أبناء جوهر دودايف وأصدقائهم في إدلب، نهاية الوكيل حين يتطلب الأمر..!

أبناء جوهر دودايف وأصدقائهم في إدلب، نهاية الوكيل حين يتطلب الأمر..!
الإثنين ١٥ يناير ٢٠١٨ - ٠٤:٤٢ بتوقيت غرينتش

يكمن في داخل عدد من قادة مايعرف بـ(هيئة تحرير الشام) ميول نحو التفاوض، لترتيب بعض التهدئات وتوفير مساحة حوار حول انسحاب عناصر (النصرة) المتبقين في ريف دمشق نحو إدلب ، وقد حدث ذلك فعلاً في منتصف العام ٢٠١٧ حين زار أحد شرعيي الجبهة قطر عبر تسهيل الأتراك لتوفير مساحة حوار.

العالم - مقالات وتحليلات

“يُدرك قادة (النصرة) العسكريون أن بقاءهم في إدلب مسألة وقت لا أكثر، الأمر برمته يعتمد على نوع ما سيتخذه الروس والأتراك والإيرانيون من قرارات توافقية تُنهي مشهد التسلح في الشمال السوري”.

– اقتباسين “بتصرف” مأخوذين من تغريدات وحوارات صحفية لعدد من قادة تنظيم (النصرة) الفصيل الأكبر المقاتل في إدلب والموضوع تحت بند المنظمات الإرهابية في العالم.

“نحن لا نثق أبداً بالدور التركي، ولا نأمل من تعهداته بإنهاء الوجود الإرهابي في الشمال السوري، لكننا كقيادة سورية نثق بحلفائنا الروس والإيرانيين وهم يتفاوضون مع التركي حول ذلك الأمر، نحن مستعدين دوماً لاستعادة مناطقنا بالقوة العسكرية والذي يؤخرنا دوماً وجود المدنيين هناك”.

– اقتباس دون “تصرف” لجزء من حديث خاص لأحد ابرز القادة السياسيين السوريين الحكوميين مع الكاتب.

إدلب التي ترتفع عن سطح البحر بـ 442 م لم تصلها الصواريخ المجنحة الروسية بعد، ذلك لأن عمليات الجيش السوري باتجاه حدودها الإدارية لا تزال في صيغتها العسكرية المُبكرة، حيث تشير معطيات تحركات قوات مشاة الجيش السوري هناك إلى أولوية تأمين قواعد انطلاق حقيقية من ناحية التثبيت والتمكين والتركيز الجغرافي العميق نحو ما سيعرف لاحقاً بعملية تحرير إدلب الكبرى، إذن الوصول إلى مطار أبو الظهور الاستراتيجي هو هدف رئيسي لبدء المرحلة الثانية من خطة استعادة إدلب.
وحتى ذلك الحين، قد لا نجد أي كثافة حقيقة بمشاركة القوة العسكرية الروسية المساندة للجيش السوري.

إدلب التي يعني اسمها (مركز أدد) أي “مكان عبادة الإله” عبر تفسير لفظ الاسم وإعادته إلى أصوله الآرامية والسريانية والذي يشير إلى وجود معبد وثني قديم هناك، حيث تواجه المنطقة برمتها الآن أعتى انواع السلطة الدينية المتشددة، وما يذكره الباحثون في رواية أخرى لأصول تسمية المدينة بهذا الاسم لا يختلف كثيراً عن الرواية الأولى التي ذُكرت آنفاً، حيث تضيف الرواية الثانية تحّول المعبد الوثني إلى دير مسيحي سمي بـ (دير دلبين) والذي تحول بفعل الفتح الإسلامي إلى الجامع العمري الذي تقوم بقاياه قرب (حي الصليبة) الواقع في مركز المدينة وهذا ما أكدته رسائل “تشالكينو” من مجموعة رسائل الاديرة المينوفيزية سنة (567م) إلى قادته في القسطنطينية.

المدينة الخضراء التي تتشح بالسواد اليوم، أعلن في العام 1958 قيامها كمحافظة مستقلة إدارياً عن محافظة حلب، بعد زيارة رئيس الجمهورية العربية المتحدة جمال عبدالناصر لبناء بلديتها بعد طلب الأهالي زيارة جمال.

