لعبة موسكو في سوريا!

لعبة موسكو في سوريا!
الإثنين ٢٣ أكتوبر ٢٠١٧ - ٠٧:٠٤ بتوقيت غرينتش

ليس هناك سوى الأمل بألا يقوم الروس بتغيير سياسة المتفرج حيال الشجار الدائر بين أولاد الحي واستبدالها بسياسة أكثر فعالية لوضع خطوط حمراء، سواء للسوريين أو للإيرانيين وبشكل أساس لإسرائيل، والتي من شأنها أن تغلق بوجه الجيش الإسرائيلي نافذة الفرص التي فتحتها أمامه الحرب الأهلية في سوريا للعمل، وحتى لشن هجمات، داخل هذه الدولة بهدف الحد من التهديدات المستقبلية على "إسرائيل".

العالم - مقالات وتحليلات

زيارة وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، إلى "إسرائيل" الأسبوع الماضي عكست قوة العلاقة المتنامية بين تل أبيب وبين وموسكو. فقد كانت هذه الزيارة الأولى لوزير دفاع روسي إلى "إسرائيل"، وهي تعكس رغبة الطرفين في تعميق مجمل العلاقات بينهما وإضافة بعد أمني آخر إلى العلاقات السياسية والثقافية والتجارية المزدهرة بين الدولتين.

إلا أنه في الوقت الذي كان فيه وزير الدفاع الروسي في طريقه إلى "إسرائيل" وقع حادث خطير آخر على الحدود الشمالية. إذ أطلق السوريون صاروخاً باتجاه طائرة إسرائيلية كانت تقوم بطلعة استطلاعية روتينية في الأجواء اللبنانية.

وكرد على ذلك هاجمت الطائرات الإسرائيلية البطارية التي اُطلق الصاروخ منها ودمرتها. وتدل التصريحات القادمة من دمشق، بما في ذلك تصريح رئيس هيئة الأركان الإيراني الذي زار سوريا في نهاية الأسبوع وجاء فيه أن إيران وسوريا لن تسمحا لإسرائيل بالاستمرار بتنفيذ هجمات في سوريا، تدل تلك التصريحات على أن الحادث القادم على الحدود الشمالية إنما هو مسألة وقت فقط.

وليس من الضروري أن يكون السوريون قد طلبوا الإذن من الروس لإطلاق الصواريخ على الطائرات الإسرائيلية. إلا أنه من المرجح الافتراض أن موسكو تعرف ومستعدة أيضاً للتسليم بسياسة دمشق الجديدة برفع عتبة الرد ومحاولة تحدي "إسرائيل" في كل مرة تعمل فيها داخل سوريا.

وفي الوقت نفسه، الروس يعرفون ومستعدون أيضاً للتسليم بالسياسة الإسرائيلية النشطة في سوريا. فبعد كل شيء، أكد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أكثر من مرة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أصغى باهتمام بالغ للتوضيحات التي قدمها حول ضرورة النشاطات الإسرائيلية ضد التواجد الإيراني في سوريا وضد شحنات الصواريخ من إيران إلى حزب الله.

ولم يدخل بوتين في مواجهة مع نتنياهو حول هذا الموضوع، وكل ما طلبه الروس من "إسرائيل" هو التأكيد على وجود التنسيق المتبادل بين الجيش الإسرائيلي والجيش الأحمر بهدف منع الصدام بين الجيشين في سوريا.

ومن الممكن أن تكون روسيا تدرك محدودية تأثيرها على الطرفين ولذلك هي تفضل عدم إقحام نفسها بين صديقتيها، سوريا و"إسرائيل" أيضاً، وهي بذلك تفسح المجال أمامهما لمواصلة الشجار.

وهذا الأمر صحيح أيضاً في ما يتعلق بإيران الشريكة الهامة (وإن لم تكن صديقة مقربة) لروسيا في الشرق الأوسط والتي ما يزال الروس بحاجة إلى خدماتها، وبطبيعة الحال إلى خدمات حزب الله، من أجل ضمان النصر النهائي لـ [الرئيس] بشار الأسد في الحرب في سوريا.

ومن الممكن أن يكون الروس أيضاً يركزون، مثل الأمريكيين بالضبط، على الهدف الآني الذي يواجههم. إذ تريد واشنطن القضاء النهائي على داعش، بينما تتطلع موسكو إلى تحقيق النصر المطلق لـ [الرئيس] الأسد. ولذلك فإنه لا يوجد لدى الروس لا الاهتمام، ولا الوقت، للانشغال بقضية “اليوم التالي”.

ولكن من الممكن أيضاً أن يكون تبادل الضربات بين "إسرائيل" وسوريا مريحاً لروسيا ذلك أن العراك والخوف من التصعيد يدفعان الطرفين إلى الحضن الروسي ويجعلان من بوتين الرجل الناضج المسؤول، وهي المهمة التي تخلى عنها الأمريكيون منذ فترة طويلة. والمشكلة هي أن تبادل الضربات الموضعية والمحدودة قد يتطور إلى مواجهة واسعة النطاق، التي قد لا يرغب أحد بها إلا أن الأطراف قد تجد نفسها وقد انزلقت إليها بسرعة بسبب سوء في التقدير أو زيادة عتبة المقامرة في ردودها (مثلما فعل السوريون في الأسبوع الماضي عندما أطلقوا صاروخاً باتجاه طائرة دورية إسرائيلية في مهمة روتينية، أي أنها لم تكن تهاجم سوريا). وإضافة العامل الإيراني إلى المعادلة من شأنه فقط أن يعقد الأمور بشكل أكبر.

إن الولايات المتحدة هي حليف هام لإسرائيل، وبخاصة لجهة كل ما يتعلق بالدعم السياسي غير المحدود والحفاظ على التفوق العسكري والتكنولوجي لإسرائيل على أعدائها. ولكن يبدو أنه من أجل إيجاد صيغة تضمن الهدوء على الحدود الشمالية، موسكو اليوم هي العنوان.

ليس هناك سوى الأمل بألا يقوم الروس بتغيير سياسة المتفرج حيال الشجار الدائر بين أولاد الحي واستبدالها بسياسة أكثر فعالية لوضع خطوط حمراء، سواء للسوريين أو للإيرانيين وبشكل أساس لإسرائيل، والتي من شأنها أن تغلق في وجه الجيش الإسرائيلي نافذة الفرص التي فتحتها أمامه الحرب الأهلية في سوريا للعمل، وحتى لشن هجمات، داخل هذه الدولة بهدف الحد من التهديدات المستقبلية على "إسرائيل".

ترجمة: مرعي حطيني/ الميادين

المصدر : "إسرائيل اليوم"

2-10