تل ابيب: دمشق ردت بضوء أخضر من موسكو وطهران

تل ابيب: دمشق ردت بضوء أخضر من موسكو وطهران
الأربعاء ١٨ أكتوبر ٢٠١٧ - ٠٧:٥٢ بتوقيت غرينتش

خلافًا لمرّات سابقةٍ، كان لافتًا جدًا أنّ جيش الاحتلال الإسرائيليّ بادر بنفسه إلى الإعلان عن الواقعة التي حدثت في سوريا، الأمر الذي يُثير التساؤلات حول نجاح أوْ فشل العملية التي نفذّها سلاح الجوّ الإسرائيليّ في الأجواء اللبنانيّة والسوريّة على حدٍّ سواء.

العالم - مقالات وتحليلات

ذلك أنّه جرت العادة على قيام تل أبيب بتوجيه ضربةٍ لمنشأةٍ عسكريّةٍ سوريّةٍ والتزام الصمت المُطبق عقبها، وعدم تحمّل المسؤوليّة.

كذلك كان لافتًا جدًا للانتباه أنّ رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، هو الذي قام بنفسه بالإعلان عن العملية وتوجيه التهديدات لسوريا مباشرةٍ قائلاً إنّ مَنْ يمسّ بإسرائيل، فإنّها ستقوم بالمسّ به، على حدّ تعبيره، فهل فاجأ الردّ السوريّ صنّاع القرار في تل أبيب من المُستويين الأمنيّ والسياسيّ؟ وهل تعافي سوريّة أوْ بالأحرى شبه تعافيها، هو الذي دفع القيادة السوريّة إلى تغيير قواعد الاشتباك؟.

الأمر الثالث، الذي أربك تل أبيب، هو على ما يبدو، تواجد وزير الدفاع الروسيّ سيرغي شويغو في زيارةٍ رسميّةٍ لتل أبيب والإعلان الإسرائيليّ بأنّ الزيارة مُهمّة جدًا، نظرًا لأنّ روسيا باتت الآمر الناهيفي الشرق الأوسط بشكلٍ عامٍّ، وبحسب المُحلل للشؤون العربيّة في القناة الثانية بالتلفزيون العبريّ، إيهود يعاري، فإنّ القرار السوريّ باعتراض الطائرات الإسرائيليّة التي كانت تقوم بمهمّة تصويرٍ فوق الأجواء اللبنانيّة، وليس السوريّة، تمّ بعد أنْ حصلت دمشق على ضوءٍ أخضرٍ من موسكو وطهران، كما نقل عن مصادر أمنيّة وصفها بالرفيعة جدًا في دولة الاحتلال.

وعلى وقع هذه المُستجدّات، وإدراكًا من صنّاع القرار في تل أبيب لخطورة الرسالة الصاروخيّة السوريّة، أكّد وزير الأمن أفيغدور ليبرمان أنّ "إسرائيل" تتصرف بمسؤوليةٍ وحزمٍ، مشددًا على أنّها لن تسمح لإيران وحزب الله بتحويل الأراضي السورية إلى موقعٍ متقدّمٍ ضدّ "إسرائيل"، ولن تسمح بنقل السلاح المتطور من إيران، عبر سوريا إلى لبنان، وجاء هذا التصريح خلال لقاءٍ مع نظيره الروسي سيرغي شويغو.

في السياق عينه، برّر وزير الاستخبارات والمُواصلات، يسرائيل كاتس الاستهداف الإسرائيليّ لبطارية سلاح الجوّ السوريّة بالقول إنّه تمّ تجاوز الخط الأحمر، ولن نسمح بذلك. وأقرّ بحساسية الوضع، لافتًا إلى أنّ السياسة الإسرائيليّة حذرة وصحيحة، وهي تدمج بين الهجوم والحكمة السياسية والرؤية الدولية.

في سياق متصّلٍ، ذكرت القناة العاشرة في التلفزيون العبريّ أنّ تقدير المؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة أنّه لا يتوقع تصعيدًا في أعقاب الحادثة الموضعية، لكن الاستثنائية، التي وقعت أمس في الشمال، مُضيفةً أنّ تل أبيب وجّهت رسالة إلى سوريا مفادها أنّها غيرُ معنيةٍ بالتصعيد.

وتساءل مُحّلل الشؤون العسكريّة في القناة نفسها، ألون بن دافيد، عمّا إذا كان وزير الدفاع الروسيّ أحضر معه قيودًا لإسرائيل، وهل سيقول الروس لإسرائيل كفى؟. وأضاف أنّ هناك منظومات في سوريّا يُمكن أنْ تُعيق عمل سلاح الجو الإسرائيليّ.

الآن المنظومات الروسيّة خارج اللعبة، الأمر يتعلّق فقط بمنظوماتٍ سوريّةٍ تعمل ضدّ "إسرائيل". علاوةً على ذلك، وأعاد بن دافيد التذكير بأنّ الحديث الأخير مع الروس لم يكن لطيفًا بعد الهجوم السابق، أيْ الغارة الإسرائيليّة على مصياف في حماة السورية قبل نحو شهر)، مؤكّدًا أنّ المُحادثة على الخط الساخن بين سلاح الجو والقيادة الروسية في سوريا لم تكن جيدة.

أمّا مُحّلل الشؤون العسكريّة في القناة الثانية، روني دانييل، فتطرّق إلى أهمية تحليق الطائرات الإسرائيليّة فوق الأراضي اللبنانية، بالقول إنّ هناك حاجة أمنية فعلية لمواصلة جمع المعلومات، عن كل ما يحدث حولنا، وتابع قائلاً إنّ حزب الله هو التهديد الأكثر فاعلية على الحلبة الشماليّة، وأضاف المُحّلل، المُقرّب جدًا من المؤسسة العسكريّة أنّ ما قامت به "إسرائيل" هو نقل رسالة قاطعة وواضح، داعيًا في الوقت عينه إلى عدم الاستخفاف بحزب الله، ولكن يجب عدم الخوف منه، ولفت إلى ضرورة عدم الاستخفاف بالرسالة السورية والموقف السوريّ، وقال في هذا السياق: إنهم سيردّون، لكن هنا أيضًا لست متأكّدًا من أنّ الأمر سيحصل.

في السياق عينه، ذكر موقع (YNET)، التابع لصحيفة (يديعوت أحرونوت) أنّ ما جرى ينطوي على أهميةٍ كبيرةٍ جدًا، باعتبار أنّ الطائرات المأهولة التابعة لسلاح الجوّ والطائرات المسيّرة تُحلّق بشكلٍ دائمٍ في الأجواء اللبنانية لتعقّب عملية تسليح حزب الله وتحصينه، وأنّ إطلاق النار من قبل السوريين على الطائرات الإسرائيليّة فوق الأراضي اللبنانية يشكل تآكلاً وضربة لقدرة الجمع ألاستخباريّ الإسرائيليّ.

أمّا مُحّلل الشؤون العسكريّة في موقع (WALLA) الإخباريّ-العبريّ، فقال إنّه بعد الواقعة الأخيرة، بات مؤكّدًا أنّ "إسرائيل" وروسيا بحاجةٍ ماسّةٍ إلى آلية تنسيق أخرى، لافتًا إلى أنّ هذا هو السبب الذي دفع الرئيس فلاديميير بوتن لإرسال وزير دفاعه لتل أبيب.

وأضاف أنّ "إسرائيل" لا تختبئ وراء الأمريكيين، فهي قادرة على الدفاع عن نفسها، ورسم الخطوط الحمراء، بحسب تعبيره.

زهير أندراوس - رأي اليوم

2