ترمب والسعودية .. الحبل السري بين كوشنر وابن سلمان

ترمب والسعودية .. الحبل السري بين كوشنر وابن سلمان
الأحد ١٤ يناير ٢٠١٨ - ٠٣:٠٨ بتوقيت غرينتش

ربما يشكل ما كشفه مايكل وولف في كتابه "نار وغضب" عن دور للرئيس الأميركي دونالد ترمب في حصار دولة قطر فصلا جديدا في معرفة خلفيات أولى غزوات سيد البيت الأبيض الخارجية.

العالمأميركا

فالكتاب يشير إلى ترمب باعتباره متورطا في الأزمة الخليجية، وتشير أصابع الاتهام إلى أن كل ما يجري يمر عبر "الحبل السري" الذي جمع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وجاريد كوشنر، صهر ترمب وكبير مستشاريه.

الكتاب الذي صدر نهاية العام الماضي، كشف كثيرا من المعلومات والأسرار التي عكست طريقة تعامل ترمب وإدارته مع الأزمة الخليجية وقضايا العالم العربي.

فقد ذكر الكتاب أن الأمير محمد بن سلمان حين كان وليا لولي العهد في السعودية، وبعيد فوز ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية، اتصل بجاريد كوشنر وعرض نفسه عليه "كرجل كوشنر" في المملكة.

وينقل الكتاب عن كوشنر قوله لأحد أصدقائه بعد الاتصال "وجدت صديقا في أول يوم بالمدرسة الداخلية".

وولف قال في كتابه أيضا إن محمد بن سلمان هو بمثابة الوسيط الذي تعهد للولايات المتحدة بأن يختصر عليها الطريق في ملفات المنطقة، على أن يحصد مقابل ذلك شيئا من "عظمة أميركا".

ويشير الكتاب إلى أن هذه العلاقة أثارت قلقا متناميا لدى فريق ترمب للسياسة الخارجية، الذي رأى أن كوشنر يتعرض للخداع من شخص "انتهازي عديم الخبرة". في إشارة إلى محمد بن سلمان، وأن هذه السياسة قد تبعث رسائل خطيرة إلى الأمير محمد بن نايف الذي كان وليا للعهد آنذاك.

ويمضي الكتاب فيقول إن خطة كوشنر وابن سلمان كانت "مباشرة بطريقة لم تعهدها السياسة الخارجية الأميركية، وهي "إذا أعطيتنا ما نريد سنعطيك ما تريده".

وبعد ذلك قدم ابن سلمان ضمانات وتعهد بأخبار سارة للأميركيين، فتم توجيه دعوة رسمية له للقاء ترمب بالبيت الأبيض في مارس/آذار 2017.

وذكر الكتاب أن ترمب أبلغ أصدقاءه بعد تولي محمد بن سلمان ولاية العهد في السعودية أنه هو وصهره جاريد كوشنر قاما بهندسة انقلاب سعودي بالقول "لقد وضعنا الرجل الذي يخصنا على القمة".

تغيير النظام في قطر

والملفت أن أولى ثمرات العلاقة الجديدة بين ترمب ومحمد بن سلمان كانت الأزمة الخليجية، حيث يكشف الكتاب عن أن ترمب تجاهل نصيحة فريقه للسياسة الخارجية، وتحداها، عندما منح السعودية موافقته على ممارسة البلطجة ضد قطر.

كما كشف عن أن ترمب أبلغ المحيطين به بأن الرياض ستمول وجودا عسكريا أميركيا جديدا في السعودية، ليحل محل القيادة الأميركية الموجودة في قطر.

وتقلبت مواقف ترمب من الأزمة الخليجية، فمن تأييد دول الحصار في بدايتها، إلى رفضه عملا عسكريا ضد قطر، وصولا للسعي للتوسط لحلها في النهاية.

ففي اليوم التالي لإعلان الدول الأربع قطع العلاقات مع قطر، قال ترمب في تغريدة له "خلال رحلتي الأخيرة للشرق الأوسط، ذكرت أنه لا يمكن أن يكون هناك تمويل للأيديولوجية الراديكالية، وأشار القادة الحضور إلى قطر".

ثم قال في تغريدة أخرى "من الجيد جدا أن زيارتي للمملكة للقاء الملك السعودي وقادة خمسين دولة بدأت تؤتي ثمارها، فقد أكدوا أنهم سيتخذون موقفا متشددا من تمويل الإرهاب"، ثم تابع قائلا "جميع الإشارات كانت تشير إلى قطر بدعمها للتطرف، ولعل هذا سيكون بداية النهاية لرعب الإرهاب".

تقلبات ترمب

لكن هذا الموقف لترمب لم ينسجم مع مواقف أركان إدارته، لا سيما وزارتي الدفاع والخارجية، وهو ما أوضحه تقرير لشبكة "سي أن أن" الأميركية، التي اعتبرت أن تغريدات ترمب "قد تشكل صعوبات بالنسبة للولايات المتحدة في شرح سبب بقائها في قطر، التي تستضيف أكبر قاعدة عسكرية للبنتاغون في الشرق الأوسط".

وعبر وزيرا الدفاع الأميركي جيمس ماتيس والخارجية ريكس تيلرسون في أول تصريحات لهما عن الأزمة بما يخالف توجهات ترمب، وكان واضحا للمراقبين وجود تباين بين رؤية ترمب للأزمة، ووزير خارجيته، الذي عبر عن مواقف لم تعجب دول الحصار.

لكن ترمب سعى في مرحلة لاحقة لعدم تطور الأزمة، حيث نقلت وكالة بلومبيرغ الأميركية الشهر الماضي عن مقربين من تيلرسون أن ترمب تحرك في سبتمبر/أيلول الماضي لمنع هجوم عسكري سعودي على قطر استهدف تغيير الحكم.

وقالت الوكالة إن ترمب كلف تيلرسون بإبلاغ السعوديين بأن واشنطن لن تتسامح مع أية محاولة لفرض تغيير للنظام في قطر.

وقصة الحبل السري بين كوشنر وابن سلمان حضرت بقوة في ملفات أخرى، وأبرزها سعي ترمب لعقد ما سماه مرارا "صفقة القرن" للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

حيث يورد كتاب "نار وغضب" أن ترمب بدا شبه واثق من إمكانية صنع سلام في الشرق الأوسط، وأنه قال للمحيطين به "إن العرب إلى جانبنا كليا بفضل كوشنر، لقد تم الاتفاق".

والملفت أن الرئيس الأميركي الغارق في أزماته الداخلية لا يزال بعد عامه الأول في البيت الأبيض ماضيا في سياساته وتحالفاته التي لا يعرف إن كان سيستمر بها، وسط تساؤلات عن مآلاتها ليس على المصالح الأميركية فحسب، بل على أمن المنطقة الغارقة في الأزمات والحروب.

 

217