خطوتا عون احبطتا خطة سعودية لتقويض الحكومة

خطوتا عون احبطتا خطة سعودية لتقويض الحكومة
الإثنين ١٣ نوفمبر ٢٠١٧ - ٠٦:٥١ بتوقيت غرينتش

لم يكن السبت 4 تشرين الاول يوماً عادياً في تاريخ ​لبنان​، فكانت سابقة خطيرة تمثلت باعلان "مشبوه" ومفاجىء جداً لرئيس ​الحكومة​ ​سعد الحريري​ من ​السعودية​ قضى باستقالة الحكومة وشن حملة قاسية على ​حزب الله​ و​ايران​.

العالم - لبنان

الخطوة صعقت الجميع في لبنان، وفاجأت بشكل خاص رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ الذي ابقى على علاقة اكثر من جيدة مع رئيس الحكومة، ووفق تعبيره لمجلة "باريس ماتش" عشية زيارة الدولة التي قام بها الى فرنسا في ايلول الفائت، قال إن سعد الحريري شخص معتدل وتربطه به علاقة ثقة.

ردّة الفعل الاولى لرئيس الجمهورية كانت ارجاءه الزيارة الرسمية التي كان ينوي القيام بها الى الكويت في اليوم التالي، ثم انكب على دراسة الوضع الذي أدّى الى خطوة الحريري، واصرّ اولاً على عودة رئيس الحكومة الى لبنان قبل البت ب​الاستقالة​. يوماً بعد يوم ترسخ في ذهن الرئيس عون ان الشيخ لم يقدم على "طعنه في الظهر" وان القضية اكبر من ذلك، فعمد الى اجراء سلسلة مشاورات داخلية، وبعد ​الاتصالات​ تشكلت صورة واضحة عن اسباب هذه "الاستقالة المشبوهة"، قوامها وفق ما شرحته مصادر متابعة التالي:

-راهن ​السعوديون​ على ان عون الذي يشدّد ويهتم بضرورة مبادلته الاحترام في التعاطي معه -والخطوة التي اقدم عليها الحريري لم تلحظ احترامه شخصياً ولا مركز الرئاسة- وبالتالي، اعتبر واضعو الخطة ان عون سيقوم بردّ فعل سريع ويقبل الاستقالة ويدعو الى اجراء استشارات نيابية.

-الرهان على الخطة تضمّن ايضاً بداية تراجع العلاقة بين عون والحريري على الصعيد الشخصي وهو امر كفيل بتقويض الاتفاق الذي وافق عليه تيارا المستقبل والوطني الحر قبل ​الانتخابات الرئاسية​، وبقي مستمراً بشكل تام بعدها طوال السنة الفائتة. ومع تسمية الحريري مجدداً خلال الاستشارات، لن يتم تشكيل حكومة بطبيعة الحال فيطول التأليف بعد التكليف، ويرتفع منسوب التشنّج السياسي بعد انفصال الحريري والسنّة بشكل عام عن البقية.

-الخطة تتضمن بعدها اظهار عون وحزب الله في خانة واحدة، اذ في غياب الحريري، سيكونان اقرب الى بعضهما، وسيسهل بالتالي شن حملة دبلوماسية على رئيس الجمهورية بهدف مقاطعته واعادة احياء الفترة الاخيرة من عهد الرئيس السابق العماد ​اميل لحود​.

ازاء هذه التطورات والمعطيات، تشير المصادر الى ان عون اتخذ القرار بالردّ، انما وعلى عكس ما توقع واضعو الخطة، استوعب الصدمة الاولى، وبدأ حملة داخلية ودبلوماسية خارجية كبيرة للضغط على السعودية، وخصص كل نشاطه طوال اسبوع كامل من اجل هذه القضية، حيث بدأت تؤتي ثمارها فباتت قضية الحريري محط اهتمام واولويّة على الاجندة الدوليّة للعديد من الدول وفي مقدمها فرنسا.

اما الخطوة الثانية التي قام بها رئيس الجمهورية ونجح من خلالها في كسر الخطة المرسومة، فكانت تسمية الامور بأسمائها وعدم المواربة، وتحويل قضية سنّية الى قضية لبنانية بامتياز، ورفع الصوت في وجه السعودية تحديداً، وهو امر لم يقم به رئيس لبناني منذ وقت طويل، مخافة رد الفعل السعودي على الساحة اللبنانية. الا ان عون تسلّح بالحماسة الوطنية التي ظهرت وبنجاح الاتصالات الدولية التي اجريت، ودعا الرياض الى توضيح ما يحصل مع الحريري، رغم علمه ان الردّ السعودي لن يكون لطيفاً وقد يطرق ابواب الاقتصاد والمال وحتى مصير اللبنانين في ​دول الخليج​ (الفارسي)، ولكن في حسابات الربح والخسارة، يبقى لبنان رابحاً لأنّ مخطّط اصابته بالشلل وزعزعة استقراره كان سيدفع ثمنه اللبنانيون اضعافاً مضاعفة.

كما ان عون قطع الطريق على ما تم اعداده، فأعلن مسبقا ًان كل ما يصدر عن الحريري من السعودية لن يكون له أي قيمة باعتبار انه كلام "تحت الضغط".

يمكن القول انه حتى الساعة، لم تنفع الاوراق التي تم لعبها من اجل انجاح الخطة في لبنان، ويبقى الكثير ليقوم به هذا البلد للعودة الى ما كان عليه قبل الرابع من الشهر الحالي، ولكن الخطوة الاولى وهي الاصعب قد اتخذت ونحن بتنا على ابواب الخطوة الثانية.

طوني خوري - النشرة

6