محافظة حماه.. واستراتيجية التحرير

محافظة حماه.. واستراتيجية التحرير
الأحد ٠٥ نوفمبر ٢٠١٧ - ٠١:٤٠ بتوقيت غرينتش

لا يختلف اثنان على أن تحرير مدينة حلب، وما أعقبه من تراجع في فرص "المعارضة السورية المسلحة" في تحقيق إنجازات عسكرية قد ساهم في نشر جو من التخبط والتشاؤم في صفوف المسلحين و "حاضنتهم الشعبية" التي وقفت مع "الثورة" في السراء والضّراء وقدّمت تضحيات من أجل نجاحها. ذلك أنّ تحرير حلب أسقط الخِمار "الجهادي" المُسيطر على "جمهور الثورة" الذي لم يعد واثقاً من ثمار تضحياته بعد الانتكاسات المتتالية.

العالم- سوريا

فالهزيمة في حلب تخطت حدود الجغرافيا، وبات هذا واضحاً في الميدان السوري ككل فالخارطة قبل التحرير ليست كما بعده، من الشمال وصولاً إلى الحدود السورية العراقية، إذاً حلب كانت كلمة السر إن صح التعبير.

وكنظرة بالعين الاستراتيجية إلى محافظة حماه وما يلحظه موقع هذه المحافظة من الأهمية الجغرافية في قلب سوريا فإنها دون شك لا تقل شأناً عن حلب، باعتبار حماه بوابة للساحل السوري عبر طريق بيت ياشوط، ومنها يمر الشريان الرئيسي لحلب عبر طريق السلمية-أثريا-خناصر، وتعتبر أهم نقطة وصل وفصل جغرافي بين جنوب وشمال سوريا، ويتبع ذلك قيمة استراتيجية وجيواستراتيجية للمحافظة من خلال تنوع تضاريسها بين السهلية والهضبة التي يخترقها نهر العاصي مما أعطاها ميزة اقتصادية أهميتها كبيرة في ظروف السلم والحرب، ويضاف إلى ذلك أنها تمتد على مساحة جغرافية واسعة تقترب من تسعة آلاف كيلومتراً مربعاً، وتُعتبر حماة أكثر المحافظات السورية التي تربطها حدود مع المحافظات الأخرى، وترتبط معهم عبر شبكة مواصلات من طرق وسكك حديدية، فهي ممر رئيسي ومهم لمحافظة حلب شمالاً، وإدلب من الشمال الغربي، واللاذقية غرباً، وطرطوس من الجنوب الغربي، وحمص من الجنوب والشرق، والرقة من الشمال الشرقي.

كل ذلك جعل المعارضة المسلحة تحشد قواتها للسيطرة على المحافظة التي لها تأثير هام في قلب موازين القوى وهذا ما كانت تدركه جماعة "الإخوان المسلمين" التي انقلبت على الحكومة السورية ونشرت الفوضى في المحافظة في سبعينات وثمانينيات القرن الماضي، *(أحداث 1964 وأحداث 1982)*، الأمر الذي اعتبرته المعارضة المسلحة مركزاً "للحراك الثوري" على امتداد التاريخ السوري، فربط الماضي بالحاضر لدى المسلحين لم يكن فقط عبر الدعوات والمظاهرات والضخ الإعلامي الموجه، بل ارتبط عسكرياً أيضاً من خلال أسماء المعارك التي أطلقوها منها "غزوة مروان حديد" التي شاركت فيها الفصائل المسلحة في 28/8/2016 لمهاجمة مواقع الجيش السوري، ويعتبر "مروان حديد" مؤسس ما يسمى "الطليعة المقاتلة" التي تعتبر الجناح العسكري لجماعة "الإخوان المسلمين" في سوريا وهي التي اشعلت أحداث 1964 في حماه.
وبالنظر إلى عدد وأسماء المعارك التي أطلقتها الجماعات المسلحة في حماه إضافة إلى عدد الفصائل المشاركة يتضح لأي مراقب للشأن السوري حجم الأهمية التي توليها الفصائل المسلحة وداعموها لهذه المحافظة التي شهدت عشرات الاشتباكات والمعارك الكبيرة المتتالية.

أبرز المعارك التي خاضتها الفصائل المسلحة في محافظة حماه والتي انتهت بكسر شوكتهم التي تجسدت بهزائم مدوية طالت اوائل مجموعات الاقتحام ومقتل المسؤولين العسكريين والأمنيين فضلا عن عشرات الخسائر البشرية والجرحى وتدمير عدد كبير من الآليات العسكرية، هي:

1-
معركة "غارة الله" في 18/10/2013.
2-
معركة "غزوة حماة" في 13/10/2015.
3-
معركة "حمم الغضب لنصرة حلب" في 20/8/2016.
4-
معركة "غزوة مروان حديد" في 28/8/2016.
5-
معركة "في سبيل الله نمضي" في 29/8/2016، وكانت بأربع مراحل آخرها بتاريخ 22-3-2017.
6-
معركة "وقل اعملوا" في 21/3/2017.
7-
معركة "صدى الشام" في 24/3/2017.
8-
معركة "يا عباد الله أثبتوا" في 19/9/2017.

الفصائل التي شاركت بمختلف المعارك والاشتباكات في محافظة حماه، والتي تفكيك انتهت بتفكيك بعضها واندماج البعض ببعضها الآخر هي:

 "
هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة).
 "
حركة أحرار الشام".
 "
الحزب الإسلامي التركستاني".
 "
جيش إدلب الحر".
 "
جيش العزة".
 "
جيش النصر".
 "
جند الأقصى".
 "
سرايا المرابطون".
 "
فيلق الشام".
 "
لواء أهل البيت".
 "
كتائب جند الشام".
 "
لواء بلاد الشام".
 "
لواء المجد".
 "
جيش حماه".
 "
كتيبة أسود الحرب".
 "
جيش النخبة".
 "
الفرقة الوسطى".
 "
داعش"

علما أن الجماعات المسلحة بتنوعها عمدت جاهدة إلى استثمار الأهمية الجغرافية لمحافظة لحماه عبر هجومها على مواقع الجيش السوري وخطوط الإمداد من حمص وحماة نحو حلب واللاذقية والتي كان أهمها طريق أثريا-خناصر، الذي استطاع الجيش السوري وحلفاؤه تأمينها من الجهة الشرقية لحدود نهر الفرات، بينما كانت الجماعات المسلحة تحاول إبراز نفسها كقوة يُعتمد عليها في الميدان السوري، هذا الأمر كله أفشله الجيش السوري وحلفاؤه عبر الخطط العسكرية المحكمة التي امتصت معظم المعارك واتبعت سياسة العزل والتطويق ما سرّع في عملية التقدم والسيطرة ، وهو ما جعل هزيمة الجماعات المسلحة أمراً واقعاً وما اعترافها بخسارتها المواجهة العسكرية أمراً لا ناصية منه وهو ما يترجم عجزاً واضحاً بتغيير التوازنات الراهنة في الواقع المنظور ، فالجيش والحلفاء يسيطرون على ما مساحته 89% من محافظة حماه أي أن توزع المسلحين ينحصر في مساحة 11%، وهذه المساحة تتضاءل تباعاً، الأمر الذي جعل الجماعات المسلحة مكبّلةً وعاجزة، وفرض عليها أن تراوح مكانها، فهي تعي تماماً أن تحرير حماه لن يقل أهمية عن حلب.