حربٌ “ثلاثية الأبعاد” تنتظر “أكراد سوريا”!

حربٌ “ثلاثية الأبعاد” تنتظر  “أكراد سوريا”!
الأحد ٢٢ أكتوبر ٢٠١٧ - ٠٦:٢٩ بتوقيت غرينتش

باتت الأنظار تتجه نحو دور أميركا في رسم ملامح المرحلة المقبلة ومواصلة دعمها لحليفها الأبرز؛ الأكراد، الذين يترقّبون مستقبلهم بعد إعلان النصر على تنظيم “داعش” في مدينة الرقة السورية، وسط مخاوف من تفجّر كارثة.

العالم - مقالات 

وإثر غياب ملامح استراتيجية أميركية في سوريا، تدور العديد من الأسئلة في حال تخلّت واشنطن عن قوات سوريا الديمقراطية (وهو تنظيم يقوده تنظيم “ب ي د”، الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني)، ما الخيارات التي ستكون أمامهم؟ وكيف سيكون مستقبلهم إن تركتهم عرضة للتقدّم من قِبل الجيش السوري؟.

كارثة أميركية

المحلل السياسي والصحفي الكردي، محمد زنكنة، أكد أن “سياسة أميركا تتغيّر حسب المعطيات، ومسألة الانسحاب ما زالت مبهمة لدى إدارتها”، مؤكداً أن “تصريحات واشنطن متضاربة”، ومشيراً إلى أنها “مدّت القوات الكردية بالسلاح، سواء كانت تحارب مع النظام أو ضده”.

وقال زنكنة إن “أميركا تُعدّ لكارثة في المنطقة سيواجهها الشعب الكردي”، وبيّن أن “المشكلة الكبرى هي التقاء كل من قوات الحشد الشعبي، والجيش التركي، والتي ستتورط بها القوات الكردية”، مؤكداً أن “أميركا تعد العدة لهذا السيناريو”.

وتابع: “أعتقد أن هذه الأطراف الثلاثة ستجد نفسها وجهاً لوجه في هذه المنطقة، وستكون منطقة كردستان سوريا ملتقى لمعركة ثلاثية لن يسلم منها الشعب الكردي. أميركا دائماً تريد تقوية وجودها في أي منطقة تتعرّض لكارثة”، موضحاً أن “الأميركيين يريدون تحريك بقية اللاعبين الأساسيين، بالأخص الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن، لتأتي واشنطن بعدها وتأخذ امتيازات الانتصارات”.

من جهته رأى العراقي عزيز بارزاني، المختص في الشأن الكردي والعلاقات الاميركية الكردية، أنه خلال الأسابيع القادمة سيتضح إن كان الاميركيون سينسحبون بعد معركة الرقة أو ستكون هناك جولة من المعارك مع حلفاء الحكومة السورية.

وجدير بالذكر أن المتحدث باسم قوات التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "داعش"، العقيد رايان ديلون، أعلن أن قوات سوريا الديمقراطية انتهت من تطهير قرابة 90% من الرقة السورية شمالاً، بعد معركة دامت أربعة أشهر، إثر سيطرته على المدينة، منذ كانون الثاني 2014، معلناً إياها عاصمة له في سوريا.

الروس على الخط

وقال بارزاني إن “أكراد سوريا يسألون ماذا سيكون مستقبلهم في حال انسحبت الولايات المتحدة بعد طرد داعش من الرقة؟”، مبيناً أن “الروس على الخط أيضاً، والأكراد لديهم علاقات معهم”.

وتابع المختص في الشأن الكردي: “إذا افترضنا انسحاب أميركا فسيكون الروس على الخط، وسيحاولون أن يكونوا حلقة وصل بين الأكراد والحكومة السورية، على الرغم من تقارب أميركا وأكراد سوريا، إلا أن لديهم أيضاً علاقات مع الروس”.

وهذا أيضاً ما بيّنه زنكنة إذ قال: إن “الأكراد منفتحون اليوم على الجانب الروسي أكثر”، موضحاً أن “موسكو أعلنت، الخميس 19 تشرين الأول، أن هناك اتفاقية للكرد”، وسط إشارة منه إلى أن “الاميركيين مهتمون بمعركة إدلب وما حولها، ودعمهم للجيش التركي حالياً”.

