هل فقدت أمريكا الهيمنة على حلفائها؟

هل فقدت أمريكا الهيمنة على حلفائها؟
السبت ٢٨ أكتوبر ٢٠١٧ - ٠٦:١٤ بتوقيت غرينتش

اتجهت العلاقات الفلبينية الروسية أثناء الفترة الأخيرة إلى المزيد من التقارب والتنسيق السياسي والعسكري، الأمر الذي يثير قلق أمريكا التي كانت تعتبر الفلبين أحد أذرعها في شرق آسيا.

العالم - الاميركيتان

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة لم تظهر اهتمامها بهذا التقارب، فإن المؤشرات توحي بأن العلاقات الروسية الفلبينية لا تهدد فقط مستقبل البلاد الغربية، بل وتشكك في قدرة أمريكا على الهيمنة على حلفائها السابقين.

عقود تسليحية

وقعت روسيا والفلبين، قبل أيام قليلة، أول عقد بين البلدين لتصدير قاذفات "آر بي جي – 7 في"، وقذائف لها، وجرى التوقيع في مدينة "كلاركالتي تستضيف حاليا الاجتماع الرابع لوزراء دفاع البلاد الأعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا وشركاء الحوار، ووقع الوثيقة عن الجانب الروسي المدير العام لشركة "روس أوبورون إكسبورتألكسندر ميخييف، وعن الجانب الفلبيني وزير الدفاع دلفين لورينزانا، وذلك بحضور وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو.

يأتي هذا بعد أيام قليلة من إعلان الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي، في منتصف تشــرين الأَول الجاري، أن مانيلا اتفقت مع موسكو على منحها 5 آلاف بندقية كلاشينكوف روسية الصنع مع مليون طلقة لها، فضلًا عن 20 شاحنة عسكرية، مجانًا، وأَعْلَنَ دوتيرتي، أن هذا الاتفاق تم التوصل إليه خلال زيارته القصيرة إلى موسكو في أيــار المنصرم، مؤكدًا أن شحنة الأسلحة الروسية ستصل قريبا عن طريق البحر.

تعتبر هذه الدفعة من الأسلحة الروسية إلى الفلبين هي الأولى من نوعها بين البلدين، فالفلبين وبروناي هما الدولتان الوحيدتان اللتان لم يشتريا سابقا السلاح الروسي، وهو ما أكده المتحدث باسم وزارة الدفاع الفلبينية أرسينيو أندولونغ، الذي أَبْلَغَ: "بقدر ما أستطيع أن أتذكر، فإن الروس لم يزودونا أبدا بأي نوع من المعدات في السابق"، الأمر الذي يعني اهتمام الفلبين بتوسيع التعاون العسكري التقني مع موسكو في الوقت الحالي.

التقارب الروسي الفلبيني

التقارب الروسي الفلبيني دليل واضح على حدوث تغير ملموس في نهج الفلبين السياسي، حيث ظلت الولايات المتحدة الأمريكية الحليف الوثيق والمصدر الأساسي للأسلحة بالنسبة لمانيلا، إلا أن نهج الفلبين تبدل تجاه أمريكا بعد تولي الرئيس الحالي دوتيرتي، في سـنة 2015، إذ اتبع سياسة معادية لأمريكا التي كانت تستعمر مانيلا في السابق، وتصاعدت الخلافات بين الطرفين على خلفية انتقادات أمريكية لحملة أمنية أطلقها الرئيس الجديد ضد مهربي المخدرات، وهي الحملة التي طالتها اتهامات أمريكية تتعلق بحقوق الإنسان وحرية التعبير، الأمر الذي دفع الرئيس الفلبيني للاتجاه نحو تنويع مصادر أسلحة بلاده بعد أن أصبح الولاء الأمريكي للفلبين مشكوكا به، وقد سبق الصفقة الروسية الفلبينية تقارب من نوع آخر بين الأخيرة والصين، فقد منحت الصين، في وقت سابق من العام الجاري، حوالي 6 آلاف بندقية مع الذخيرة إلى مانيلا مجانًا.

