هل سيحاكم الاحتلال القتلة بعد اعتذاره للاردن، وما هي أوراق الضغط المستخدمة؟

هل سيحاكم الاحتلال القتلة بعد اعتذاره للاردن، وما هي أوراق الضغط المستخدمة؟
السبت ٢٠ يناير ٢٠١٨ - ٠٨:٥٣ بتوقيت غرينتش

من يتابع تناول الاعلام الأردني الرسمي لموضوع “التسوية” التي تم التوصل اليها بين الحكومة الأردنية ونظيرتها الإسرائيلية، وادت الى إزالة التوتر في العلاقات، وأعاد فتح السفارة الإسرائيلية في عمان “فورا”، فإنه يخرج بإنطباع مفاده ان “انتصارا” دبلوماسيا كبيرا قد تحقق يتمثل في رضوخ دولة الاحتلال للشروط الأردنية المتعلقة بملف ثلاثة شهداء أردنيين قتلوا بدم بارد من قبل رجال امن إسرائيليين.

العالم - مقالات

لا شك ان إصرار الأردن على عدم فتح السفارة الأردنية في عمان الا بعد تقديم الحكومة الإسرائيلية اعتذارا وتعويضات لاسرى الضحايا، ومحاكمة المجرمين القتلة، ومقاومته، أي الأردن، ضغوطا أمريكية للتراجع عن هذا الموقف الصلب والمشرف، اعطى مفعوله في نهاية المطاف.

الدكتور محمد المومني، الناطق باسم الحكومة الأردنية اكد للصحافيين، وبلهجة واثقة، ان الحكومة الإسرائيلية أرسلت مذكرة رسمية الى نظيرتها الأردنية عبرت فيها عن “اسفها” و”ندمها” على مقتل ثلاثة أردنيين برصاص إسرائيلي، اولهم القاضي رائد زعيتر على الجسر في آذار (مارس) 2014، والاثنان الباقيان قتلوا برصاص حارس السفارة الإسرائيلية احدهما عامل صيانة، والثاني مالك عمارة مجاورة، وتعهدت بتقديم القتلة الى العدالة، ودفع تعويضات لأُسر الضحايا.

الرواية الرسمية الأردنية تختلف عن نظيرتها الإسرائيلية، فقد ابلغ بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، صحافيين كانوا على متن طائرته اثناء عودته من زيارة للهند استمرت ستة أيام، ان الحكومة لم تعتذر وانما عبرت عن ندمها واسفها لمقتل أردنيين برصاص الحارس الإسرائيلي، وانها ستدفع تعويضات للحكومة وليس لأُسر الضحايا، وقال “ان السلطات الإسرائيلية ستستمر في تقصي ما لديها من معلومات بخصوص حادثة السفارة، ومن المتوقع التوصل الى نتائج خلال الاسابيع المقبلة”، وهذه الرواية الإسرائيلية تنطوي على الكثير من المكابرة، ويظل من واجب السلطات الأردنية التمسك بمواقفها والزام نتنياهو بتقديم القتلة الى العدالة والتصدي لأساليب المراوغة الإسرائيلية.

الأسف والندم هو اعتذار واضح، حسب تعبير بعض القانونيين الذين يقولون بأن الصيغة نفسها جرى استخدامها في تسوية قضية شهداء سفينة مرمرة التي كانت متوجهة لكسر الحصار على قطاع غزة، ولكن يظل هناك من يجادل بأن الأسف شيء والاعتذار شيء آخر، وفي كل الأحوال هذه هي المرة الثانية التي تعتذر السلطات الإسرائيلية وتعبر عن اسفها، وبهذه السرعة، فقد اخذها سنوات من المماطلة ومحاولات التهرب من الاعتذار والتعويض لضحايا مرمرة.

من الواضح ان ريكس تيلرسون، وزير الخارجية الأمريكي، الذي استقبل نظيره الأردني ايمن الصفدي في واشنطن لعب دورا كبيرا في تسوية هذه الازمة بين الحليفين الوثيقين لأمريكا، الامر الذي سيؤدي الى إعادة فتح السفارة الإسرائيلية في عمان فورا وتعيين سفير جديد فيها، وقبل زيارة نائب الرئيس الأمريكي مايكل بنس للمنطقة في محاولة لإحياء عملية التسوية حسب المواصفات الترامبية.

لا نستبعد ان تكون الإدارة الامريكية قد لوحت بتنفيذ تهديدات الرئيس ترامب بوقف المساعدات عن الدول التي أيدت قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يدين قراره بنقل السفارة الى القدس المحتلة، ومارست ضغوطا على الاردن في هذا المضمار، مما أدى الى حدوث تغيير في الموقف الأردني، وتخفيف حدته، سواء فيما يتعلق بنقل السفارة الامريكية، او اغلاق الإسرائيلية في عمان.

الحكومة الإسرائيلية رضخت حقا للشروط الأردنية، وابرزها الاعتذار عن جريمتها، والحكومة الأردنية تجاوبت في الوقت نفسه للضغوط الامريكية بضرورة إعادة فتح السفارة الإسرائيلية حفاظا على علاقاتها بواشنطن أولا، ومليارا من مساعداتها المالية السنوية ثانيا، لان ثمن الرفض قد يكون مكلفا للاردن، حسب وجهة نظر المسؤولين فيه.

انه انتصار معنوي للاردن لا شك في ذلك، ولكنه لا يستحق التضخيم والمبالغة اذا اخذنا في الاعتبار تهويد القدس، ومحاولة نزع الوصاية الهاشمية عنها، والتغول الدموي الإسرائيلي في الأراضي المحتلة.

راي اليوم

103-1