رسائل أميركيّة "مُفخّخة" في بيروت

رسائل أميركيّة
السبت ١٦ سبتمبر ٢٠١٧ - ٠٨:٢٣ بتوقيت غرينتش

أثارت التحذيرات التي أتت على لسانِ أكثر من سفارةٍ غربيّةٍ في بيروت الهلع بين المواطنين الذين أخذوا يُحلّلون في ماورائيّات تلك التحذيرات وإذا ما كان مصدرها معلومات دقيقة وردت إلى دوائر استخباراتيّة غربيّة حول وجود نوايا جرميّة لجهاتٍ إرهابيّة بالإقدام على عملٍ أمنيٍّ ما، وما زاد من التكهّنات حولها أنّها أتت في وقتٍ كان الجوّ العامّ في البلاد يُحذّر من ردود فعلٍ قد يُقدم عليها إرهابيون ردّاً على هزيمتهم في الجرود.

العالممقالات

إذاً كانت تحذيرات السفارات مبعث قلقٍ لدى اللّبنانيين وأثّرت إلى حدٍّ ما في مشاريع قسمٍ كبيرٍ منهم على أبواب عطلة نهاية الأسبوع. واللّافت أنّ المُبادرة فيها كانت "السفارة الأميركية" ثمّ وأبكتها أخرى ما قد يحمل أبعاداً عدّة حول اختيار هذا التوقيت الذي يقفُ فيه لبنان على مفترقاتٍ عدّة.

وأعطت التحذيرات صورةً سوداويّةً خاصّة، وإنّها ذكرت بمشهد الانفجار الذي وقع ليل الأحد 12 حزيران 2016 بفردان واستهدف الباحة الخارجيّة لبنك "لبنان والمهجر" والذي تلى تحذيراً مُماثلاً كانت قد أطلقته السفارة الكنديّة في بيروت يوم الحادي عشر من حُزيران 2016، فلماذا أتت التحذيرات في هذا التوقيت بالذات؟

يربط مراقبون في تزامن إطلاق التحذيرات مع عوامل بارزة حصلت في الأسابيع القليلة الماضية أهمّها زيارة الرئيس سعد الحريري إلى موسكو ونجاح حزب الله بفرض شروطه والتي أدّت إلى تحرير موكب داعش، لكن ما يُعدّ لافتاً من حيث تقاطع الأزمنة، هو استعداد الكونغرس الأميركيّ لتحرير "المسودة المعدّلة" من قانون العقوبات الماليّة على حزب الله الشهر القادم، والذي يمكن أن تترتّب عنه محاولات لـ"تشتيت الوضع الداخليّ سياسيّاً" من أجل استخدام ذلك كورقة ضغط.

ويمكن تشبيه ما يحصل اليوم بالفترة التي سبقت إعلان تأسيس المحكمة الدوليّة الخاصّة بلبنان التي شَهِدَت على تفجيراتٍ واغتيالاتٍ عدّة ثمّ إصدارها بعد ذلك بسنوات قرارات اتّهاميّة بحقّ عناصر من حزب الله.

واللّافت أنّ التحذيرات تقاطعت أيضاً مع تحضير المحكمة لصوغِ قرارٍ اتّهاميٍّ ثانٍ يتعلّق بمحاولة اغتيال مروان حمادة واغتيال الشهيد جورج حاوي وما سُرِّب حولها من ورود اسم "عنصر في حزب الله" بقائمة الاتّهام.

إذاً ثمّة من يقول إنّ الإدارة الأميركيّة وكنتيجة للاستحقاقات القادمة الهامّة بالنسبة لها، تعملُ على محاولة "إرباك" و "لخبطة" الأوضاع الداخليّة تسهيلاً لتمريرِ قراراتها ورسائلها من خلف ذلك وإعادة إنتاج حالة قريبة من تلك التي سادت خلال مرحلة الانقسام السياسيّ السابق، أيضاً لا يمكن فكّ ارتباط التحذيرات عن سياق نجاح زيارة الرئيس سعد الحريري إلى روسيا والتي يبدو أنّها استفزّت الإدارة الأميركيّة، خاصّةً بعد ما سُرِّبَ عن نجاح الحريري بفكفكة شيفرات مخازن الأسلحة الروسيّة التي أقفلتها الضغوطات الأميركيّة وصولاً إلى إمكانيّة فتحها لاستفادة الجيش اللّبنانيّ منها.

وتقرأ واشنطن جيّداً أنّ في اتّساع رُقعة نفوذ روسيا في لبنان خطر على مصالحها هنا كونها تصنّف "بلاد الأرز" على أنّها عنصر حليف يسير في موكبها.

حالة البلبلة التي أرختها التحذيرات قُوبِلَت بتجاهلٍ تامّ من قِبَلِ الجهات الأمنيّة التي "نفت علمها بأيّ تهديداتٍ أسّست لإصدار مثل تلك التحذيرات" إذ استغربت مصادرها في حديث لـ"ليبانون ديبايت" إخراج تلك التحذيرات "في مثل هذا الوقت".

ولم يتّضح بحسب المصادر "الاستناد الذي بُنِيَت عليه التحذيرات" كما أفادت أنّ "تنسيقاً لم يجرِ معها أبداً كونها معنيّة بأمور البلاد الأمنيّة” مستغربةً في الوقت ذاته كيفيّة "تسريب مثل هذا الخبر دون العودة إليها"، لتعود وتوضّح أنّ "الأميركيّين في العادة لا يبنون معلوماتهم من عدم، لكن في مثلِ هذه الحالة هناك عدم وضوحٍ في السند الذي بُنِيت على أساسه التحذيرات وإذا ما كانت مبنيّة على قراءةٍ أم معلومات."

المصدر: ليبانون ديبايت

216