بعد طناجر العرعور وشعارات التابوت وبيروت.. ماذا حدث؟

بعد طناجر العرعور وشعارات التابوت وبيروت.. ماذا حدث؟
الأحد ١٥ أكتوبر ٢٠١٧ - ٠٦:٤٩ بتوقيت غرينتش

تبخرت شعارات أصحاب الياقات الصفر والكرافات الحمر الذين رفعوا شعارات نعم لإسقاط ما أسموه نظاماً، بدل هؤلاء قمصانهم وشعاراتهم، بعد أن لفظتهم الدشداشة البدوية، ووجدوا أنفسهم دون هوية، فهم لم يفوزوا ببزة أنيقة توصلهم إلى كرسي سلطة، واستكثرت عواصم خليجية أن تلبسهم دشداشتها.

العالم - مقالات 

هربوا من بلادهم كفارين ومارقين ثم تفلت عليهم أفواه من كانوا بالأمس يسمعونهم كلاماً معسولاً ووعوداً بدعم كبير، اختفت طناجر العرعور وحلت مكانها أصوات الباعة الجوالين الباحثين عن رزقهم، الناس لم تعد تثق بإله يسوقه لهم شيخ كالعرعور، فرغيف خبز في بطون أولادهم تحت سقف يقيهم، خير من جنات العرعور ومافيها من بائعات هوى وأنهار خمر.

لم يعد هناك وجود لمعاذ الخطيب وعبد الباسط سيدا وجورج صبرا لتأتي ما تُسمى بالهيئة العليا للمفاوضات وتسحب البساط من تحت مجلس اسطنبول، بينما تكاثر رافعوا شعار التابوت وبيروت في الـ 2011 كتكاثر بيوض البعوض في مستنقع، فأصبحوا يرفعون شعارات تكفر وتخون بعضهم بعضاً، تحولت ادلب إلى مكب نفايات بإشراف النصرة وبدأت حرب التصفيات بين الميليشيات.

أما في الريف الدمشقي فلم يعد هناك سوى عصابات تتحكم بالمساعدات تعطيها لمن تشاء وتمنعها عمن شاء في دوما وحرستا وعربين وغيرها حتى علت أصوات البيئات الحاضنة لهؤلاء بالغضب والمطالبات بالرحيل.

عاد منشقون ليسووا أوضاعهم ويضعوا أنفسهم تحت القيادة العسكرية العليا، وحذا حذوهم معارضون سياسيون إلى حضن الوطن! حتى أعتى الصحفيين الخليجيين وأكثرهم عداوةً لسوريا كأحمد الجار الله صرح علانيةً بأنهم فشلوا في تحقيق هدفهم بإسقاط القيادة السورية.

بينما أشاد رئيس ما يُسمى بتيار الغد السوري أحمد الجربا بما نتج عن إنشاء مناطق خفض التوتر في سوريا، مؤكد على ضرورة التعاون مع روسيا من أجل وقف الحرب وإيجاد حل سياسي عادل للأزمة السورية يرضي الجميع، تصريح ما كنا نتصور أن يصدر عن واحد من أساطين التعنت المعارضين في السابق كهذا الجربا، الآن موسكو وبحذاقة سياسية كبيرة تستقطب كل هؤلاء.

تبخرت شعارات التغيير والأسقاط من قبل التركي وتحولت أنقرة إلى مجرد خانم عصمنلية تشعر بشبق تجاه قيصر روسي مفتول العضلات، تراجعت قطر عن لعب دور رأس الحربة ضد دمشق، وأصبحت أشبه بابن آوى وحيد وسط قطيع من الضباع الهائجة كانوا بالأمس أشقاءً خليجيين!.

تقلصت مساحات سيطرة الميليشيات والعصابات المسلحة، فيما حرر الجيش حمص وحلب وسيطر على الحدود مع الأردن ونظف في دير الزور متجهاً نحو الميادين، فُرض اتفاق تخفيف التصعيد وكان الأتراك الأكثر حماسةً له وإلا فإن مصير الميليشيات المتبقية فناء محتم كجثة متحللة مرمية على قارعة طريق.

أما "داعش" فإنه يعيش هذه الأيام تجربة الاحتضار بنيران سورية ـ روسية، وباتت المساحة التي يسيطر عليها حوالي 8% من مساحة سوريا، وسط عمليات عسكرية مستمرة من دمشق وحلفائها في عملية إبادة هذا الكيان السرطاني.

حتى تلك الأنظمة الخليجية التي حاولت بكل ما تستطيع أن تحقق أهدافها في سوريا وفشلت عمدت لترطيب الأجواء مع الروسي وآخرها كان زيارة كهل آل سعود سلمان إلى موسكو وطلب الرياض من موسكو دفعة من الإس400 وبطبيعة الحال فإن موسكو لن تسعى بتزويد الرياض ما تريد كرمى لعينيها خصوصاً وأن السعودي حليف وربيب للأمريكي العدو التقليدي للروسي.

باختصار فإن ريتم الملف السوري يسير على أنغام أغنية فيروز “خبطة قدمكن” الخاصة بالجيش السوري حيناً وعلى أنغام أغنية الكاتيوشا الروسية حيناً آخر، لتكون النتيجة تسويات وتمهيد لحل سياسي يكون بحجم التحالف السوري ـ الروسي.

علي مخلوف / عاجل

109-4