حال هذه المدينة كحال أغلب المدن التي تغير موقفها السياسي تبعاً لظروف الزمن والتحولات السياسية الداخلية والإقليمية والدولية، فمن نزعة أهلها الفلاحين إلى تأميم الأراضي من الإقطاع إلى قيامهم كقوة شعبية شاركت ببناء ما سجله المؤرخون عن سورية المعاصرة غير النفطية الناهضة بين بلدان ذات تأثير اقتصادي في المنطقة، إلى أهالي إن لم يتبنوا الأفكار الإيدلوجية الدينية المتشددة فهم يقعون اليوم تحت حيفها وظلمها.

المثير في مشهد ميدان إدلب العسكري أن أغلب المقاتلين الذين يشكلون قوة الصدم والمواجهة ضد الجيش السوري هم من جنسيات غير سورية، والسوريون فيها قدموا خلال السنوات الثلاثة الماضية من مراكز وأرياف مدن لا تتبع إدلب إدراياً، حيث يشكل ما نسبته ٦٥ بالمئة مقاتلون من الرقة وأرياف حلب وارياف دمشق وريف درعا، وتُعرف القوة الضاربة هناك بالإضافة إلى قوات (النصرة) المدربة بخبرات عسكرية إقليمية، بـ (الحزب الإسلامي التركستاني)، وهو حزب مؤلف من مجاميع الإيغور الذي استقدمهم أحد شرعيي (النصرة) المعروف بـ (أبو رباح)، ومجاميع أخرى (تركمانية) لم تتأقلم مع محيطها العربي يعيش عمقها البشري في جبل التركمان وجسر الشغور اسسها المقتول “أبو رضا التركستاني” يسندها لوجستياً مجموعات نوعية بقيادة “ابراهيم منصور” وهي مجموعات طورانية قومية “أسسها اليهودي موئيز كوهين” يعود على عاتقها عمليات الإمداد والتسليح والاستخبار والقتال الفردي في المدن!

يضاف إلى ذلك ٣٠٠٠ الآف مقاتل تقريباً من الشيشان يعود توجهم الفكري وعقديتهم العسكرية إلى ما وصلهم من الطيار جوهر دوداييف الرئيس الشيشاني الأول.

وهذا التجمع الحزبي العسكري الخليط اُطر بصورة نشرها مقاتل (مقتول) هولندي تركي يدعى (إسرافيل يلماز) والذي أنضم في مابعد إلى (داعش) جمعت الصورة وجوه ممثلين عن أبناء كل من (قارا خان – الأيغور) و (موئيز كوهين – الطورانيين الأتراك) و (جوهر دوداييف – الشيشانيون).

وعودة إلى استقراء التحالفات المسلحة في إدلب فإن تفكيك القوى الرئيسية المكونة للوجود المناهض للحكومة السورية بدءاً من (النصرة) أو (هيئة تحرير الشام) مروراً بالقوة الثانية وهي (الجيش الإسلامي التركساتني) وصولاً لـ(أحرار الشام) وقوى محلية أخرى، فإنها جميعها محكومة بتناقضات سرعان ما تنكشف وتظهر على سطح العلاقة العسكرية التنسيقية في حالة الصدمة والترهيب الناري الكثيف الذي يتعهد به الجيش السوري وحلفائه في حال حقق قادة أركان الجيش أهداف خطتهم الأولية بالسيطرة كما ذكرنا على قواعد انطلاق (المُشاة والآليات والاستهدافات النارية الثقيلة مُعّرفةً بالمدفعية وراجمات الصورايخ) يدعمها في كل ذلك مشهد الطيران الحربي المشترك السوري والروسي.

المصادر الاهلية (البحثية) التي أطلعتنا خلال إعداد هذه المقالة عن الوضع السكاني في المحافظة أكدت على أن غالبية الأهالي الذين قُدروا قبل العام 2011 بـ 1 مليون و600 ألف سوري لم يتبقى منهم سوى 300 ألف مدني أغلبهم من كبار السن والنساء، في حين سجل بشكل شبه رسمي نزوح ولجوء أكثر من 800 ألف مدني إلى محافظات سورية تحت سلطة الحكومة السورية وبلدان لجوء في لبنان وتركيا وألمانيا حسب ترتيب أعداد اللاجئين.

