28 دقيقة على الأرض وفي الجو... قائد ميداني يروي تفاصيل عملية إنزال لقوات النخبة

28 دقيقة على الأرض وفي الجو... قائد ميداني يروي تفاصيل عملية إنزال لقوات النخبة
السبت ٢٥ نوفمبر ٢٠١٧ - ٠٤:١٨ بتوقيت غرينتش

تعد غوطة دمشق من أماكن القتال الشرسة، وشهدت أعنف الاشتباكات، بسبب كثرة الأشجار والمزارع والقرى والبلدات، إضافة إلى أن “ظهر الغوطة” مفتوح باتجاه البادية، ما يؤمّن طرق إمداد دائمة للمسلحين.

العالم - سوريا 

مسلحو جبهة النصرة هم أكبر التشكيلات المقاتلة في تلك المنطقة، إضافة لمقاتلين من كتائب أخرى تتبع للجيش الحر ولواء الإسلام ومؤخرا دولة الإسلام في العراق والشام ( داعش )، ويقول المركز السوري للتوثيق إن عدد المقاتلين الأجانب في هذه المنطقة وصل إلى 4000 مقاتل.

استطاعت مخابرات الجيش العربي السوري على مدى أشهر طويلة، تحديد عدة مواقع محتملة أن تكون مراكز قيادات المجموعات المسلحة في الغوطة الشرقية للعاصمة دمشق، تم استهداف بعضها بالمدفعية، وبعضها الآخر بالطائرات، وحان الوقت لمعرفة ما بداخل هذه المراكز، فكان القرار ببدء العملية.

الزمان: النصف الثاني من شهر آب 2013. (المصدر العسكري فضّل عدم تحديد موعد العملية بدقة)
التوقيت: تمام الساعة السادسة والثلث صباحا.
المدة المتوقعة للعملية 25-30 دقيقة (متضمنة عمليات الإقلاع والهبوط)
هامش الخطأ: 5 دقائق (قبل أن تصل أي تعزيزات للمسلحين)
المكان: الغوطة الشرقية لدمشق ( بين زبدين والنشابية)
الحدث: عملية إنزال جوية لقوات النخبة في الجيش العربي السوري.
السلاح المستخدم: 4 طائرات مي 17
عدد المقاتلين: 28 مقاتلا من قوات النخبة.
الهدف: الحصول على أجهزة الاتصال وحواسيب تضم خرائط عمليات وبنك أهداف المجموعات المسلحة.

مقدم طيار في الجيش العربي السوري قاد العملية بشكل شخصي، وشرح ما حصل بعد انتهائها:

تم قبل 48 ساعة تحضير 8 طائرات مي 17 وتجهيزها بشكل كامل من جهة الذخيرة والعتاد والجاهزية الكاملة، ثم إنتقاء 50 مقاتلا من قوات النخبة وإخبارهم أن يبقوا على جهوزية كاملة للبدء بعملية “خطيرة” في أي لحظة.
وقبل بدء العملية ب 3 ساعات، أُختيرت الطائرات، وتم انتقاء 28 مقاتلا وإخبارهم بتفاصيل العملية بسرية تامة.

أقلعت حوامات الجيش  السوري في تمام الساعة السادسة والثماني عشرة دقائق، وبسرعتها القصوى التي بلغت 250 كم في الساعة وعلى علو منخفض.

كان قد سبق ذلك قصف مدفعي مركز وكثيف على محيط الهدف، وبتزامن مدروس توقف القصف عند السادسة والربع تماما.

يضيف المقدم الطيار: حوامات الجيش حلّقت باتجاه الغوطة بشكل ثنائي، ووصلت إلى الهدف خلال 6 دقائق، لتتم عملية الإنزال بدون أن تهبط الطائرات، عن طريق قفز المقاتلين والطائرة مرتفعة عن الأرض متر ونصف.

عملية الانزال استغرقت 4 دقائق، وتمت على بعد 200 متر فقط من الهدف المحتمل.

ويتابع القائد الميداني شارحا: قامت 3 حوامات بإنزال طاقمها كاملا، ثم حلقت بشكل دائري وقصف عشوائي لتأمين عدم وصول أي تعزيزات، في الوقت الذي توقفت فيه المدفعية عن القصف بشكل تام، والطائرة الرابعة بقيت تراوح مكانها مع الاستعداد التام لطاقمها الذي غلب عليه القناصة حيث تولوا مهمة قنص حراس المزرعة.

حرصت الحوامات على إفراغ كل حمولتها للعودة بشكل سريع و”خفيف” بالنسبة للطائرات التي من المفترض أن تحمل مسلحين سوف يلقي القبض عليهم عناصر الجيش.

21 مقاتلا من قوات الجيش تقدموا بريا بالسرعة القصوى وبإتجاه المزرعة ، والتي تضم 6 غرف، حيث تم التسلٌّق بشكل فردي، والاشتباك المباشر مع مقاتلين داخل هذه المزرعة، اللذين فوجئوا بجنود الجيش العربي السوري فوق رؤوسهم.

يقول القائد الميداني : لن تجد في جثة أي مسلح أكثر من 3 رصاصات، حيث كانت عملية الرمي “دراكا” دقيقة جدا، وهناك 11 مسلحا استسلموا على الفور حيث تم جمعهم في غرفة والاتصال بالطائرة الاحتياطية لتتجهز كي يتم نقلهم.

العملية كانت مفاجئة جدا بالنسبة للمسلحين، وشجاعة قوات النخبة كانت العامل الحاسم لأنك تتقدم نحو المجهول، وبينك وبين المسلح لا يفصل سوى أمتار .

مقاتلان اثنان فقط بقي مع هذه المجموعة المستسلمة، في حين 19 مقاتلا آخرين توجهوا بإتجاه باقي الغرف التي تم تمشيطها كاملة، وقتل من فيها، ومن ثم أخذ الأجهزة الحاسوبية والاتصالات والخرائط، وتفخيخها.

استغرقت عملية التمشيط والتفخيخ والحصول على الخرائط 10 دقيقة تماما، ويجب العودة بسرعة لأنه من المتوقع أن يكون نداء استغاثة المسلحين قد وصل إلى مجموعات أخرى حسب القائد الميداني.

كانت الحوامات قد عاودت الانخفاض، حيث تم وضع المسلحين المعتقلين في طائرة، وتوزع باقي قوات النخبة على الطائرات الأخرى في غضون 4 دقائق.

وعادت الطائرة مباشرة إلى مركز انطلاق العملية لتكون المهمة قد نفذت بنجاح تام خلال 28 دقيقة.

وبعد دقيقتين من إقلاع الطائرات، عاد القصف المدفعي والصاروخي كثيفا كي تؤمن التغطية البعيدة انسحابا آمنا للحوامات السورية.

القائد الميداني الذي رافق أحد مجموعات الاقتحام قال أنه حين غادر مقر القيادة صباحا، توقع ألا يعود، لكنه عاد مع كل أفراد مجموعته بدون أن يصاب أحد منهم بأية جراح..

عبدالله زمزم  / اوقات الشام