الرابح والخاسر في الشرق الأوسط؟!!

الرابح والخاسر في الشرق الأوسط؟!!
الخميس ٠٧ ديسمبر ٢٠١٧ - ٠٦:٠٥ بتوقيت غرينتش

يجب ألا ننكر بأن الأشهر الأخيرة في الشرق الأوسط شهدت مجموعة من التحولات الكبيرة كانت نتاجا لمعارك سياسية وعسكرية وتحالفات ومحاور جمعت القوى العظمى وأدخلتها في دائرة الصراع الشرق أوسطي، وبعد حروب مريرة ومضنية مع “داعش” تمكن كل من العراق وسوريا بطرد هذا التنظيم الإرهابي من على أراضيهما.

العالم - مقالات وتحليلات

وعلى هذا الأساس لمع بريق تحالفات جديدة بينما خفت ضوء تحالفات أخرى؛ التحالفات الجديدة التي أفرزتها المرحلة الحالية كان عمادها كل من “روسيا، تركيا وإيران” وما القمة الثلاثية التي جمعت رؤساء هذه الدول الثلاث في سوتشي في 22 تشرين الثاني/نوفمبر إلا خير دليل على بدء التحالف الجديد الذي أربك الرياض ومن خلفها واشنطن وما كان من هاتين الدولتين إلا القيام بمحاولات البحث عن مخرج للتطورات الجديدة، السعودية حاولت عبر لبنان لكنها فشلت في ذلك أما الولايات المتحدة التي لا يشك أحد في قدرتها الكبيرة على المراوغة فسلمت هذا الملف ضمنا لروسيا التي أثبتت مع حلفائها قدرة كبيرة على النجاح وإرساء قواعد الحل السلمي في المنطقة على خلاف أميركا.

الرابح والخاسر

إذا أردنا تقسيم الحلفاء في المنطقة إلى محاور ووضعها ضمن دوائر لوجدنا أن كل من روسيا وإيران وسوريا وحزب الله حافظوا على دائرتهم وقاموا بتوسيعها لتشمل تركيا التي أدى انتقالها إلى هذه الدائرة أو الحلف إلى ضربة قاصمة لدائرة “الولايات المتحدة الامريكية والسعودية وبعض الدول الخليجية”، وهناك أطبق الخناق على السعودية التي لم تستطع جذب العراق برغم كل محاولاتها في هذا الإطار، كما أننا شهدنا نفورا خليجيا من السعودية وتدابيرها الأخيرة التي لم تعجب أحدا سوى الإمارات فضلا عن ابتعاد قطر عن الحضن السعودي لتقترب أكثر وأكثر من إيران وهذا آخر ما تتمناه السعودية.

هنا وجدت السعودية نفسها وحيدة ومحاصرة لذلك حاولت أن تفجر الوضع في الداخل اللبناني عبر إجبار رئيس الوزراء اللبناني “سعد الحريري” على تقديم استقالته من منصبه وبهذه الطريقة استطاعت السعودية أن تخلق أزمة جديدة في لبنان ولكي تفلت من جريمتها هذه سلطت السعودية جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة لإقناع عامة الناس بأن إيران هي المسبب الرئيسي لهذه الأزمة واتهمت إيران أيضا بأنها لا تسعى فقط للسيطرة على لبنان والدول الخليجية وإنما تسعى للسيطرة على الشرق الأوسط بأسره، ولكن هذه المحاولة باءت بالفشل بل على العكس ساهمت السعودية من خلال هذه الخطوة في توحيد الصف اللبناني أكثر من أي وقت مضى.

سوريا وتركيا

في سوريا جاءت الأمور متناغمة ومتطابقة إلى حد كبير مع رؤية الحكومة السورية التي أثبتت قدرة هائلة على الصمود في وجه المخططات التي حيكت ضدها وعرفت القيادة السورية جيدا من أين “تأكل الكتف” وتمكنت عبر حنكة سياسية مميزة أن تختار حلفاء لا يغدرون بها واستطاعت بمساعدتهم تحرير مناطق واسعة من أراضيها وإعادة الأمن إليها، الثبات في السياسة السورية ووفاء الحلفاء حقق انتصارات كبيرة وقلب موازين القوى في سوريا وجعلها تمتد إلى العراق ونظرا لإزدواجية المعايير للحلف الذي تقوده واشنطن لم تجد أنقرة مكانا آمنا لها سوى في سوتشي فالحليف الروسي أثبت فعالية أكبر على الأرض.

ومن ناحية أخرى وجدت تركيا أن أميركا خيبت آمالها بعد ان كانت تنتظر من الرئيس ترامب تغييرا في السياسة التي تبناها اوباما في سوريا، وما جعل التركي يخرج من العباءة الأمريكية هو الدعم العسكري المستمر لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني (PYD)، ومن هنا وجدت أنقرة أن حماية مصالحها وأمنها القومي تأتي أولا لذلك توجهت شرقا ودخلت في تفاهمات جديدة مع كل من روسيا وايران.

إيران وحزب الله

الحقيقة أن إيران خرجت منتصرة بالرغم من كل المحاولات التي قامت بها الولايات المتحدة الامريكية والسعودية لمحاصرتها والضغط عليها لإيقاف نفوذها في الشرق الأوسط، وبحسب الكاتب هيربرت لندن – رئيس مركز لندن للأبحاث السياسية، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة نيويورك، فإن “الممر البري الإيراني من طهران إلى البحر الأبيض المتوسط قد يصبح حقيقة واقعة عما قريب، بل ما يزيد الأمور تعقيدا هو أن تراجع السياسة الأميركية في المنطقة قد ساهم في بسط الهيمنة الإقليمية الإيرانية”.

ويضيف هيربرت “في الحقيقة، أدى الدور الإيراني في هزيمة داعش إلى رفع مكانة طهران السياسية وتأثيرها في المنطقة”.

أما حزب الله فقد ازداد نفوذه أيضا على مدى السنوات القليلة الماضية، واستطاع من خلال مشاركته في الحرب السورية أن يكسب خبرة كبيرة في الحروب التقليدية وأن يطور مهاراته القتالية وهذا ما يخشى منه الکيان الاسرائيلي، وعن هذا الموضوع قالت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية إنّ “حزب الله” تمكّن من الصعود في المنطقة بشكل أساس وقوي بعد الاضطرابات التي شهدتها عقب ثورات الربيع العربي عام 2011، وهذا يرعب “إسرائيل” وأميركا لأنّ إيران اقتربت من مرتفعات الجولان بفضل الحزب، وأصبحت قواتها على بعد 50 كيلومترا فقط.

السياسة الغربية في الشرق الأوسط لم تأت بأي نتيجة بل على العكس أزمت الوضع أكثر من السابق، وفي الوقت نفسه لم يحقق التحالف العربي أي نتائج إيجابية في ملف الشرق الأوسط وتماهى مع السياسة الغربية التخريبة إلى حد كبير وها نحن نتلمس بدء انهياره في اليمن، ويبقى الأمل القادم معلقاً على التحالف الجديد وما سيتمخض عنه في الأيام المقبلة.

الوقت

2-114