الحرب الاسرائيلية على لبنان.. الاستعداد والشحن والامكانية

الحرب الاسرائيلية على لبنان.. الاستعداد والشحن والامكانية
الأحد ٢٤ ديسمبر ٢٠١٧ - ٠٩:٤٨ بتوقيت غرينتش

منذ الحرب الاسرائيلية الماضية على ​لبنان​ عام 2006، لا تزال تل ابيب تعيش في مساحة الهزيمة التي أقرّ بها تقرير لجنة "فينو غراد". لا يعني ذلك استسلاماً اسرائيلياً أبدياً، بقدر ما هو إعتراف رسمي صريح بخسارة أضخم وأطول حرب تخوضها "إسرائيل". كان الإسرائيليون يدركون قبل صدور التقرير أن تل أبيب خسرت الحرب، لكن الإعتراف الرسمي جاء موثقاً نتيجة تحقيقات ودراسة معمّقة لأسباب الفشل.

العالم - مقالات وتحليلات

خلال أعوام مضت على تلك الحرب، كانت القيادة السياسية-العسكرية الاسرائيلية تدرس سُبل النجاح في أي حرب مقبلة. لكن الأزمات العربية، ونمو الحركات الاسلامية التكفيرية وتمدد مجموعاتها ​الارهاب​ية وإنخراط ​حزب الله​ في حرب ضد تلك المجموعات في ​سوريا​ وعلى ​الحدود اللبنانية​، كلها عناصر طمأنت "اسرائيل" الى أن الحزب غرق في مستنقع عميق لن يخرج منه، فشبّهت الصحافة الاسرائيلية ما يجري بحرب "داعس والغبراء".

لم تكن هزيمة التطرف متوقعة في الحسابات الاسرائيلية، ولا نجاح حزب الله في تحصين حدود لبنان والمساهمة بكسر شوكة الارهاب في سوريا وصولا الى ​العراق​. لكن "محور المقاومة" انتصر مجددا، بعكس رهانات تل أبيب. بقي أمل "اسرائيل" بعامل التوتر الايراني-السعودي عنصر تأزيم مفتوح، لخلق صراع اسلامي مذهبي. لا زالت تراهن على بقائه، لإضعاف منطق المقاومة.

بالوقائع، لا يُثمر هذا الرهان الاسرائيلي، رغم استخدامه عنواناً اعلامياً، يُخفي استفادة، ومحاولة تل أبيب استثماره، بالشحن ضد حزب الله، والايحاء بالتحضير للقضاء عليه عسكريا. هنا تصبّ غاية الحديث الاسرائيلي مثلاً عن تدريبات قتالية في منطقة نابلس شمال ​الضفة الغربية​، تحاكي حرباً ضد حزب الله في ​جنوب لبنان​.

والغريب أن الحديث يأتي نقلاً عن مصادر عسكرية اسرائيلية لصحف عربية بأن تل أبيب "استغلت الأوضاع الناشبة في الضفة الغربية، التي اتسمت بالهدوء في الشهر الماضي، والتهبت بعد قرار الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ الاعتراف ب​القدس​ عاصمة لـ"إسرائيل"، فأدخلت قوات كبيرة من سلاح البرّ مدعومة بقوات جوية، إلى قرية سيلة الظهر في قضاء نابلس، وراح ​الجيش الاسرائيلي​ يجرب اقتحام البيوت وتنفيذ اعتقالات والتدرب على اشتباكات مسلحة".

لم يقتصر الحديث هنا حول هذا الخبر، بل تعمّد التفصيل حول التدريبات، و"تنفيذ الجنود المظليين برفقة جنود من وحدة الكلاب مع كلابهم المدربة وآليات عسكرية خاصة وطائرات "اليسعور" التابعة ل​سلاح الجو الإسرائيلي​، عملية اقتحام القرية، ونفذ الجنود خلال ذلك، عملية تسلل سرية على الأرجل، للوصول إلى هدف يبعد كيلومترات عدة في العمق".

تلك العملية حصلت، لكنها محدودة جدا كما بدا في الصحافة الاسرائيلية التي توضح دوماً أن التدريبات -وهي كذلك- تقوم على أساس دفاعي وليس هجومياً. لكن نوعية ومضمون الخبر في صحيفة عربية جاء على طريقة ان "اسرائيل" ستقضي على حزب الله، لمجاراة النزاع السياسي القائم بين ​إيران​ وحلفائها، و​السعودية​. ليس في الأمر أكثر من إشاحة النظر والاهتمام عن موضوع القدس لتركيزه في التصويب على حزب الله.

تلك السياسة الاعلامية الاسرائيلية لا تعكس الواقع الميداني، بل ترمي لخلق عناوين تُبقي الصراع قائماً في الساحة العربية-الاسلامية، في وقت تتفرغ فيه تل ابيب لتهويد القدس.

مرة جديدة يجري استخدام العرب أدوات، ليبقى الجمهور مجرد متلق لأخبار تستهدف عقله وعاطفته. فقط الاسرائيليون يعرفون أن جنودهم يتدربون على حروب دفاعية، بعد وردود معلومات عن قدرة حزب الله على اقتحام مستوطناتهم في أي حرب مقبلة، خصوصا أن الحزب خاض معارك عسكرية هجومية حيّة في حربه في سوريا نقلت تجربته من الدفاع الى الهجوم. صار الاسرائيليون يعرفون معنى أن عناصر الحزب انتصروا على مجموعات انتحارية تفوق قدراتها البشرية كل ما يملكه الجنود الاسرائيليون. المرحلة تغيّرت، تل أبيب تدرك ذلك، وهي لن تشن حرباً خاسرة.

عباس ضاهر / النشرة

109-2