حقيقة الخلافات الروسية الإيرانية في سوريا؟!

حقيقة الخلافات الروسية الإيرانية في سوريا؟!
الجمعة ٠١ سبتمبر ٢٠١٧ - ٠٣:٥٥ بتوقيت غرينتش

في داخل سورية المجموعات الإرهابية تنهش بعضها بعضاً كتعبير عن خلافات الدول التي تمولها وعلى صعيد السياسة العالمية تحولت حرب واشنطن على الغاز الروسي الى حرب على الدول الآوروبية و بدأت صيحات التمرد الآوروبي على السياسة الأمريكية تطفو على السطح, وفي حين الخلافات الخليجية الخليجية تكاد تصل الى الحرب, فضلا عن العلاقات التركية الأمريكية التي أصبحت بأسوء حالاتها بعد أن كانوا شركاء الحرب على سورية وصلت الى حد الإشتباك الناري كما حصل اليوم في منبج.

 العالم - مقالات وتحليلات

بالرغم من كل تلك التعقيدات في المشهد الدولي إلا أن العلاقة الإيرانية الروسية تخضع للمراقبة الدقيقة و تبرز أخبارا و تحليلات تغزو وسائل الإعلام لقراءة مستقبل العالم و بدأ الحديث عن ما سمي خلافات إيرانية روسية بعد القضاء على "داعش" في سورية, و بشكل خاص بعد رفض إيران للاتفاق الروسي الأمريكي لخفض التوتر في الجنوب السوري, و التسريبات الصحفية المتناقضة التي تتحدث عن ضمانات روسية بعدم إقتراب اي قوات إيرانية من حدود الاراضي المحتلة وصولاً الى الأنباء التي نشرت اليوم في صحيفة عبرية تتحدث عن نية روسية تعزيز قوة إيران في المنطقة, و من هنا يبقى السؤال ما هي طبيعه العلاقة التي تجمع روسيا و إيران و قد وصلت سابقاً بفعل صواريخ اس 300 الى المحاكم و الآن الى التحالف في سورية و من هنا نفتح أهم الملفات في السياسية العالمية في محاولة فهم ما هي القواسم المشتركة بين إيران و روسية و هل من الممكن أن تصبح خلافات.؟

في أفغانستان:

من مصلحة روسيا إفشال مد أي خط غاز أو نفط أمريكي من تركمانستان الى باكستان عبر أفغانستان لأن ذلك سيوصل واشنطن الى ثروات بحر قزوين و بالتالي سيهدد الأمن القومي الروسي كما يهدد الأمن القومي الإيراني في حين أن إيران هي من بدأ بتغذية باكستان بالغاز كبديل للخط الأمريكي و لاحقاً عبر باكستان سيتم تغذية الهند و من هنا فإن المصلحة الروسية الإيرانية تتطابق وبل هي حاجة ملحة للمصالح الإيرانية وبذات الوقت تخدم موسكو من خلال السيطرة على صادرات تركمانستان و منع الأمريكي من إخراج النفط منها و لهذا يمكن أن توصف علاقات روسيا بإيران في أفغانستان بالقوية لدرجة التحالف.

في وسط آسيا:

وصول الأمريكي الى ثروات بحر قزوين سيهدد الأمن القومي الروسي و الأمن القومي الإيراني معاً, و من هنا فإن  أي خلاف في وسط آسيا بين روسيا و إيران لن تكون أكثر من تبادل أدوار بسبب التطابق في المصالح الروسية الإيرانية, و يذكر أنه مع إنهيار الإتحاد السوفيتي إنخفضت حصة إيران من ثروات بحر قزوين من النصف الى الخمس, و بالتالي لإيران مصلحة بقوة روسيا وبل عودة نفوذها في وسط آسيا على دول الاتحاد السوفيتي سابقاً, كما لروسيا مصلحة بقوة إيران لعزل واشنطن عن وسط آسيا

في سورية و لبنان قبل القضاء على "داعش":

روسيا عارضت خط غاز نابوكو من تركيا للاتحاد الآوروبي لانه يهدد الأسواق الروسية في آوروبا, فيما عارضت إيران و سورية خط غاز شرق المتوسط الإسرائيلي الذي يغذي نابوكو لان مده سيدمر سورية و لبنان و يجعل غاز لبنان تحت السيطرة الصهيونية بحسب مخططات هذا الخط و بالتالي تطابقت المصالح الروسية الإيرانية مع المصالح السورية اللبنانية في إسقاط خط نابوكو و معه خط غاز شرق المتوسط, و لهذا السبب كانت ضرورة حماية وحدة لبنان و وحماية وحدة سورية و إفشال خط نابوكو ومعه خط التغذية الرئيسي المسمى خط غاز شرق المتوسط مصلحة روسية كما هي مصلحة سورية  إيرانية.

في العراق:

من مصلحة إيران إستقرار العراق لتتمكن من مد خط غاز الى آوروبا عبر العراق و سورية (خط الغاز الإسلامي) بينما روسيا لا تعارض وصول إيران الى السوق الآوروبية بل تعارض وصول واشنطن الى بحر قزوين و بالتالي و بذات الوقت فإن خط الغاز الإيراني هو تنويع مصادر طاقة الإتحاد الآوروبي بدون هيمنة أمريكية, فالغاز الإيراني يزيل عامل الإحتكار الروسي في آوروبا كما تدعي واشنطن من جهة و بذلك تزول حاجة و حجة الاتحاد الآوروبي لتنويع مصادره ودعم واشنطن للوصول الى بحر قزوين, و يلغي تبعيه الإتحاد الآوروبي للادارة الأمريكية و يؤسس لتقاسم عادل للأسواق فمن جهة موسكو تحافظ على حصتها في السوق الآوروبية و من جهة ثانية تمنع الإحتكار الأمريكي و تعطي إيران حصة في هذه السوق.

