عبراتٌ حسينية عاشورائية - 5

عبراتٌ حسينية عاشورائية - 5
الأحد ٠١ أكتوبر ٢٠١٧ - ٠٨:٥٥ بتوقيت غرينتش

قصيدة في مناقب ساقي عطاشى كربلاء و قمر بني هاشم سيدنا الشهيد العباس بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)

العالم - اسلامیات

أَكْبرَتُ شِبْلَ المُرتضَى الكرّارِ
عبّاسُ نِبراسٌ منَ الأنوارِ
أعْظَمْتُ مِعَواناً سَمَا بِخصالِهِ
عَضُداً مُطِيعاً ثاقِبَ الإبْصارِ
فَخرُ المُروءَةِ كابِراً عن كابرٍ
صلَّى لِمَنبْتهِمْ عَظيمُ الدّارِ
فهو ابنُ مَكّةَ والأباطِحِ حولَها
واْبنُ المَدينةِ مَنبَعِ الأقْمَارِ
و هو المُفادِي المُستَنيِرُ مناهِضاً
ظُلمَ العُصاةِ و دَولَةَ الفُجّارِ
يومَ الحُسَينِ بِكْربَلاءَ إذِ اعتلى
صَرحَ الحُكومةِ شُذَّذُ الأفكارِ
القاتِلونَ الناسَ لا لِجَريمةٍ
الهاتِكُون العِرضَ باستهتارِ
النّاهِبونَ المالَ كَيْما يَرتَعُوا
في الفِسْقِ والإسْفافِ والأَقذارِ
النّاكِرونَ الوَحْيَ شَأْنُ جُدُودهِمْ
يَسْتَطلِبُونَ لَهُم حَقُودَ الثّارِ
الشّاربُونَ الخَمْرَ عاَقَرَ لُبَّهمْ
هوَ ذا وَ ربّي شِرعَةُ الكُفّارِ
تَاللهِ ما عَرِفُوا حَقِيقَةَ دِينِنا
بلْ أدمَنوا اُكذُوبةَ الغَدَّارِ
ثارَ ابنُ فاطِمَ يومَ عاشَورٍ هُدىً
وبَنُو أبِيهِ ومَنْ مِضَوا بِمَنارِ
وسَعَوا إلى حَدَثٍ عَظِيمٌ شَأنُهُ
فتْحُ الفُتُوحِ ومَضْرَبُ الأشْعَارِ
وتَقَلّدَ العَبّاسُ رايةَ نَهْضَةٍ
خلُدَتْ معَ الأجيالِ والأخبارِ
فَلثَورةٌ فُدِيَتْ بآلِ محمّدٍ
لَعظيمةُ الأهدافِ والآثارِ
فَبِها الإمامُ هُوَ المُضَحِّي دُونَنا
بالنّفْسِ والأبناءِ والأبرارِ
لِيَصُون َ دِيناً ناصعاً ومُطهّراً
من زمرةِ الطلُقاءِ والأشرارِ
وبِها الحُسينُ هُوَ الإمامُ المُبتَلَى
بتظاهُرِ الأزمَانِ والأَمْصارِ
إلاّ القَلِيلِ مِنَ الاُباةِ تَضَامنُوا
لِيُدافِعُوا عنْ صَفْوَةِ الأذخارِ
مِنْ بَيتِ طه المُصطفَى وَ وَصِيِّهِ
وحَرائِرٍ طَهُرَتْ بِإذنِ البارِي
أبَتِ النُبُوّةُ و العَدالَةُ ظُلْمَهم
لا مَرْحَباً بِظَلِيمةِ الغُدّارِ
يا سيدي العبّاسَ صُغْتَ شَهامَةً
مُذْ كربلاءَ وَ وثبةِ الثُوّارِ
يا مَنْ عَلَوتَ بِكُلِّ رايةِ عِزّةٍ
في الدينِ والتوحيدِ والإقرارِ
وَ كتَبْتَ بالنُّبْلِ المُقدّسِ عِبْرَةً
فَخُرَتْ بِها الدّنيا علىَ اْسْتِعْبارِ
لكَ في البُطولةِ والوَفاءِ روائِعٌ
يومَ الطُّفُوفِ وَ هَبَّةِ الأحرارِ
فلقد شقَقْتَ الصفَّ رَغْمَ جُمُوعِهمْ
ما كانَ جَمعُهُمُ سِوَى أصْفَارِ
قد كنتَ وحدَكَ في النزالِ غريمَهم
فتطايرُوا هلعَاً منَ الإعصارِ
شبلِ الوصيِّ فرَى الصُّفوفَ مُهاجماً
وكأنَّ حيدرةً علا بفِقارِ
يا سَيّدي العَبّاسَ جِئْتُكَ ظامِيَاً
هَلاّ سَقَيْتَ بِشَرْبَةِ الأَسْرارِ
بِيدَينِ طاهِرتينِ سَقْيَ مُحالِفٍ
للجُودِ في يُسرٍ وفي إعْسارِ
من راحَتيكَ أحاطتا بمكارمٍ
في يَومِ كَرِبٍ بالغِ الآصارِ
لكِنّما النّفْسُ الأبيَّةُ أهْملَتْ
ماءَ الفُراتِ السَلْسَبِيلِ الجاري
فَاْبنُ البَتُولِ وآلهِ عَطْشَى ولا
شِربٌ يطيبُ بِمَعْزِلِ الأطهارِ
هانَ الفُراتُ وماؤهُ وهناؤُهُ
كرمى الحسينِ وساطعِ الأنوارِ
ومضيتَ تَحْمِلُ قِربَةَ مَلْآنةً
ريّاً إلَى الأحبابِ والأخْيارِ
فأتاكَ غَيلاً كامِنٌ ومُخاتِلٌ
قطعَ اليدَينِ بخِسّةٍ ومُكارِ
وتناثرَ الماءُ الفراتُ تناثُراً
بلَغَ المخيمَ نادِبَ المِغوارِ
و تَناهَشَتْكَ بَواترٌ وأسنَّةٌ
تَرمِي بحقدٍ صائنَ الأستارِ
فَسَقَطْتَ مَحزُوناَ صَرٍيعَاً حَيْثُ لَمْ
تَبْلُغْ مُنَى إسْقاءَةِ الأزهارِ
قَدْ كانَ عبّاسٌ مَناراً لِلتُّقَى
والمُتّقِي في ذِمّةِ الغَفّارِ
عَطِشَ الحُسَينُ وصَحْبُهُ وَ عِيالُهُ
في كربلاءَ العُسْرِ والاِضْرارِ
ليقولَ أهلاً بالشّهادةِ مرحباً
لبقاءِ دينِ اللهِ  والمختارِ
يا سَيّدي العَبّاسَ جُودُك خالِدٌ
وَلْيذْكُرِ التاريخُ ذو الأخْبارِ
فَاْلفَضْلُ منقبةُ الكريمِ سجيَّةً
حتى وإنْ قُطِعَتْ يَدُ الإيثارِ
بكَ استَجِيرُ لِغُربَتِيِ وَ حَشَاشَتِي
يا نِعْمَ مَسْؤولٍ وخَيرَ جوارِ
يا أيها السّاقِي عَطاشى كَربَلا
قُبِلَ الصَّنِيعُ بِحَضْرةِ الجَبّارِ
هذا ضَريحُكَ عالَمٌ يَطْفُو عَلَى
مُقَلِ السَّمَاءِ وَ جَنّةِ الأَنْهار
 

ــــــــــــــــــــــــــــــ
حميد حلمي زادة
3 محرم الحرام 1439
24 سبتمبر/ ايلول 2017