الخانم العصمنلية تطلب الطلاق من الأمريكي .. هل تعلنها أنقرة؟!

الخانم العصمنلية تطلب الطلاق من الأمريكي .. هل تعلنها أنقرة؟!
الثلاثاء ٠٥ ديسمبر ٢٠١٧ - ٠٨:٣١ بتوقيت غرينتش

ليس من عادة تركيا الثبات على سياسة واحدة، فهي وبمتقضى الظروف والمصالح قد تنقلب على ما كانت عليه، وهو ما ظهر على سبيل المثال مع العلاقة في سوريا، حيث كانت أنقرة على صلات وطيدة بدمشق، لتنقلب على الأخيرة بشكل مدروس مسبقاً، كما أن أنقرة صُنفت على أنها من أهم حلفاء أمريكا الشرق أوسطيين لكنها اليوم وبعدها تقاربها مع الروسي وتواصلها الحثيث مع الإيراني لم تعد تتمتع ببريق ذاك الحليف السابق بالنسبة لأمريكا.

العالم - مقالات
حاول راعي البقر مغازلة الخانم العصمنلية وأرسل إشارات بأن تركيا هي حليف وثيق ولا يمكن لواشنطن التخلي عنها، كما أوعزت الإدارة الأمريكية لمراكز الدراسات ووسائل الإعلام لترويج فكرة أن تركيا من أهم أعضاء حلف الناتو ولا يمكن أن يسمح الأمريكي بخسارتها، وهو لن يقدم على التضحية بذلك الحلف كرمى لعيون الأكراد الذين يدعمهم، عادت واشنطن لترسل رسائل إلى تركيا تفيد بأنها لن تساعد الأكراد على تشكيل كيان مستقل لهم يهدد الأمن القومي التركي، وأن مسألة الدعم ما هي إلا لمرحلة مؤقتة ومحدودة لتنفيذ أهداف سريعة في الحرب السورية لا أكثر.

لم تقتنع تركيا بكل تلك المحاولات إذ أن الميليشيات الكردية لا تزال تتلقى دعماً أمريكياً، كما إن ما أسموه بتحرير الرقة على يد ميليشا قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي بقيادة واشنطن أعطى صورة للعالم بأسره بأن الأكراد هم قوة يمكن الرهان عليها غربياً وهو مما زاد الطين بلة لدى التركي المتوجس من الأكراد.

وفي آخر مواقف أنقرة ضد واشنطن قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كلمة أمام أعضاء حزب العدالة والتنمية أن سلطات الولايات المتحدة تريد معاقبة تركيا لامتناعها عن اتباع السيناريو الأمريكي، مضيفاً أن واشنطن تحاول محاربتهم وتشويه سمعتهم وتدعم أعدائهم، معيداً اتهام واشنطن بالضلوع في الانقلاب الفاشل العام الفائت.

لم يُفهم قصد أردوغان بقوله أن تركيا تتم محاربتها لأنها لم تنفذ السيناريو الأمريكي، فهل كانت الحرب على سوريا خارج السيناريو الأمريكي؟ وهل المطالبة برحيل القيادة السورية أيضاً هي خارج اهتمامات واشنطن؟ ماذا بالنسبة لقاعدة انجرليك والتواجد الأمريكي فيها أليس هو ضمن الأوامر الأمريكية والسيناريو الغربي؟ ثم كيف يمكن توصيف الموقف التركي من دعم الميليشيات المسلحة التي حاربت الجيش السوري والتي دعمتها أمريكا بذاتها أيضاً أليس دعم الجانبان لذات الجماعات التي تقاتل عدوهم المشترك أي الجيش السوري أيضاً ضمن السيناريو الأمريكي الذي نفذته أنقرة بكل رحابة صدر؟! فعن أي سيناريو أمريكي رفضت تركيا تنفيذه يتحدث أردوغان؟.

السؤال الأكثر صوابية هو لماذا بات أردوغان يروج لنفسه ونظامه على أنه من الأنظمة التي وقفت بوجه المشروع الأمريكي بحسب زعمه؟ اللهم إلا بعد إقامة أمريكا قاعدة عسكرية كبيرة في الطبقة حمايةً للأكراد وبعد تقدم الجيش السوري وسيطرته على 90% من البلاد مع ثبات الدعم الروسي والإيراني لحليفهم الدمشقي ثم إدخال التركي ضمن الثلاثية الضامنة لوقف التصعيد، وبعدها توقيع عقود واتفاقيات هامة مع كل من موسكو وطهران، وأخيراً تيقن أنقرة بأن العلاقة الحالية مع روسيا وإيران تأتي بفوائد أكبر عليها من علاقتها القديمة مع الأمريكي.

لا يمكن القول بأن تصريح أردوغان هذا بمثابة تكويعة أو تغير في الموقف السياسي، بل الأصح القول أنه مناورة سياسية على مبدأ الإخونجية البراغماتي، وإن انقلبت الأمور الميدانية والسياسية في المنطقة عموماً وسوريا خصوصاً سنرى تصريحات جديدة لأردوغان تتغنى فيه بمقاومة السيناريو الروسي ـ الإيراني.

 يبقى القول بأن للتصريح فائدة وحيدة وهي وجود خلاف تركي ـ أمريكي عميق متزامناً مع التقارب الروسي ـ التركي ـ الإيراني، وهو بكل الأحوال أفضل من لا شيء في علم السياسة، أن تتقي شر عدو على جبهة كانت مفعلة ضدك هي إنجاز بعدما كانت تركيا تلعب دور رأس الحربة في الحرب على سوريا في وقت ما.

علي مخلوف / عاجل الاخبارية

109-4