معركة ارياف حماة وادلب وحلب... البُعد الميداني والانجاز الاستراتيجي 

معركة ارياف حماة وادلب وحلب... البُعد الميداني والانجاز الاستراتيجي 
السبت ١٣ يناير ٢٠١٨ - ١٢:٥٩ بتوقيت غرينتش

شمال سورية الى واجهة الاحداث الميدانية من جديد، معارك في ارياف حماة وادلب وحلب، بات حسمها قاب قوسين أو أدنى مع تقدم الجيش السوري في بقعة جغرافية قد تكون الاصعب، نظراً لطبيعة المجموعات المسلحة المنتشرة فيها، والامتداد الجغرافي الواسع، الذي يتعامل معه الجيش السوري والحلفاء في محور المقاومة، بحنكة وذكاء، كما تعامل مع كل الوان الارهاب من داعش الى النصرة وليس انتهاء بما يسمى جيشَ الاسلام وحلفائه. 

العالم - مقالات

الانتصار الذي يُرسم في ريف حلب الجنوبي بالتزامن مع الانجاز في ريف ادلب وحماة، جاءت رياحه بشكل غير متناسب مع اشرعة الدول الداعمة للمجموعات المسلحة، بعد اقتراب الجيش والحلفاء من تطهير اخطر معاقل الارهاب التكفيري من الشمال السوري، بعد ان بات التأقلم مع ظروف الميدان، واتساع رقعة العلميات، وامتلاك زمام المبادرة العسكرية اثر تحديد مسرح العمليات، ما منع العدو التكفيري من الثبات في نقاط كان يعتبرها وبالذات في ريف حلب الجنوبي نقاط محصنة وقوية. 

العمليات النوعية التي انطلقت في ريف حلب الجنوبي، كان لها بُعدها الخاص، حيث سيطر الجيش السوري والحلفاء في محور المقاومة على عشرات البلدات والقرى، كان ابرزها قرى أم خان غرب تل صبحة وام العمد قبلي شمال غرب تل صبحة جنوب غرب خناصر والعميرية - ابو جلوس - برج السما -  تل عنبر - ابو عبده - "ام عنكش - الصالحية - برج حسين ضاهر - تل صومعة - جب أطناش فوقاني - جب أطناش تحتاني - سحّور - الحردانة - الأسدية - رسم العميش - حوير الحص - البناوي - جب الأعمى" " جنوب مدينة السفيرة في ريف حلب الجنوبي الشرقي، هذه السيطرة جاءت في الطريق لتتلاقى مع القوات المتقدمة باتجاه مطار ابو الضهور من ريف حماة الشمالي الشرقي، حيث باتت المسافة الفاصلة بين الطرفين بحسب مصادر ميدانية اقل من نحو كيلو مترات.

وتبني هذه العملية جسرا  سيمهد للجيش السوري بالانتشار على كامل مساحة ريفي حلب الجنوبي وريف ادلب الشرقي، والذي تنتشر فيه مجموعات مسلحة من بينها جبهة النصرة والحزب التركستاني وحركة نور الدين الزنكي التي تعتدي بشكل متكرر بالقذائف والاسلحة الرشاشة على الاحياء السكنية في مدينة حلب.‏

العمليات الهامة في ريف حلب الجنوبي في بعدها العسكري، أنجزت مجموعة من الأهداف التي سيكون لها صدىً كبيرا في الجانب السياسي، الامر الذي سيؤثر في تنفيذ اتفاقات استانا ومناطق خفض التصعيد وتحديدا في ادلب، بعد ان أثبت الجيش والحلفاء  قدرتهم على تطويع الجغرافيا لمصلحتهم مستفيدين من دروس المعارك السابقة، من خلال اتقان التكتيكات المختلفة للعمليات، والقدرة الذهنية العالية للتعامل مع معارك معقدة، حيث شهدنا في المعارك الأخيرة قتالا على مساحات كبيرة خصوصا في ريف حلب الجنوبي ضمن تشكيلات كبيرة تم الجمع فيها بين تكتيكات الجيوش النظامية وحرب العصابات بمختلف تكتيكاتها .

هذه العمليات التي ستتصاعد في المراحل القادمة حاملة معها شروط عدة تشكل الرافعة الحقيقية للنصر، ضمن بيئة جغرافية  معقدة، وحضور مكثف للمسلحين، وسلسلة قرى وبلدات تنتشر بشكل واسع، ومن اهم هذه الشروط التفوق الناري للجيش السوري، وهذه المرة بشكل متكامل بين سلاحي الطيران والمدفعية، الذي يرافق الوحدات المتقدمة بشكل مباشر ويسبق تقدمها بتمهيد يستهدف غرف العمليات ونقاط الأسلحة الثقيلة، ما يضعف الترابط بين مجموعات المسلحين المدافعة، ويشتت قدرتها القتالية، بالاضافة الى الاعتماد على معلومات استخباراتية دقيقة، تساهم بالقدرات على التخطيط الجيد، وحل اشكالية الاتصالات بين المجموعات المسلحة التي كانت تواجه الجيش والحلفاء في المعارك الواسعة بعد التفوق التقني الذي ظهر باداء الحلفاء من الناحية التقنية على الارض، والتشويش وضرب غرف الاتصالات والتحكم للمسلحين، وفك شيفرا الاتصالات الخاصة بهم، وبالذات التي تسلموها قبل سنين من الولايات المتحدة الامريكية عبر تركيا، بالتوازي مع  التنسيق العالي بين قوات النخبة ووحدات التثبيت والسيطرة. كل تلك العوامل والشروط ستجعل المسلحين بدون غرف عمليات مشتركة فيما بينهم، بحكم عامل البعد الجغرافي والخلافات الحاد فيما بينهم، ما ستدخلهم في حالة الإنهيار الإدراكي نتيجة المتغيرات في خرائط السيطرة، ما يجعلها تدخل في حالة الإنهيار العسكري.

ان تراكم الخبرة سيرسم معادلة الحسم العسكرية الجديدة في ريف حلب الجنوبي وريف ادلب وريف حماة، وسيكون للتطورات الميدانية في الايام القادمة مدرسة عسكرية خاصة، سيكون لها اثرها الكبير على مستوى التاريخ.

حسين مرتضى - العالم

102-10