الفارق بين مهمتي بوش وبوتين..

المهمة الروسية الظاهرية أنجزت.. والمهمة الحقيقية بدأت

المهمة الروسية الظاهرية أنجزت.. والمهمة الحقيقية بدأت
الأربعاء ١٣ ديسمبر ٢٠١٧ - ٠٤:٥١ بتوقيت غرينتش

كلنا نذكر يوم اعتلى المجرم جورج بوش المنصة فوق احدى حاملات الطائرات الاميريكة ليزف للشعب الاميركي خبر (انجاز المهمة) وانتهاء الأعمال القتالية في العراق لأن أميريكا نفذت مهمة اسقاط نظام صدام  الذي كانت له يد قذرة تحمل سلاحا قذرا ويتحكم بها عقل قذر .. ولكن في الوقت الذي أعلن بوش انتهاء المهمة وانجازها فان الحقيقة كانت هي ان المهمة بدأت .. وكانت أهداف الحملة هي اطلاق موجة من العنف الطائفي والأهلي في المنطقة وتأسيس فلسفة للعنف لاتبقي ولاتذر .. لتدمير الشرق باسلامه ومسيحييه من منطلقات انجيلية خرافية حقنت بالاسرائيليات ..

العالم - مقالات وتحليلات

وعندما انطلقت المهمة الحقيقية لبوش منذ لحظة اعلان (انجاز المهمة) المخادع وجدت سورية نفسها أمام مهمة كبيرة لاسقاط أو ايقاف المهمة الاميريكية وأنه آن الاوان لاحتواء هذه الموجة القادمة من القذارة .. ولانبالغ ان قلنا بأن الربيع العربي سيء الذكر والمليء بالدم واللحم والعنف كان من ملامح المهمة الاميركية الحقيقية .. لكن سورية كانت تحتاج لمواجهة العقل القذر واليد القذرة للمحافظين الجدد الى حليف نظيف له يد نظيفة وعقل نظيف وأخلاق سياسية نظيفة .. فكان الرئيس بوتين الذي تحرك ايضا وقرر أن المهمة الاميركية الحقيقية يجب أن تنتهي لأن انتصارها خطر على العالم .. فهي كانت تريد تحويل الشرق الى أكبر خزان جهادي وفلسفة عنف لامثيل لها في التاريخ تضرب بها في كل الاتجاهات .. وكان يدرك أن أميريكا دخلت المرحلة الثانية من مهمتها القذرة التي ستدفع روسيا ثمنها أيضا ..

وهنا ظهر بوتين وبدأت مهمته في مواجهة المهمة الحقيقية الخفية لجورج بوش وعصاباته .. وكان القرار أن منجل السوخوي يجب أن يحصد كل مازرعته أميريكا من أشواك وثمار سامة وخشخاش لأن رأس المهمة الأميريكة قد أينع وحان قطافه .. فوصلت عاصفة السوخوي وقامت باطلاق أعاصير النار على المشروع الأميريكي الذي فوجئ العالم كله بمدى تنظيمه وتحصينه وتسليحه وطموحاته .. ولكنه فوجئ بحجم الاصرار الروسي على انتزاع قلبه .. وهذا ماحصل .. اذ انتزعت اليد الروسية قلب اميريكا في مشروع داعش من صدره ..

اليوم وصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى مطار حميميم ليعلن أن المهمة الروسية قد أنجزت في تدمير وتحطيم رأس المشروع الاميريكي .. وشتان مابين المهمتين الروسية والاميريكية .. فالمهمة الاميركية تسببت في هلاك الملايين ودمار المجتمعات وفناء المدن .. واطلاق فلسفة العنف وثقافة الكراهية .. أما المهمة الروسية فقد أنقذت الملايين من الفوضى والمذابح والشتات .. لأن انتصار المشروع الاميركي وتدمير قوى الدولة في سورية كان سيعني أن أكبر خزان للسلاح في الشرق سيصبح متاحا بيد الناس من مختلف الانتماءات وماعلى الاميريكي الا ان يطلق المجزرة الأولى .. ليصبح البحر المتوسط بحيرة حمراء ..

وأما سبب فشل المهمة الاميركية ونجاح الروسية فهو بسيط .. اذ أن بوش اعتمد على قوته العسكرية الطاحنة وتجاهل الجيش والشعب العراقي واعتمد على العملاء .. بل ان أول مافعله هو حل الجيش العراقي في انتهاك واحتقار لارادة العراقيين وكرامتهم لاظهار الاعلاء والسيطرة .. أما بوتين فانه ببساطة اعتمد على قوة عسكرية ساحقة ولكنه حافظ على تحالفه مع الشعب والجيش السوريين .. دون اظهار الاستعلاء والسيطرة .. عقل نظيف ويد نظيفة ..وأخلاق سياسية نظيفة ..

ولكن الشيء الذي يجب أن نعرفه هو أنه كما كان للرئيس الأميريكي مهمته الظاهرة ومهمته الحقيقية فان الرئيس الروسي أعلن في الحقيقة عن نهاية المهمة الروسية وانتهاء الأعمال القتالية لمعظم القوات تقريبا ولكنه كان في نفس الوقت يعلن أن المهمة الحقيقية الروسية بدأت اليوم من حميميم .. وهي ملاحقة أميريكا وفلولها سرا وعلنا في الشرق والتمدد الى شمال افريقيا حيث وصلت طلائع روسيا الى شمال افريقيا لاسترداد التحالف معه وهي تنظر الى عمق أفريقيا وأميريكا اللاتينية .. ونحن في ظل هذه المهمة الجديدة والحقيقية لروسيا يجب أن لانتوقف متفرجين وان نتابع التحرك مع مشروع روسيا الذي سيجرف كل القمامات الأمريكية في المنطقة وكل أكوام القذارة التي نفثت سمومها ولوثت بلادنا بنكهة الموت .. وعلينا الاستفادة من الموجة الروسية الجارفة والطموحة وألا نضيع الفرصة الذهبية التي قد لاتتكرر وأن نعمل على جرف كل أكوام أميريكا الضارة والمؤذية والعفنة .. ولانستثني منها كومة واحدة .. وخاصة تلك الكومة القابعة في فلسطين والتي تسمى "اسرائيل" ..

انا لست مواطنا روسيا لأصوت لفلاديمير بوتين في الانتخابات الروسية القادمة .. ولكن أنا وكل الشعب السوري سندلي بأصواتنا في الانتخابات الروسية كما لو كنا نملك الحق في التصويت لأننا نعتبر أن بوتين مواطن سوري مرشح لرئاسة روسيا الاتحادية .. لأن مافعله لمساعدة الشعب السوري يستحق منا أن نحبه كمواطن سوري أصيل لأن دم ابنائه امتزج مع دم ابنائنا .. ولاشك ان مافعله سيبقى أثره في التاريخ العالمي الى الأبد وسيكتب على جدران الذاكرة السورية كما كل الروائع .. وسيبقى يذكره الشعب السوري بالعرفان والامتنان ..

ان روسيا في الحقيقة أنجبت بطلا للقرن الواحد والعشرين .. فهنيئا لروسيا بهذا البطل .. فلاديمير بوتين

نارام سرجون - شام تايمز

2-4