موفد "سرّي" من الحريري في معراب: الخلاف بين الحليفين لا يزال قائما

موفد
الأحد ١٧ ديسمبر ٢٠١٧ - ٠٨:٣٦ بتوقيت غرينتش

قرّر رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري التريّث في تفجير آخر الخطوط التي تجمعه بحلفائه القدامى، ولا سيما القوات اللبنانية. وترك الباب مفتوحاً أمام المحاولات القائمة بين الطرفين لحلّ الأزمة، كان آخرها زيارة سريّة قام بها الوزير السابق غطاس خوري لمعراب، للقاء رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع. ومع أن الجلسة «لم تكُن إيجابية»، إلا أن مصادر مطلعة أكدت أن «اللقاء بين الحريري وجعجع لا بدّ وأن يحصل».

العالم - مقالات وتحليلات

طُرحت أسئلة كثيرة عن البحصة التي قال رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، إنه سـ«يبقّها» في وجه الشخصيات التي يستهدفها في كلامه، وتلتها أسئلة أكثر عن أسباب العودة عن قراره، خصوصاً أن الأنظار كلّها شخصت باتجاه حزب القوات اللبنانية ورئيسه سمير جعجع، نتيجة الرسائل «المشفّرة» التي تولّى نقلها مقربون من الحريري في بياناتهم ومواقفهم وعلى صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديداً الوزير السابق غطاس خوري.

وفيما لم يكُن إعلان الحريري نيّته «كشف المتآمرين عليه» مزحة، كذلك ليس التراجع عنها في الوقت الحالي دليلاً على أن ذيول مرحلة «الاستقالة الإجبارية» من الرياض قد عولجت بالكامل. لكن هذا التأجيل مردّه بحسب مصادر مقرّبة من الطرفين يعود إلى «مروحة الاتصالات التي لا تتوقف على طريق معراب ووادي أبو جميل»، والتي كشفت أن «الوزير خوري زار جعجع أخيراً بعيداً عن الإعلام لمعالجة الأمر، غير أن الجلسة لم تكُن إيجابية، ولم تنجح في حل المسائل الخلافية»، خصوصاً أن «الأجواء لا تزال في مرحلة الأخذ والردّ حول التهم التي يوجّهها الحريري إلى جعجع وينفيها الأخير، وقد نقل خوري إلى الحريري ما سمعه من رئيس القوات دون أن تظهر أي بوادر حلحلة».

ولفتت المصادر إلى أن «العلاقة بينهما دقيقة جداً»، لكنها أكدت أنه «في نهاية الأمر سيكون هناك لقاء يجمع الحريري وجعجع». وقد ربطت المصادر تأجيل الحريري إطلالته التلفزيونية بسببين: الأول هو «رغبته في تفادي تأجيج الإشكال مع القوى السياسية التي يعتبر أنها لعبت دوراً سلبياً في الاستقالة»؛ والثاني هو «لاعتبارات سعودية. فالحريري يحرص على عدم قطع شعرة معاوية ولا حرق كل الأوراق مع المملكة، رغم أن التوتر لم يبرد بعد، ولا سيما أن لا شيء مؤكداً بأن الرياض تخلّت عنه نهائياً، وهي لن تتخلّى عن جعجع أيضاً».

وفيما أعيد إحياء عمل الحكومة مع ملامح مسعى الحفاظ على التسوية الرئاسية ونجاح العهد، تُرجمت أول من أمس في مجلس الوزراء من خلال موافقته بالإجماع على عرض وزارة الطاقة والمياه منح رخصتين حصريتين لائتلاف من ثلاث شركات للتنقيب عن النفط والغاز، إضافة إلى إقرار بعض التعيينات، يجد الحريري نفسه وحكومته أمام اختبار فعلي لنموذج التسوية الجديد القائم على نقطة ارتكاز أساسها النأي بالنفس، ورصد المواقف الداخلية والخارجية منها.

في هذا الإطار، ظهر أمس موقف بارز لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير، اتهم فيه حزب الله والرئيس ميشال عون بـ«استخدام الحريري كواجهة لتغيير القانون الانتخابي، من هنا قرر الحريري الاستقالة لإحداث صدمة ايجابية». كذلك حمّل الجبير الرئيس نبيه بري مسؤولية عودة الحريري عن استقالته، إذ قال إن «الحريري عاد إلى لبنان من أجل تقديم الاستقالة رسمياً، ولكن رئيس مجلس النواب ​نبيه بري،​ وعده بأن لبنان سيكون حيادياً بشأن ما يحدث في ​العالم العربي​ وبأنه سيُعطى الهامش السياسي للعمل. لذلك، نحن سننتظر ونرى.

ونحن دعمنا ذلك وسنرى». ويبدو أن عدداً من الدول العربية تسير على نهج السعودية، وتحديداً الإمارات التي زارها أخيراً وزير الداخلية نهاد المشنوق، واعتبرت مصادر مطّلعة أنها «زيارة صيانة للعلاقة بين الإمارات والحريري».

وفيما أشارت إلى أنها «لم تكُن مريحة بالشكل المطلوب، لأن الأزمة الإماراتية مع رئيس الحكومة تعود إلى ما قبل استقالته، ولم تُحَلّ بزيارة الأخير لها خلال الاستقالة». وبحسب المصادر، فإن نتيجة زيارة المشنوق أعادت تأكيد أن الإمارات «تعتبر لبنان من حصة الرياض، ولا مشكلة معه إذا ما وجدت المملكة أن سياسة النأي بالنفس الذي تعهّد بها الحريري ستؤتي النتائج المرجوة».

من جهة أخرى، أعطى الوزير المشنوق أمس إشارة بداية العدّ العكسي للانتخابات النيابية المقبلة، بعد توقيعه مرسوم دعوة الهيئات الناخبة للبنانيين المقيمين في لبنان، والمنتشرين في 40 دولة وإحالته على الأمانة العامة لمجلس الوزراء، محدداً موعد الانتخابات النيابية في 6 أيار في كل لبنان.

أما في دول الانتشار، فستتم خلال يومين مختلفين، في 22 و28 نيسان بالاستناد إلى العطل الرسمية في البلدان حيث يعيش المغتربون.

وقالت مصادر الداخلية إن «الانتخابات ستجري في موعدها دون عقبات»، غير أن «هناك بعض المراسيم والإجراءات التي ستتخذ تباعاً، بعدما حصل تأخير نتيجة الأزمة السياسية».

وكشفت المصادر أن «الانتخابات ستُجرى وفق القانون النسبي صحيح، لكن من دون الإصلاحات التي أقرت فيه: فلا بطاقة بيومترية، ولا تسجيل مسبق. الاقتراع سيكون بالهوية أو جواز السفر، والناس ستقترع في أماكن سكنها»، لافتة إلى أن «تكلفة الانتخابات تصل إلى ما يقارب 40 مليون دولار». في هذا السياق، نقلت مصادر رئيس الحكومة ارتياحه لسير الأمور، مؤكّدة أنه «مستعدّ لخوض الانتخابات النيابية»، خصوصاً أن «ما حصل معه (احتجازه في السعودية) أمّن له تأييداً شعبياً كبيراً». وكشفت أنه «مقتنع بأنه لن يعود إلى مجلس النواب بالكتلة ذاتها، لكنه يتقبّل خسارة محمولة ستسحب منه نحو 12 نائباً».

المصدر: صحيفة الأخبار اللبنانية

216-2