تدهور العلاقات الفلبينية الأمريكية سبق أن ظهر في تلميحات الرئيس الأكثر إثارة للجدل دوتيرتي، فقد وجه العديد من الانتقادات اللاذعة والسباب للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، والحالي دونالد ترامب، وإدارتيهما، كـــذلك سبق أن وصف أمريكا بأنها مقيتة ومنافقة، وظهرت الخلافات جليا بعد أن وجه الرئيس ترامب، دعوة إلى نظيره الفلبيني دوتيرتي، لزيارة واشنطن في أبريل السابق، وهي الدعوة التي أثارت وابلا من الانتقادات من جانب ساسة الولايات المتحدة، لكن دوتيرتي، تعمد إحراج الإدارة الأمريكية ليخطب ود روسيا، فاختار إلغاء زيارته إلى أمريكا ليزور روسيا أولًا، قائلًا: "حاليًا أنا مشغول، ولا يمكنني زيارة الولايات المتحدة الأمريكية، إذ أنه عليّ أولًا زيارة روسيا".

واشنطن منزعجة

تحاول الولايات المتحدة الأمريكية التقليل من أهمية توريد روسيا والصين معدات عسكرية إلى الفلبين، فيما تظهر الوقائع الحالية عكس ذلك تمامًا، فبعد أيام من إعلان الطرفين الروسي والفلبيني توقيع عقود تسليحية بينهما، سارع وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، إلى زيارة الفلبين، وأشاد بنجاح مانيلا في صد جماعة "داعشعلى أراضيها، في محاولة لخطب ود الدولة الساعيه للخروج عن الهيمنة الأمريكية.

في الوقت نفسه، حاول ماتيس التقليل من أهمية التقارب الروسي الصيني- الفلبيني، وقال إن أمريكا ليست قلقة من آفاق منح الصين وروسيا معدات إلى مانيلا، واضاف: "لا نعلق أهمية كبرى على ذلك، مجرد بعض الشاحنات والأسلحة التي يجري إنزالها في بلد لا يزال يخوض حتى الآن حربا مع إرهابيين".

من نــاحيته، هوّن السفير الأمريكي سونج كيم، من شأن المخاوف الأمريكية من سعي دوتيرتي، للتقارب مع الصين وروسيا، وألَمَّح إلى أن الولايات المتحدة، هي الحليف الوحيد الذي تربطه معاهدة وعلاقات أكثر عمقًا مع الفلبين، وقال كيم: لا أشعر بالتهديد حقيقة من فكرة أن الصين أو روسيا توردان بعض المعدات العسكرية للفلبين، مضيفًا: "كنا نورد معدات مهمة للغاية للفلبين على مدى اعـوام طويلة جدًا، الصينيين والروس وردوا بعض البنادق، ولا أعتقد أنها تطالب حقيقة لإثارة القلق في الولايات المتحدة".

أمريكا تفقد سيطرتها

فضلا عن الإزعاج الذي يسببه التقارب الروسي الفلبيني لأمريكا، فإن هذا التقارب مؤشر جديد وخطير على فقدان أمريكا لقدرتها على الهيمنة على حلفائها في آسيا سواء على الجانب السياسي أو العسكري، ويرى العديد من المراقبين أن العقود التسليحية بين موسكو ومانيلا ما هي إلا رسالة سياسية ضمنية لأمريكا بأن حلفاءها في آسيا باتوا خارج العباءة الأمريكية بل ويتجهون إلى التقارب مع منافسي واشنطن اللدودين خاصة روسيا والصين، ويلجأون إلى أنظمتهم الدفاعية والهجومية عوضا عن تلك الأنظمة الأمريكية، الأمر الذي يعني اكتساب روسيا والصين قوة وسلطة في الساحة العالمية.

في ذات الإطار، قال خبراء في العلاقات الدولية إن الولايات المتحدة الأمريكية تفقد نفوذها في أسواق بيع السلاح بعد شراء الفلبين الأسلحة الروسية، مؤكدين أن هناك استبدالا للتأثير الأمريكي من قبل بلدان أخرى، وتأتي روسيا في المقام الأول، فعندما تقوم الفلبين بشراء الأسلحة الروسية فهم يصبحون بطريقة أو بأخرى تابعين لروسيا، لتصبح النتيجة النهائية هي فقدان الولايات المتحدة لنفوذها في العـالم، ووفقًا للخبراء فإن الصفقة الأخيرة بين الفلبين وروسيا، مربحة للفلبين من الناحية الاقتصادية، فالأسلحة الروسية أرخص 3 مرات من الأمريكية، وفي الوقت نفسه تتمتع بجودة مماثلة أو أفضل.

المصدرالبديل

213