جيوسياسياً:

سقوط إيران يعني وصول واشنطن الى وسط آسيا جنوب روسيا, و لهذا السبب إيران بحكم الصراع القائم منذ ثلاث عقود تعتبر بوابة الأمن الإستراتيجي الروسي في وسط آسيا, في حين أن وصول واشنطن الى ثروات بحر قزوين يعني حصار إيران علماً بأن أذربيجان تستضيف قوات صهيونية وهي تحت رحمة إيران حالياً فكيف سيكون الأمر فيما لو خرجت من العباءة الإيرانية الروسية و في ذات الوقت هو تهديد للأمن القومي الروسي و كذلك الصيني بالتالي .. جيوسياسياً تتطابق المصالح الروسية الإيرانية في وجه وقف النفوذ الأمريكي و سياسة القطب الواحد, و معهم تتطابق المصالح الصينية التي تريد الإستقرار لتشغيل خط الحرير و بشكل خاص في أفغانستان و العراق.

في الشرق الأوسط بعد القضاء على "داعش"

إن أكثر ما يوحد الموقف الروسي و الموقف الإيراني هو ما بعد القضاء على "داعش", وفي حال لم تتوسع الحرب خارج حدود سورية ومن هنا كيف ستكون العلاقات الروسية الإيرانية بعد القضاء على "داعش" أقوى من سابق عهدها:

1- في لبنان فإن بقاء قوة حزب الله في الجنوب اللبناني سيمنع كيان الإحتلال الإسرائيلي من سرقة غاز لبنان, و يعطي روسيا فرصة لتكون قادرة على التنسيق و تقسيم الغاز بحكم علاقتها مع الطرفين ولهذا السبب في المستقبل و في حال إستخراج روسيا لغاز المتوسط فإن ذلك سيكون من مصلحة إيران لانه يقوي الدولة اللبنانية و يخرجها من ديونها و تبعيتها و يعطيها حقوقها في الغاز بدون توقيع تنازل او اتفاق سلام مع الاحتلال الصهيوني, و بالتالي الوضع الراهن مع صعوبة قيام حروب في المنطقة فإن دور روسيا كوسيط سيخدم المصالح الإيرانية و بشكل خاص في لبنان و موقف إيران من كيان الإحتلال الصهيوني سيقوي الموقف الروسي لمنع أي شركات آوروبية من إقحام غاز المتوسط شمال فلسطين, و طالما الحرب الإقليمية صعبة فإن إيران ستقوي نفسها و حلفائها و بشكل خاص عبر خط الغاز الإسلامي الى أن تتغير الظروف ولن تتأثر بعلاقات روسيا مع الإحتلال و بل إن حرب الغاز ستقوي محور المقاومة على حساب الإحتلال الذي لن يستطيع منافسة خط الغاز الاسلامي.

2- في سورية سيحتاج خط الغاز الإيراني الى المزيد من الإمداد و بشكل خاص إثر تزايد الطلب على الغاز في السوق الآوروبية و أفضل حل لها التنقيب عن الغاز في السواحل السورية عبر الشركات الروسية لتصبح شراكة روسية إيرانية لبنانية عراقية متكاملة يجمعها الوقود الأزرق فضلاً عن أن إعادة إعمار سورية تحتاج الى المزيد من التنسيق الإيراني الروسي, و أما فيما يخص الصراع العربي الصهيوني فإن هم إيران إعادة بناء سورية و إعادة قوتها و الحديث عن خلافات روسية إيرانية في سورية ليس أكثر من ضرب من الخيال و خصوصاً أن إيران و روسيا تتقاسمان فواتير تكاليف دعم سورية لأهداف تجمعهم بعد الحرب و مخاطر تهددهم في حال سقوط سورية .

3- في العراق وبمجرد أن تم تحرير الموصل تم الإعلان عن صفقة دبابات روسية الى العراق, في حين نجاح الحرب على "داعش" إعتمد على مروحيات روسية ودعم إستخباراتي و أسلحة روسية متنوعه و دعمت روسيا إستقرار العراق و خروج العراق منتصراً في الحرب على الإرهاب و بعيدا عن التبعية للولايات المتحدة سيزيد من حصص موسكو من السوق العراقية حيث أن الدول التابعه للإدارة الأمريكية لا تتجرأ على تحسين علاقاتها مع موسكو و الدول العربية في الخليج الفارسي مثال على ذلك.

و مما سبق يمكن القول أن العلاقات الروسية الإيرانية هي نتيجة حتمية للسياسات الأمريكية حول العالم ومحاولة فرض نظام عالمي جديد و حاجة ملحة لكل من موسكو و طهران وبل وصلت العلاقات التجارية بين البلدين الى إلغاء الدولار من العلاقات التجارية بين طهران و موسكو و بدأت تتحسن العلاقات بين موسكو و طهران حتى على الصعيد التقني, و الحديث عن خلافات روسية إيرانية ليس إلا قراءة في الامال و التمني, و بل إن أي خلافات إيرانية روسية لن تكون أكثر من تبادل أدوار حيث أن التعنت الأمريكي هو سبب بدء تحول العالم الى عالم متعدد الأقطاب و هو من حول العلاقات الإيرانية الروسية الى شراكة استراتيجية تشبه علاقة سورية بكل من إيران و روسيا و بل أفضل.

المصدر / جهينة نيوز

109-2