"الملثم".. مشهد انتفاضي يعود لشوارع الضفة

الخميس ٠٤ يناير ٢٠١٨ - ١٢:٤٩ بتوقيت غرينتش

بعد غياب له لعدة سنوات، عاد مشهد الملثم من جديد بين أوساط المتظاهرين والمنتفضين في وجه الاحتلال الصهيوني هناك على نقاط التماس والاحتكاك مع جنود الاحتلال أو في حواري وزقاق القرى والمخيم التي تشهد مواجهات مع قوات الاحتلال.

العالم - مقالات

وللملثم في المشهد النضالي الفلسطيني خصوصية ورمزية كونه أحد أدوات المقاومة ضد العدو الصهيوني الذي سعى خلال محطات الانتفاضة والمقاومة إلى ملاحقة هذه الظاهرة كونها مصدر إزعاج وأرق كبيرين له، حيث يتخفى وراء هذا اللثام شخص قرر أن يؤرق مضاجع العدو ويواجهه.

ذكريات الماضي

ولعل ما حصل مؤخرا في بلدة مادما إلى الجنوب من مدينة نابلس وقبلها على أكثر من محور من محاور التماس وعودة ظهور الملثم مجددا في المواجهات، نبشت ذكريات الماضي وعادت بعقارب الساعة إلى الوراء حيث انتفاضة الحجارة ومن ثم الأقصى وكيف كان الملثم هو الشخصية البطولية التي ترقبها الجميع.

"المركز الفلسطيني للإعلام" استطاع الوصول إلى أحد أبناء بلدة مادما والذي شارك في المواجهات الأخيرة قبل أيام حيث روى تفاصيل ما جرى في داخل قريته قائلا: "المواجهات في البداية بدأت ككل مرة وظنناها تنتهي بسرعة ولكن وجدنا أنفسنا كشباب قربة أمام توحش من قبل المستوطنين والجنود في آن واحد، وعلمتنا التجربة خلال الفترة الماضية بان نكون أكثر حذرا أثناء تلك المواجهات".

وتابع الشاب الذي كنى  نفسه أبو محمد قائلا: "رأينا أكثر من جندي يقوم بتصوير الشبان والى جانب آخر رصدنا بعض الأشخاص المشبوهين الذين يتواجدون في أماكن المواجهات وهذا دفعنا نحن كشبان أن نضع اللثام على وجوهنا جميعا حتى نقلل المخاطر التي يمكن ان يتعرض لها أي منا".

الشعور رائع وجميل ويدعو للفخر أكمل أبو محمد: "اللثام أشعرنا بقداسة وروعة وجمالية المقاومة الفلسطينية، فكل منا حاول أن يلحق الأذى في العدو وكأنه يقول له لن ادعك تتمكن مني وسأبقى أقاوم حتى آخر نفس".

بدايات الانتفاضة

الباحث الاجتماعي والكاتب السياسي عبد السلام عواد خلال لقاء مع "المركز الفلسطيني للإعلام" علق على ظاهرة الملثم بالقول: "باعتقادي إن عودة مثل هذه الظواهر إلى الساحة الفلسطينية تذكرنا ببدايات الانتفاضة الأولى التي بدأت بمثل هذه الظواهر حيث ينتشر عدد من الملثمين أثناء المواجهات".

وأردف: "عادة ما يكون هدف الشبان من التلثيم هو التغطية على أنفسهم خوفا من الاعتقال وخوفا من أن يكشفهم الجواسيس والأهالي أو حتى أجهزة أمن السلطة فهم من أجل ذلك يقومون بإخفاء أنفسهم تمويها وحماية لأنفسهم من خطر الاستهداف والمطاردة".

وبرأيي عواد: "إن عودة مثل هذه الظاهرة إلى ساحة المواجهات وبشكل واضح ومتصاعد يبين إن مثل هذه الظاهرة في تصاعد وازدياد مستمر وتعيد إلى أذهاننا صورة الملثم في الانتفاضة الأولى التي بدأت في العام 1987 وكانت هذه الظاهرة منتشرة في جميع المدن والقرى والمخيمات وكان الملثمون حينها لهم عدة فعاليات منها المواجهات وإغلاق الطرقات والكتابة على الجدران وتطبيق الإضرابات والاستعراضات وغيرها".

قاعدة بيانات

الكاتب والمحلل السياسي ياسين عز الدين هو الآخر أكد خلال حديثه لـ"المركز الفلسطيني للإعلام"، بأن الأصل في أي المواجهات استخدام اللثام لأسباب أمنية، خاصة مع استخدام الاحتلال للكاميرات لتصوير المواجهات أو تلك المنصوبة عند المستوطنات والمواقع العسكرية والطرق الالتفافية.

وتابع "الاحتلال يسعى للتعرف على المشاركين بالمواجهات وليس شرطًا أن يعتقلهم فورًا، لكن ستكون له قاعدة بيانات بالمشاركين ويعتقلهم في أوقات حرجة" ، على حد قوله.  

وأكمل عز الدين: "إخفاء الهوية وإخفاءها من أهم الإجراءات التي يجب أن يتخذها الشاب من خلال اللثام ولبس ملابس غير مميز حتى لا يستطيع تتبعها بسهولة، كما يجب إخفاء الوجه والتمويه عند الخروج لرشق سيارات الاحتلال على الطرق الالتفافية وليس فقط في المواجهات لأنه قد تلقط ملامح وجهه كاميرات المراقبة المنتشرة في المنطقة".

وأضاف "العودة لاستخدام اللثام بشكل موسع في بعض المناطق أمر مهم، ويدل على انتشار ثقافة أمنية والبدء بتنظيم صفوف الشبان ووجود قيادات ميدانية تهتم بإجراءات السلامة". 

109-1