الديمقراطية الغربية العوراء .. سجن عجوز قاربت التسعين لإنكارها المحرقة

الديمقراطية الغربية العوراء .. سجن عجوز قاربت التسعين لإنكارها المحرقة
الأربعاء ١٨ أكتوبر ٢٠١٧ - ٠٩:٣٦ بتوقيت غرينتش

يفتخر الغرب ان نظامه السياسي هو نهاية التاريخ ولم يعد في جعبة البشرية ما يمكن ان تضيفه الى ما قدمه الغرب من نماذج “تحتذى” في الديمقراطية والحرية والتعديدة وحقوق الانسان والتعبير عن الرأي و..

العالم - مقالات

الديمقراطية الغربية رفضت وجود اي مقدسات او تابوات او خطوط حمر امام الإنسان، الذي رفعته الديمقراطية الغربية واجلسته على كرسي التقديس، فالأنسان هو الوحيد المقدس في المجتمع لا يحق لأي قوة في ذلك المجتمع ان تتعرض له باي شكل من الاشكال.

تقديس الإنسان يستدعي بالتالي تقديس كل ما يقوله هذا الانسان، فالانسان من وجهة نظر الغرب يمكن ان يقول كل شيء ويعبر عن كل شيء دون ان يستشعر خوفا من جهة مهما كانت هذه الجهة متنفذه وذات سلطة، فحرية التعبير مقدسة ما دام الانسان مقدس ولا يمكن المساس به او التعرض له ما دام يعبر عن رأيه دون ان يلجأ الى العنف او تعريض امن المجتمع للخطر.

هذا الانسان الغربي الذي كفل القانون الغربي له حرية ان يقول كل شيء، لم يترك في المقابل عبارة سيئة الا واستخدمها ضد الله والانبياء والاديان والكتب السماوية، دون ادنى اكتراث بمشاعر المؤمنين، فقد كان بالإمكان تحمل هذه الإساءات ضد الانبياء والرسل والكتب السماوية، لو كان الكلام اكاديميا، بل ان التعرض للمقدسات كان من باب السخرية، فكلنا يتذكر الإساءة التي تعرض لها نبي الاسلام صلى الله عليه واله وسلم، من قبل مجلات وصحف ساخرة غربية، وكذلك من مقبل مخرجين وممثلين غربيين.

الديمقراطية الغربية يبدو انها ليست عوراء لا ترى الامور كما هي فحسب بل ومنافقة ايضا، فهذه الديمقراطية لا ترى اي حرج في خطاب الكراهية الذي يستهدف المسلمين والمؤمنين في العالم والذي ادى الى اندلاع صراعات وحروب في العديد من المناطق، الا ان الغرب يرى هذا الخطاب الكارثي “حرية تعبير” لا تملك كل السلطات في الغرب القدرة على منعه او الوقوف في وجهه، بينما هذه الديمقراطية الغربية العوراء العرجاء المنافقة، يجن جنونها اذا ما تعرض شخص لذكر محرقة النازية او تناولها بشكل نقدي، او شكك في بعض جوانبها، حتى لو كان بطريقة اكاديمية بعيدة كل البعد عن خطاب الكراهية، كما حصل مع الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي، الذي حكم عليه بالسجن لأنه شكك علميا بارقام ضحايا المحرقة.

الانسان الغربي امام قضية المحرقة النازية، يتحول الى “عبد” لا يملك القدرة على التفوه بكلمة امام هذا “التابو” المخيف والمرعب، فتتعطل كل القوانين الغربية امام سطوة المحرقة، فلا ينفع هذا الانسان ديمقراطيته ولا شهادته ولا علمه ولا اكاديميته ولا شهرته، فلا يحق له النطق حتى باسم المحرقة، واذا ما تجرأ وذكر اسم المحرقة، يكون عندها قد فتح على نفسه ابواب جهنم.

آخر من تجرأ على ذكر المحرقة النازية في الغرب الباحثة والمؤرخة الالمانية أورسولا هافربيك البالغة من العمر 88 عاما، فدخلت السجن بسبب جرأتها، ولم يشفع لها انها قاربت التسعين، كما لم تشفع لها ديمقراطيتها.

الملفت ان هافربيك لم تنكر المحرقة، بل شككت في بعض جوانب الرواية الخاصة ب”معسكر أوشفيتز النازي” فقط، الا ان المحكمة حكمت عليها بالسجن ستة أشهر بتهمة إنكار المحرقة والتحريض على الكراهية.

الملفت ايضا ان هافربيك قالت امام المحكمة، ان ما قالته في الفيديو الذي استندت اليه المحكمة في ادانتها، حيث تظهر هافربيك تتحدث في اجتماع علني في يناير كانون الثاني 2016، لم يكن وجهة نظرها الشخصية، بل كانت تستشهد بأحد الكتب في هذا الشأن، الا ان ما قالته لم يشفع لها عند المحكمة.

الغريب ان الغرب يحاول جاهدا، ومنذ اكثر من قرن، تصدير ديمقراطيته العوراء هذه الى البلدان الاخرى، على جنح الطائرات وظهر الدبابات، وما يحدث الان من مأساة وكوارث في منطقتنا العربية والاسلامية، الا بعض تداعيات الديمقراطية الغربية الشوهاء.

  • شفقنا

208