السكان الشيعة، إلا أن اضطهادهم بدأ قبل ذلك بفترة طويلة، حيث وثقت منظمة (هيومان رايتس ووتش) هذه المعاملة السيئة لسنوات طويلة، فالشيعة لا يحصلون على معاملة متساوية في النظام القضائي، وتمنعهم الحكومة من ممارسة شعائرهم بحرية، ولا تمنحهم إذنا لبناء مساجد إلا نادرا".

وبحسب الكاتب، فإن السعودية استثنت تاريخيا الشيعة من الخدمة في بعض القطاعات العامة والمناصب العليا، حيث لا يوجد في الوقت الحالي أي شيعي في السلك الدبلوماسي أو من بين قادة الجيش، بالإضافة إلى أن الطلاب الشيعة لا يستطيعون الدخول في الأكاديميات العسكرية وقوات الأمن، ويجبر الطلاب على دراسة مقرر تعليمي ينتقد شعائرهم الدينية.

ويؤكد كوغل أن "النظام القضائي يستخدم لإصدار قرارات تعسفية ضد الشيعة، حيث قدم العديد من الشيعة للمحاكم بسبب مشاركتهم في احتجاجات، بل حكم بالإعدام على بعضهم، وأكدت المحاكم قبل فترة حكم الإعدام على 14 شخصا في جرائم لها علاقة بالاحتجاجات والعنف، بما فيها استهداف دوريات للشرطة ومراكزها، وقامت محكمة ابتدائية بتأكيد هذه الأحكام كلها بناء على اعترافات تخلوا عنها أمام المحكمة، وقالوا إنها انتزعت منهم تحت التعذيب".

ويعلق الكاتب قائلا إن "هذه الحالات تشبه الأشكال القديمة التي وثقتها (هيومان رايتس ووتش)، حيث حللت 10 أحكام أصدرتها المحكمة الجنائية الخاصة في الفترة ما بين 2013 و2016، وفي الأحكام التي صدرت ضد سعوديين شيعة كلها قام المتهمون بالتراجع عن اعترافاتهم، التي قالوا إنهم أجبروا عليها في ظروف تصل للتعذيب، بما في ذلك الضرب والحبس الانفرادي الطويل".

ويبين كوغل أنه فيما يتعلق بأحكام الإعدام الأربعة عشر التي صدرت قبل فترة، فإن المحكمة رفضت الافادات بالتعذيب كلها دون التحقيق فيها، ورفضت مطالب المتهمين بإحضار لقطات فيديو تظهر تعرضهم للتعذيب، وإحضار شهود لتأكيد تعرضهم للتعذيب.

ويقول الكاتب إن "الحكومة معتمدة على الشيوخ لتعبئة الرأي العام لدعم الإجراءات ضد شيعة السعودية واستهدافهم من خلال خطاب الكراهية، حيث يشير بعض هؤلاء ممن لهم الملايين من المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي للشيعة بعبارات مهينة، ويشجبون الاختلاط بين السنة والشيعة، ويحفل المقرر التعليمي بالإشارات التي تلمح إلى أن ممارسات الشيعة هي شرك، بشكل يجعلهم خارج الإسلام، وعقابها النار، وخطاب كهذا ترك آثاره على الشيعة، واستخدمه تنظيم القاعدة وجماعة "داعش" الارهابية مبررا لمهاجمتهم، فمنذ عام 2015، شنت جماعة "داعش" الارهابية ست هجمات على مساجد ومبان شيعية في المنطقة الشرقية ونجران".

ويشير كوغل إلى أنه "وسط القمع المحلي الذي يدور في البلاد، فإن الشيعة يحاولون توضيح أن مشكلتهم محلية، وقالوا في مقابلات مع (هيومان رايتس ووتش) إنهم راغبون في الاندماج في الدولة السعودية على قدم المساواة مع بقية المواطنين".

ويختم الكاتب مقاله بالقول: "في الوقت الذي تعتقد فيه الحكومة السعودية أنها قادرة على قمع الاضطرابات في المنطقة الشرقية، وقتل من تسميهم بـ(الإرهابيين)، وإعدام المحتجين في محاكم غير عادلة، فإن هذه الإجراءات لن تعمل إلا على زيادة دوامة العنف. والحل طويل الأمد والدائم لهذه المشكلات كلها هو وقف السعودية اضطهادها لمواطنيها الشيعة".

عربي 21

2-4