هذه الجهات سيكون لديها الدور الحاسم في سوريا

هذه الجهات سيكون لديها الدور الحاسم في سوريا
الإثنين ١١ ديسمبر ٢٠١٧ - ٠٦:٠٤ بتوقيت غرينتش

سجلت "إسرائيل" حضورها عسكرياً في مؤتمر جنيف، من خلال الضربة التي نفذها سلاحها الصاروخي في ريف دمشق، لتقول لروسيا إن الحل السياسي في سورية يترتب عليه استحقاقات إقليمية عديدة، تجاهُلها يمنع عبور الدولة السورية إلى السلام الأهلي والإقليمي، وتحديداً ما يتعلق بالحضور العسكري لإيران وحزب اللـه في سورية إلى جانب الجيش العربي السوري في حربه ضد الإرهاب، وهو الأمر الذي ترفضه "إسرائيل" وتتوعده عسكرياً حفاظاً على خطوطها الحمراء التي تعتبر تجاوزها تهديداً وجودياً لأمنها.

العالم - مقالات وتحليلات

وفي سياق تأكيد "إسرائيل" استعدادها الذهاب حتى إلى عمل عسكري كبير ضد سورية وحزب اللـه بهدف إبعاد إيران عن حدودها، نفذت هجومها الثاني على أحد المواقع العسكرية السورية في جمرايا، مما يجعل المنطقة أقرب ما تكون إلى هذه الحرب بسبب توفر الغطاء الإقليمي والدولي لاندلاعها، حيث تتقاطع عندها مصالح كل من السعودية والولايات المتحدة الأميركية بالإضافة إلى "إسرائيل".

إن السعودية الغارقة في المستنقع اليمني، تستنزفها حرب عبثية اقتصادياً وأمنياً وتهدد استقرارها، وهي عاجزة عن تحقيق أي من أهدافها التي سعت وراءها، ولذلك جاهرت بتحالفها مع "إسرائيل" في أي حرب تشنها ضد سورية وحزب اللـه، وهي على استعداد لتغطيتها على المستوى الإقليمي والعربي سياسياً، وبلا شك مالياً، على أمل أن تخرجها هذه الحرب من مأزقها في اليمن، وتعوضها عن فشلها سياسياً وعسكرياً من العراق شمالاً إلى اليمن جنوباً مروراً بسورية ولبنان.

أما الولايات المتحدة الأميركية التي أقامت العديد من القواعد العسكرية إحداها قاعدة جوية في المنطقة الممتدة شرقي الفرات، أعلنت بوضوح عزمها بقاء قواتها في سورية، وهي تعمل في هذا السياق على تطوير هذه القواعد وزيادة قدراتها الحربية واللوجستية، ورفع عديد قواتها البشرية فيها، لكن من دون أن يعني ذلك خروج الإدارة الأميركية عن عقيدة كولن باول العسكرية، والدفع بهذه القوات في مواجهة عسكرية تضمن بقاء قواعدها العسكرية في سورية، كما تعلم الولايات المتحدة عدم قدرة «قوات سورية الديمقراطية – قسد» على تحقيق نصر عسكري في مواجهة الجيش العربي السوري، يمكنها من فرض واقع عسكري ميداني يحافظ على هذه القواعد على الأراضي السورية، والحقيقة أن الولايات المتحدة لا تراهن لتحقيق هذا الهدف إلا على القوة العسكرية لإسرائيل، من خلال حرب تقوم بها ضد سورية وحزب اللـه.

إن إخراج مشهد الشرق الأوسط ونظامه الإقليمي الذي يكرس الوجود الأميركي في شمال شرق سورية كأمر واقع، ويحقق أمن "إسرائيل"، كان يتوقف بشكل أساسي على نجاح مخطط تدمير سورية، باعتبارها الحلقة الأهم في محور المقاومة، لكن إخفاق هذا المخطط تطلب استحضار تدخل عسكري من قبل "إسرائيل"، أصبح قاب قوسين أو أدنى من حرب كبرى، وفرت غطاءها دولياً الولايات المتحدة عندما صرح الرئيس دونالد ترامب عن إستراتيجيته العدائية الجديدة تجاه إيران، وهي إستراتيجية لن تترجم عسكرياً إلا ضد سورية وحزب الله، فالقواعد الأميركية في شرقي الفرات تتهيأ للعب دور فاعل في أي حرب تقوم بها "إسرائيل" ضد محور المقاومة.

لكن على الرغم من مناخ الحرب الذي يخيم على المنطقة العربية، إلا أن أي حرب ستشهدها لن تخرج عن منطق وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر في الشرق الأوسط، الذي يقول بالحقيبة الدبلوماسية التي تتبع الدبابة، فهذه الحرب ستؤدي بشكل أو بآخر إلى خلق واقع سياسي إقليمي يجمع دول الشرق الأوسط في مفاوضات تحسم تناقضات مصالحها وصراع النفوذ السياسي والعسكري فيما بينها.

يبقى السؤال عن شكل وملامح المنطقة العربية والتوازنات التي ستحكمها؟ إلا أنه من المؤكد أن الدور الحاسم سيكون لروسيا، عسكرياً وسياسياً، في بلورة هذه الملامح، عسكرياً سيتجلى في الجيش العربي السوري وحلفائه، وسياسياً سيتجلى بدور روسيا الضامن للكثير من التناقضات الأمنية والجيوسياسية في المنطقة، من تركيا إلى "إسرائيل"، بالشكل الذي يفضي إلى حالة من الاستقرار.
إنه بحق عصر روسيا والرئيس فلاديمير بوتين وحلفائها.

يونس أخرس - الوطن

2-10