"تطوير" مكة والمدينة .. تدمير وتغيير متعمد للآثار الاسلامية

الثلاثاء ٠٣ أكتوبر ٢٠١٧ - ١١:٣٧ بتوقيت غرينتش

أعلن صندوق الاستثمارات العامة في لاسعودية أنه بصدد تأسيس شركتي "رؤى الحرم المكي" و"رؤى المدينة" بهدف "تطوير" منطقتي الحرمين الشريفين، لتعزيز السياحة الدينية ضمن "رؤية 2030".

العالم - السعودية

ودمرت السعودية سحر مكة لجني المزيد من المليارات وهي ستواصل فعل ذلك في إطار تنفيذ "رؤية 2030" التي تهدف لرفع الطاقة الاستيعابية لاستقبال ضيوف الرحمن وإتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من المسلمين لزيارة المسجد الحرام.

وتماشيًا مع ذلك، أعلن صندوق الاستثمارات العامة أنه بصدد تأسيس شركتي "رؤى الحرم المكي" و"رؤى المدينة" وذلك لتطوير منطقتي الحرمين الشريفين والاسهام في رفع الطاقة الاستيعابية لاستضافة الأعداد المتزايدة من الزوار القادمين للمملكة.

ما عاد زائرو مكة القديمة قدم الزمان وأقدس مدن الإسلام يرون تاريخ الإسلام فيها نتيجة أعمال التوسعة والتحديث المعماري المحيطة بها، إذ لم يعد المسجد الحرام حيث الكعبة المشرفة الموقع المهيمن على المدينة ومحط أنظار المسلمين لكن ما يهيمن على المشهد هو فندق مكة الملكي وبرج ساعته الذي يرتفع إلى علو 1972 قدمًا فوق الأرض.

واستبدلت السعودية الجمال التاريخي والثقافي لمكة بتشييد واحد من أطول المباني في العالم الذي يشكل تطورًا ضخمًا لناطحات السحاب ويضم مراكز تسوق فاخرة وفتادق ومطاعم لفاحشي الثراء لا يستفيد منهم الفقراء من المسلمين كما دكت الجبال القديمة الوعرة، واستبدلت بأبنية حديثة وهو ما جعل الكعبة تبدو كقزم أمام الهياكل المحيطة بها وجعل المشهد شبيها لما تجده في ديزني أو لاس فيغاس.

ويقول ضياء الدين ساردار، مؤلف كتاب "مكة المدينة المقدسة"، إن حراس المدينة المقدسة والأوصياء عليها، حكام المملكة السعودية، وعلماء الوهابية الذين يمنحونهم الشرعية، يملكون كراهية عميقة لتاريخ المسلمين، إنهم يريدون أن يبدو كل شيء جديداً، وبينما يفعلون ذلك، يوسعون المواقع المقدسة لتستوعب الأعداد المتزايدة من الحجاج.

وفي لغة الأرقام، فإن العدد الرسمي النهائي لحجاج العام الحالي بلغ، بحسب الحكومة السعودية، نحو مليونين و352 ألفاً و122 حاجاً، وبالنسبة إلى العائد الاقتصادي للموسم الحالي للحج فإن نفقات الحجاج هذا العام زادت عن 27 مليار ريال، وكل هذا جناه آل سعود على حساب التاريخ الإسلامي القديم لمكة والمدينة.

يقول د. خالد عزب - المتخصص في الآثار الإسلامية: المدينتان المقدستان بتراثهما ليستا ملكا لأحد، بل هما ملك لعموم المسلمين، وتراثهما بوتقة صهرت فيها معالم فنون العمارة الإسلامية، لكن ما يحدث فيهما منذ عشرينيات القرن العشرين وإلى الآن يثير الدهشة، حيث أزيلت معالم وطمست أخرى والبقية ما زالت آتية.

إن هذا التدمير والتغيير المتعمد لمعالم المدينتين منشأه رغبة عارمة في إضفاء طابع من الحداثة عليهما بغرض التباهي، ولجوء لحل مشكلات المعتمرين والحجاج بطرق سريعة سهلة، دون عناء تفكير أو مشقة بحث. بينما كان الأقدمون أكثر حرصا علي هذه المعالم من المحدثين، حتى في ظل تعارض آراء بعض الفقهاء بين الحفاظ على القديم أو إزالته.