ترامب يلد فأرا.. وانا اعزي "اسرائيل" والسعودية

ترامب يلد فأرا.. وانا اعزي
الجمعة ١٣ أكتوبر ٢٠١٧ - ٠٧:٠٣ بتوقيت غرينتش

بعد عراضة الطبل والزمر التي سبقت خطاب ترامب الذي كان من المقرر ان يحدد فيه استراتيجيته تجها إيران.. جاء الخطاب الفارغ الذي لا ينطبق عليه سوى المثل العربي "تمخض الجمل فانجب فأرا"..

فلا يسعني بهذه المناسبة إلى ان اوجه عزائي الحار للكيان الإسرائيلي والسعودية اللذان ما ان انتها حديث ترامب حتى كانا اول المرحبين به، ولن نسأل لماذا السعودية و"اسرائيل" فقط رحبتا وما سر تقاطع المصالح بينهما، لان الإجابة اضحت واضحة وضوح الشمس لا تحتاج لا  لشرح ولا تعليق.

نعم.. وبكل ثقة يمكنني القول أن الدبلوماسية الإيرانية العريقة انتصرت واستطاعت ان تحصر ترامب بالزاوية في بداية عزلة ستسقط أميركا من قمة الدول العظمى.. هذا الكلام ليس ديباجة إعلامية بقدر ما هو واقع اضحى ملموسا لكل من يقرأ السياسة ويتابع تطورات الأحداث بالعالم من احداث القرم إلى احداث سوريا وتطورات كوريا الشمالية التي أثبتت جميعها ان اميركا لم تعد قادرة على اعمال وجهات نظرها في كل الأحداث الجارية بالعالم.

العزلة التي نتحدث عنها بدأت معالمها باللقاء الصحفي الذي خرجت به مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فدريكا موغريني قبل ان يشرب ترامب كاس الماء الذي كان من المقرر ان يريح به حنجرته التي تعبت بالكلمة التي "خلط بها الحابل بالنابل" فاظهرت انه لم يكلف نفسه حتى بقرائة الملف النووي، فما ان انتها خطاب ترامب حتى خرجت موغريني بكلمة لربما ان طنينها سيعزف في اذني ترامب لسنوات وهي "سنقاتل من أجل ابقاء الاتفاق النووي" معتبرة ان الاتفاقية النووية ليست بين إيران والولايات المتحدة لكي يلغيها ترامب.

بهذا الموقف الاوروبي الذي تخلى به عن اميركا وبالنظر إلى الموقف الروسي الداعم والمدافع بشراسة عن الإتفاق النووي، بالإضافة إلى العلاقات الطيبة المبنية على المصالح المشتركة بين الصين وايران اضحى بإمكاننا القول ان اميركا باتت وحدة في زاوية العالم.. وان السياسة الخارجية الإيرانية والتناغم الكبير بين المؤسسات الإيرانية قلبت السحر على الساحر واستطاعت ان تقلب العزلة التي كانت تحاول اميركا ان تحاصر بها الجمهورية الإسلامية لأكثر من ثلاثين عاما إلى قفص وضعت به ترامب.

ولكن ما يمكنني قراءته من خطاب ترامب وردود الأفعال العالمية التي تبعته مباشرة والتي بدأت بمؤتمر موغريني الصحفي وصولا إلى البيان الذي أكدت فيه كل فرنسا وألمانيا وبريطانيا أن الحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران يصب في مصلحتها الوطنية، ان الاتفاق النووي سيصمد ويستمر فترامب وبعد هذه الكلمة الرنانة لم ينسحب بشكل رسمي منه، إنما أحاله للكونغرس لدراسته ليقرر ما إذا كان سيعيد فرض الحظر ام لا، وهذا يعني انه لم يجرؤ على القيام بهذه الخطوة بنفسه، ولا نتوقع بعد هذه العاصفة الاوروبية والتمسك القوي بهذا الاتفاق ان يقوم الكونغرس بالانسحاب.

* باسل كعدة