أمام هذا التواجد المدني ثمة في ذروة تواجد المجموعات المسلحة المقاتلة والمتقاتلة في ما بينها أحياناً ما يقارب 60 ألف مسلح، انخفضت أعدادهم بشكل ملحوظ خلال السنوات الثلاثة المنصرمة إلى ما يقدر الآن بـ 33 ألف مسلح، يشكل 10 آلاف مقاتل منهم عماد القوة التي تنتظر الجيش السوري متوزعين في (إدلب المدينة وأريحا وجسر الشغور وخان شيخون وتفتناز وجبل كباني وسلقين ومعرة النعمان وكفر تخاريم بالإضافة إلى وحدات إدارية صغيرة أهمها بنش وسرمين وكفر عويد كورين وكفر نبل وسرجة وكنصفرة…).

التهديد الأخير الذي لامس أجواء قاعدة حميميم عبر طائرات مُصنعة محلياً من خلال تسيير هذه الطائرات الحاملة للقذائف المتفجرة والمنقولة في سيارات تابعة لـ(الجيش الإسلامي التركستاني) من مناطق ريف جسر الشغور الجنوبي الغربي أدت بدورها إلى تعجيل القرار الروسي نحو التخلص من هذا التهديد، وهو ما سجلته مفكرة المصادر الأهلية عن تدمير مستودعات (تذخير ناري وقطع هندسية) في قرية “محمبل” الواقعة على طريق جسر الشغور – أريحا من قبل القوة الجوفضائية الروسية.

وبالنظر لهذه العملية الدقيقة فإن المراقب العسكري يستطيع أن يميز مدى القدرات الاستخبارية التي يمتلكها الجانبين السوري والروسي في المنطقة والتي تزيد من ترجيح كفة نجاح العملية العسكرية الكبرى المنتظرة في إدلب.

وما يحقق هذا النجاح الاستخباري وجود تعاون واضح بين الأهالي في إدلب ومصادر ارتباط مع الأجهزة العسكرية المختصة السورية والروسية، خصوصاً وأن المحافظة بشكلها العام قدمت في وقت سيطرة القوى المسلحة عليها ما يزيد عن 8000 متطوع للجيش السوري من أبنائها وتسجيل أعداد كبيرة ممن قضوا مع الجيش السوري في حربه التي يخوضها على مختلف الجبهات، حيث حصلت مدينة (أريحا) على نسبة السبق العددي في هذا المضمار.

إدلب (الزيتونة) كانت سبباً وجيهاً للتدخل العسكري الروسي في سوريا، وهي سبب رئيسي أيضاً في تعطيل مخرجات (أستانه)، ولاشك فإنها آخر وجهة جغرافية لمسير القوات السورية بمشهدها الضخم.

المتابع لنسبية القتال التي يخوضها مقاتلوا (النصرة) يرى أنها تشابه إلى حد بعيد نوعية وأداء مقاتلي (داعش) المهزومين فراراً تارة وتارة (إختفاء)، أما مجاميع (أحرار الشام) وحلفائها فإنها بالمعنى العملياتي لم تخوض فعلياً قتالاً حقيقياً خلال كل فترات وجودها وأدائها المسلح في قواطعها العسكرية، وعليه يُبنى واقع صمودهم الذي لن يطول.

أما أبناء دوداييف هناك وأصدقائهم، فإن نهايتهم الحتمية ستكون مقاربة لنهاية الرئيس الشيشاني الأول الطيار جوهر دوداييف، الذي قُتل عبر استهداف جوي دقيق حققه طيار حربي روسي بمقاتلة سوخوي 25 في 21 نيسان عام 1996 بعد إجراء دوداييف لمكالمة هاتفية عبر هاتف فضائي حصل عليه من استخباريين أتراك سلموا رقمه التسلسلي إلى الاستخبارات الأمريكية التي قامت بتزويد الروس بشفرته الفضائية والسماح لهم بإستعمال نظام “إشلون” التجسسي الواسع النطاق والذي أدى ذلك إلى تحديد موقع دوداييف والتخلص منه.

ولعل هذه الإحاطة الأخيرة بمقتل الرئيس الشيشاني المناهض لموسكو توضح طبيعة ما سيحصل لكل القوى الصغيرة التي وجدت نفسها بحجم أكبر من الذي تستحقه أمام تعاون ومصالح وإرداة القوى الكبيرة.

أبو طالب البوحيّة - دمشق الآن

2-10