عن «أختنا» السعودية الجديدة «صوفيا» من مملكة الروبوتات!

عن «أختنا» السعودية الجديدة «صوفيا» من مملكة الروبوتات!
الإثنين ٣٠ أكتوبر ٢٠١٧ - ٠١:٠٣ بتوقيت غرينتش

إذا غضبت السلطات السعودية لأي سبب من «صوفيا».. هل تسحب جنسيتها وتلغي قيدها المدني؟ هذا السؤال خطر على ذهني مرارا وتكرارا وأنا أشاهد القناة الثانية في المملكة الشقيقة، وهي تتحدث بتوسع عن المرأة الروبوت، التي قيل لنا إنها منحت الجنسية وجواز السفر.

العالم - السعودية

حسب الشرح الذي تعيده مرة تلو المرة كل فضائيات السعودية للأمير الطموح محمد بن سلمان، وحسب فاصل دعائي كوني حقن في بلعوم الجميع في هذه الأمة وسطح الأرض مشروع «نيوم» الطازج سيعتمد على ما يسمى «أتمتة» وسيدار من قبل صوفيا وشقيقاتها.

لسبب أو لآخر تذكرت ثقافة الدول العربية في «سحب الجنسيات» فحكوماتنا تتفنن في هذا الأمر، حيث تسحب الجنسيات في البحرين والسعودية وسحبت سابقًا في الأردن، وحيث فئات عريضة من «البدون» في كل الدول الخليجية.

قيل لنا إن صوفيا المدهشة لديها قدرة على إظهار «انفعالات محددة»، وقد سئلت أمام الأمير محمد بن سلمان عن دورها في المستقبل فتحدثت عن شعورها بالفخر لأنها أول «مجنّسة إلكترونية».

يا ترى لو صدرت عن صوفيا نظرة «لعوب» وسط الرياض بحق أحد المشايخ أو اختلطت خلاياها الناظمة وقررت انتقاد الاعتقالات أو طالبت بالإفراج عن الأمراء المعزولين.. يا ترى لو حصل ذلك، هل تستطيع الاحتفاظ بجنسيتها وجواز سفرها السعوديين؟!

الأخت الجديدة

صوفيا من دون الإجابة سعوديًا عن أسئلة الإصلاح السياسي وقدرة على الانتقاد الشرعي ستكون مجرد لوحة إعلانية.. مشروع «نيوم» إياه يبدو مدهشًا ولا عقل أو تعقّل في معارضته ما لم يعمل لمصلحة إسرائيل، لكن استفسارنا ثقافي محض: كيف يمكن أن ينفذ هذا الانتقال الكبير المرحب به طبعا على شواطئ البحر الأحمر من دون دولة مؤسسات وقانون؟

صوفيا، أختنا السعودية الجديدة، التي انضمت للأمة محتاجة لمضمون سعودي لا لخبير إلكتروني ياباني فقط، لكي يديرها ويجعلها تبتسم أمام سمو الأمير وشركائه في «نيوم».. من دون مضمون اجتماعي وإصلاحي ستبقى هذه الصبية المسكينة مجرد لعبة تشارك في حفلة «وناسة» على الطريقة الخليجية، ويمكن سحب بطاريتها مِن قِبل عسكري بائس لا يؤمن أصلا بالابتسام.

إذا كانت الروبوتات ستحصل في مملكة العهد الجديد على جنسيات وجوازات سفر على حساب حرية الإنسان في التعبير مثلًا، فمن المنطقي أن نتوقع قريبًا جدًا افتتاح فرع سعودي كبير فيه روبوتات أيضا يحمل اسم «المتابعة والتفتيش» وظيفته سحب الجنسيات الممنوحة، حيث يكفي هنا سحب البطارية اليابانية أو الألمانية.

أي رؤية من دون مضمون فكري وثقافي على أهميتها وطموحها ستبقى مجرد «لعبة»!

بسام البدارين/ القدس العربي

106-