لمن ترتدى القمصان الحمراء ياحلب؟ .. معادلة القمصان الحمراء والبراميل المتفجرة

 لمن ترتدى القمصان الحمراء ياحلب؟ .. معادلة القمصان الحمراء والبراميل المتفجرة
الخميس ٠٥ أكتوبر ٢٠١٧ - ٠٦:٥٣ بتوقيت غرينتش

لم نكن نعلم أن للموت نكهات ومذاقات حتى وصلنا الى زمن القتل الأمريكي .. في زمن أمريكا بعض الموت له طعم عظيم وبعضه له طعم حقير .. وهناك موت بالأبيض والأسود .. وموت ملون بالالوان الفاقعة الحمراء والسوداء .. وهناك موت يشبه زمن السينما الصامتة .. حيث ترى الصراخ يمزق الحناجر ولكنك لاتسمعه وكأنك أصم .. بعض الموت له ضجيج وطبول وطقوس ومهرجانات لاتسمع من هولها حتى صوتك ..

العالم - مقالات

هذا هو الفارق بين الموت على يد الجيش الأمريكي والموت على يد خصوم أمريكا .. فمن تقتله أمريكا من المدنيين يموت موتا حقيرا .. ويشبه الصور القديمة الشاحبة بالأبيض والأسود التي باخت ألوانها وشاخت وبالكاد نراها .. وهو موت في زمن السينما الصامتة لانسمع حشرجاته وأنّاته رغم اننا في زمن هوليوود والمؤثرات الصوتية .. وأما من يموت حتى من البرد ومن لفحة الحر عندما تمر طائرات سورية وروسية فان لموته طعم الزفاف وتقام له مهرجانات التقديس والتطويب والبكاء .. ويرتدي الناس قمصانا عليها صور الضحايا ويردد اطفال المدارس أسماءهم عن ظهر قلب .. حتى في ولاية تكساس .. وفي مدينة ثيروفانانثابورام على ساحل الهند ..

هل تذكرون القمصان الحمراء التي ارتداها بعض الأغبياء والخونة ابان تحرير مدينة حلب؟؟ وهل تذكرون شعار حلب تحترق؟؟ وتذكرون ان الصور نشرت في انحاء العالم حتى أن أحد الأتراك قتل السفير الروسي في بلاده انتقاما لحلب وضحاياها من شدة التحريض والبكاء؟؟ وطبعا تذكرون صور خان شيخون التي لم تنم بسببها ايفانكا ترامب حتى طيّب والدها خاطرها بقصف مطار الشعيرات؟؟ وتذكرون العناوين التي تكتب في صحف العالم عن الروس والسوريين الذين لا يقصفون الا المشافي والمدارس فقط ..

واليوم هناك موت صامت باهت ويصور بكاميرات قديمة بالأبيض والأسود وطبعا بلا اصوات .. ولاعويل ولابكاء .. في كل يوم تحرث الطائرات الامريكية الشرق السوري بالقنابل وترسل (الى الجنة) مئات المدنيين السوريين الابرياء .. وحتى هذه اللحظة قتل الأمريكون منذ تدخلهم آلاف المدنيين السوريين وتجاوزوا كل الأرقام التي قيل انها سقطت بالبراميل المتفجرة .. ولكن لاتعليق ولا صورة واحدة ولاهمسة .. ولاقميص أحمر واحد يحتج أو يتعاطف .. ولاحتى منديل صغير تكتب عليه عبارة وداع .. أين القبضايات الذين يظهرون ويتوعدون بالانتقام لدماء (الأبرياء الشهداء) الذين قتلهم نظام الطاغية وحلفاؤه المجوس والروس؟؟ أين هم أولئك الفدائيون المتطوعون الأخيار الذين يرسلون ويهربون الصور من بين الأنقاض من اجل ان يظهر الحق على الباطل؟؟ أين هم أولئك الذين رفعوا شعار (الشعب السوري دمه ليس رخيصا) فنكتشف اليوم أن الدم السوري أنواع .. دم ينسب للبراميل المتفجرة وهو مقدس وغال جدا وثمين جدا وكأنه من الألماس النادر والياقوت .. ودم تصنعه قاذفات أمريكا وهو دم حقير وعبارة عن اصباغ حمراء وسائل رخيص جدا ولايساوي حتى قيمة الحبر الذي يكتب به الخبر .. وهناك في عالم الثوار السوريين نشرة بأسعار الدماء لاتوجد الا لدى اعلام المعارضة .. التي وياسبحان الله لاترى من بين الشهداء السوريين الا من قد يموت بسبب تمترس الثورجيين تحت سريره وفي غرفة نومه كي يموت معهم .. ولاترى من بين شهداء الجيش الا شهداء مدينة واحدة .. حتى يظن أحدنا أن هناك مدينة واحدة سورية أسطورية تقاتل هذا العالم وحيدة فيما أن كل مدن وقرى سورية نائمة وتمارس التجارة واقامة الأعراس ومسابقات ملكات الجمال .. وليس فيها شهيد واحد .. رغم أن شهداء سورية توزعوا بشكل عادل على كل مدينة وقرية .. وأن مدينة كحلب سددت نصف شهداء سورية وحدها وهي تقاتل من أجل حريتها ..

الرجاء ممن ينشر اسعار العملات والعطور وبراميل النفط وأوراق البنكنوت ألا يخلطها باسعار الدم .. والرجاء ممن كان يرتدي قمصانا حمراء من أجل حلب وغيرها أن يتذكر أن دير الزور تستحق قمصانا حمراء وان الرقة التي تقصفها أمريكا كل يوم وتقتل المدنيين تستحق قميصا أحمر .. وأن لكل قرية ومدينة تقصفها الطائرات الامريكية نصيبها من قمصانه الحمراء التي يخبئها للمناسبات وللمشاركة في مهرجانات الضجيج والبكاء والمجاملات وبيع المواقف والعواطف ..

ياثيران العالم .. لاتنتظري القماش الأحمر طالما أن أمريكا هي التي تغير وتقتل المدن والمدنيين .. لن تري قمصانا حمرا هذه الأيام ولا شعارات مدن تحترق .. انتظري الى أن نقترب من تحرير مدينة سورية .. فالقمصان الحمراء لاتخرج الا عندما تحرر الطائرات السورية والروسية مدينة من الارهاب ومن الموت والدم .. حتى صارت المعادلة الحقيقية هي:

كلما خرجت قمصان حمر فاعلموا أن هناك مدينة سورية ستتحرر .. وكلما اختفت القمصان الحمر وخبئت في الخزائن والمستودعات فاعلموا أن هناك مجزرة أمريكية قد نفذت .. والويل عندها لمن يظهر بالقميص الأحمر .. حتى بابا نويل لايسمح له أن يظهر بقميص أحمر .. ولاحتى العشاق في يوم الحب .. حتى تنتهي مراسم الدفن الصامت بالأبيض والأسود .. ومواسم الموت الحقير ..

نارام سرجون / شام تايمز 

109-4