مصر.. ضياع "كنوز الفراعنة" بين تطور السرقة وضعف الرقابة

مصر.. ضياع
السبت ٢٥ نوفمبر ٢٠١٧ - ١١:١٩ بتوقيت غرينتش

أسالت الاكتشافات الأثرية التي توصلت إليها البعثات الأجنبية والمحلية العاملة في مصر، أخيراً، لعاب شبكات تهريب الآثار، التي يسعى أفرادها إلى ثراء سريع من خلال العثور على الكنز الأثري الذي يقلب حياتهم، في بلد يمتلك ثلث آثار العالم.

العالم - منوعات 

وزادت عمليات الحفر والنبش غير الشرعية في المناطق الأثرية، خاصة السكنية منها، من بعض الشبكات التي تعمل في تهريب الآثار؛ وهو ما قابلته الجهات الأمنية المصرية بتكثيف حملاتها على تلك الشبكات، من أجل تحصيل كل الآثار التي يتم اكتشافها خارج سلطة الدولة.

وبحسب موقع “إرم نيوز” فان الظاهرة والآليات التي ينتهجها الحفارون والمهربون في سعيهم لتتبع أماكن وجود الكنوز الفرعونية، والطرق التي تتم عبرها عمليات التهريب بين المحافظات وللخارج لبيعها للمهتمين.

المواقع والآليات

يقول أحد عمال الحفر والتنقيب “غير الشرعي” وهو من محافظة “بني سويف”، إنهم يختارون بعض المواقع أسفل منازل المواطنين، ويتم الحفر عبر طريقتين الأولى “مصرية” تعتمد على الخبرة بتضاريس المكان، وتتركز في القاهرة والأقصر وأسوان، والثانية “مغربية” تستند إلى الدجل، وتتمركز في بضع محافظات بالصعيد.

وأضاف أن “عمليات الحفر، وسرقة القطع الأثرية داخل الأماكن المسجلة أثريًا، تتم من خلال بعض حراس الآثار والخفراء المعينين من قبل وزارة الآثار المصرية”، وهو ما أكده اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية سابقًا، بقوله، إن 90% من هؤلاء الحراس “لصوص”.

وهناك طريقة ثالثة تتم عبر عصابات منظمة في الاتجار بالآثار، وفق ما كشفت عنه عالمة الآثار المصرية مونيكا حنا، التي أشارت إلى أن هناك عصابات منظمة تعمل لحساب أشخاص يدفعون تكاليف التنقيب عن الآثار، علاوة على أنهم يمتلكون أجهزة حديثة للكشف عن المعادن الثمينة مثل: “جيوسونار” المتخصصة بالكشف عن الآثار والذهب الموجود في جوف الأرض، علاوة على امتلاكهم الأسلحة للدفاع عن أنفسهم حال ملاحقتهم.

حاميها حراميها

وكشفت حنا في حديث ، أن “المخازن الأثرية بها آثار عديدة غير مسجلة، ويتم بيعها”، لافتة إلى أنه “يمكن استعادة الأثر المعروض في المزادات الأجنبية إذا كان مسجلًا في هيئة الآثار الحكومية، أما الآثار الخارجة عن الحفر فجميعها غير مسجلة، وبالتالي من المستحيل استعادتها”.

وشدد مساعد وزير الداخلية الأسبق اللواء محمد نور الدين، على أن نسبة كبيرة من حراس المخازن الأثرية “لصوص”، مشيرًا إلى أن 90% من قضايا سرقة الآثار تتم من خلال الموظفين القائمين على حمايتها، وهناك العديد من الآثار المسروقة تتم عبر البعثات الأجنبية المنقبة عن الأثار، حسب قوله.

تهريب حديث

وكشفت مجلة “لايف ساينس” العلمية عن طريقة أخرى لنهب الآثار المصرية، إذ قالت إن “لصوص الآثار أصبحوا يستغلون مواقع التواصل الاجتماعي لتجنيد علماء الآثار المتخصصين في علم المصريات”.

وقالت المجلة، إن سرقة المواقع الآثرية المصرية قد زادت بشكل غير مسبوق داخل مصر، منذ ثورة الـ25 من يناير من عام 2011، مشيرةً إلى أن الظروف الاقتصادية الصعبة أحد أهم العوامل التي تساعد على تفاقم ظاهرة التنقيب عن الآثار.