مواصلة دعم وتحالفات

في حين قال مفيد يوكسل، المؤرخ التركي والباحث في الشأن الكردي: إن “واشنطن ستواصل تأييدها للأكراد، وهي تريد أن تتشكل لهم حكومات ودولة”. وبيّن أنها ما زالت تدعمهم بالأسلحة، وأن “هناك سيناريو في سوريا لانهيارها إلى ثلاثة دول”.

وأضاف يوكسل “الآن أميركا لن تنسحب، وستترك هذه المناطق لمنظمة حزب العمال الكردستاني الذي تصنّفه تركيا إرهابياً، وستواصل إعطاءهم الأسلحة”، مشيراً إلى أن “حكومة سوريا تركت هذه المناطق للحزب لتشكل قوة ضد تركيا وغيرها”.

كما بيّن المؤرخ التركي أن القوات “ستتحالف في دير الزور، وسيتركون الرقة لحزب العمال الكردستاني، أما دير الزور فمن الممكن تأسيس حكومة سلمية عربية فيها”.

وكانت صحيفة الواشنطن بوست الاميركية طرحت أيضاً سؤالاً، الخميس 19 تشرين الأول، عن مستقبل الوضع في سوريا، وخاصة بعد توالي الأنباء عن تقدُّم الجيش السوري مدعوما بحلفائه، في آخر معاقل التنظيم بدير الزور، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة تركت الخيار لقوات سوريا الديمقراطية بمواصلة التقدم بعد الرقة أو الوقوف.

أهمية وجود أميركا

وحول أهمية وجود أميركا من عدمه، في ساحة الحرب السورية الآن، رأى بارزاني أن “انسحاب أميركا لن يؤثر عليهم، خصوصاً أن مصلحة الروس تقتضي أن تحلّ الأطراف السورية مشاكلها مع الحكومة السورية بالطرق السلمية، وفق تفاهمات جديدة، تصوّر على أساس الحكم الذاتي”.

كما أن “هناك خيبة أمل، نحن لا نستفيد منها، ونحاول حفظ حقوقنا، وأن نقرر مصيرنا، اتضح أن المصالح الاميركية هي مع التوازنات الإقليمية في المنطقة وليس مع الشعوب”، على حد قوله.

ووصف نيكولاس هيراس، المحلل الأمني الاميركي، أن “الأمر سيكون كارثياً إذا ما قررت أميركا الانسحاب من المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في سوريا”، أما حسن حسن، الباحث بمركز التحرير في واشنطن، فقال: إن “عدم وجود سياسة واضحة لدى واشنطن في شمال شرقي سوريا قد يقوّض كل المكاسب التي تحققت حتى الآن”.

في حين أشار بلال صعب، الباحث في معهد الشرق الأوسط، إلى أن النفوذ الاميركي في سوريا ربما يكون أضعف من أن يسهم في تشكيل الأحداث. وقال: “مشاركتنا كانت وستظل دائماً محدودة إلى حدٍّ كبير، تركنا الساحة لروسيا وللإيرانيين (..) وربما فات أوان انخراطنا بفعالية”، وفق وكالة “رويترز”.

سيناريو كركوك

وحول إن كانت أميركا ستعيد السيناريو الذي حصل مع أكراد العراق، عندما سمحت واشنطن للحكومة المركزية في بغداد باستعادة مدينة كركوك من قبضة القوات الكردية التي كانت تحكم المدينة، قال بارزاني: “ما حصل في كردستان العراق مختلف تماماً؛ لأن القوات الاميركية لم تكن موجودة بالشكل الذي هو عليه بالمناطق الكردية في سوريا”.

وبيّن أن “الذي حصل لأكراد العراق ليس لأن واشنطن انسحبت؛ بل موقف أميركا السياسي انعكس سلباً على الواقع”.

وجدير بالذكر أنه على الرغم من حرص أكراد سوريا على بقائهم جزءاً من سوريا، فإن هناك مخاوف من النزعة الانفصالية لديهم، وازدادت بعد تصويت أكراد العراق لصالح الاستقلال، ما أدى لتحرّك عسكري من العراق وإجراءات صارمة من تركيا وإيران.

وتعتبر تنامي تركيا النفوذ الكردي السوري على حدودها تهديداً لأمنها، وضغطت على واشنطن لكي تتخلى عن تحالفها مع وحدات حماية الشعب الكردية قبل هجوم الرقة، لكن مساعيها لم تنجح.

المصدر : شام تايمز 

109-4