ورصدت دراسة علمية أجرتها العالمة سارة باركاك، أستاذ علم الإنسان في جامعة “ألاباما” في “برمنجهام” البريطانية، ونشرتها مجلة “لايف ساينس”، الثقوبَ التي تركها لصوص الآثار خلفهم في الأرض خلال عمليات نبش المقابر الفرعونية عبر صور الأقمار الصناعية.

وكشفت الدراسة، أن أسوأ فترة مرت على مصر في عدد حُفر النهب كان في الفترة من 2011 إلى 2013، إذ تم رصد 38 ألف حفرة، وشملت الدراسة وقتها، إجمالي 1100 صورة من الأقمار الصناعية للمواقع الأثرية في وادي النيل والدلتا في مصر بين عام 2002 وعام 2013.

عقوبات متباينة

في القانون المصري يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة، وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه، ولا تزيد على 50 ألف جنيه كلّ من قام بتهريب أثر إلى خارج الجمهورية أو اشترك في ذلك، ويحكم في هذه الحالة بمصادرة الأثر محل الجريمة وكذلك الأجهزة والأدوات والآلات والسيارات المستخدمة فيها لصالح الهيئة.

كما يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن 5 سنوات ولا تزيد على 7 سنوات وبغرامة لا تقل عن 3 آلاف جنيه ولا تزيد على 50 ألف جنيه، كل من سرق أثرًا أو جزءًا من أثر مملوك للدولة، أو قام بإخفائه، أو اشترك في شيء من ذلك، ويحكم في هذه الحالة بمصادرة الأثر والأجهزة والأدوات والآلات والسيارات المستخدمة في الجريمة لصالح الهيئة.

ويعاقب بالحكم ذاته، كلّ من هدم أو أتلف -عمْدًا- أثرًا أو مبنى تاريخيًا أو شوهه أو غيّر معالمه أو فصل جزءًا منه أو اشترك في ذلك، فضلًا عمن أجرى أعمال الحفر الأثري، دون ترخيص أو اشترك في ذلك.

لا يوجد حصر حقيقي بالآثار المهربة

ونفى عمر زكي، وهو أحد مسؤولي وزارة الآثار، وجود إحصائية تظهر العدد الحقيقي للآثار المهربة خارج البلاد، مشيرًا إلى صعوبة حصر عدد القطع الأثرية التي تستخرج من المواقع “خلسة”، أما فيما يتعلق بالموجود في المتاحف والمخازن فيمكن حصرها؛ وذلك لكونها -بالفعل- مسجلة لدى وزارة الآثار.

وأضاف في تصريح ، أنه “لاستعادة القطع الأثرية التي تتواجد بالمزادات العالمية، لا بد من إظهار سند ملكية لتلك القطع، أما في حين عدم توافر السند نُلزم صالات المزادات التي بها القطع الأثرية، إظهار ما لديها من سند”.

وتابع زكي قائلًا: “إن عملية بيع الآثار كانت مباحة في مصر من عهد محمد علي، وحتى بعد ثورة 1952، فضلًا عن تواجد نظام القسمة، والتي عن طريقها يتم اقتسام ما يُكتشف من الآثار من خلال البعثات الأجنبية والمصرية، ولكن تم تحريم بيعها من خلال قانون 117 لعام 1983، مضيفًا أنه على الرغم من ذلك كان للآثار التي تخرج من مصر في ذلك الوقت، سند ملكية.

مواجهة مهربي الآثار

وحول كيفية التهريب خارج مصر، أوضح اللواء محمد نور الدين مساعد وزير الداخلية الأسبق، أن “عملية التهريب تتم عبر عدة طرق أبرزها: الموانئ، والجمارك، مطالبًا بإحكام الرقابة والاستعانة بأجهزة حديثة للكشف عن تلك الآثار.

وطالب نورالدين بتحديث المنظومة الأمنية حول المتاحف الأثرية، والاستعانة بأنظمة فنية ومراقبة على أعلى مستوى، فضلًا عن تزويد الأماكن الأثرية بأحدث الكاميرات، وأحدث أنظمة الإنذار، والاستعانة بالشرطة لمراقبة الجدار الخارجي للمناطق الأثرية.

114