ماذا تستهدف روسيا من عملية “غصن الزيتون” التركية؟

ماذا تستهدف روسيا من عملية “غصن الزيتون” التركية؟
الجمعة ٢٦ يناير ٢٠١٨ - ٠٤:٣٤ بتوقيت غرينتش

اعتبرت صحيفة Vzgliyad الروسية أن التصريحات الأميركية حول إمكانية إنشاء جيش من الأكراد السوريين يضم نحو 30 ألف عنصر- من أهم دوافع العملية العسكرية التركية في عفرين، حيث يتمركز جنود روس.

العالم - سوريا

وأدى انسحاب الجنود الروس عقب بدء العملية العسكرية إلى امتعاض الأكراد واتهامهم موسكو بالخيانة.

تقول الصحيفة إن الأكراد يتَّسمون بإصرارهم على تمترسهم وراء مواقفهم، فقد حاولوا التلاعب بالطرفين الروسي والأميركي على حد السواء، على أمل أن يتمكنوا من الحصول على حكم ذاتي أو دولة مستقلة.

وأضافت أن جزءاً من القوات الكردية بشكل كبير مع واشنطن، التي قدمت لهم الكثير من الوعود التي لن تكون قادرة على الإيفاء بها. والمثير للاهتمام وفق الصحيفة، أن الولايات المتحدة لا يمكنها تقديم حكم ذاتي إلى الكرد. وإنما يعتمد ذلك بالأساس على سوريا وتركيا وإيران، بالإضافة إلى روسيا التي تُعتبر حليف دمشق ومحرك العلاقات الثلاثية سوريا-تركيا-إيران.

لماذا لم تعترض روسيا على العملية التركية

عرضت موسكو على الأكراد الحد الأقصى الذي بإمكانهم الحصول عليه، وهو الادارة الذاتية داخل سوريا وتحت سلطة دمشق، ما يعني أن موسكو كانت على الاستعداد للعمل في سبيل ذلك مع دمشق وأنقرة.

ولكن، يبدو أن الأكراد قد فضَّلوا ملاحقة الوعود الأميركية، التي أغضبت الأتراك ونتج عن ذلك انطلاق عملية “غصن الزيتون”. في المقابل، لم تعارض موسكو الأتراك؛ لأنها ترى أن هذه العملية يمكن أن تحقق نتائج إيجابية لصالح الروس.

أولاً: إلغاء الأوهام المتعلقة بإمكانية إنشاء دولة كردستان سوريا. وفي هذا السياق، دعا وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، لتشكيل منطقة آمنة طولها 30 كيلومتراً، قائلاً إن الولايات المتحدة لا تريد مواجهة تركيا في شمال سوريا. وبما أنه لا يمكن للولايات المتحدة مغادرة هذا الجزء من سوريا، فلن يكون أمامها خيار سوى التخلي عن خطط إنشاء جيش كردي كبير وعقد المزيد من التحالفات في المنطقة. علاوة على ذلك، يتم الاستعداد لاتخاذ خطوة أخرى تهدف إلى إخراج الولايات المتحدة من سوريا.

ثانياً: ستدفع العملية التركية الأكراد السوريين للتفاوض مع دمشق، وسيُجبرهم التهديد التركي المستمر على البحث عن مكان لهم داخل حدود سوريا. وبما أن دمشق وموسكو قادرتان على تقديم ضمانات أمنية للأتراك، وتوفير الحماية لأنقرة من العمليات الإرهابية، فإن عملية إعادة سوريا الموحدة ستكون أسهل.

ثالثاً: تم التنسيق مسبقاً بشأن هذه العملية العسكرية بين موسكو وأنقرة، مما قد يسهم في تعزيز التفاعل التركي-الروسي. وبالنظر إلى مدى فائدة التنسيق السياسي بين البلدين، فإن هذا من شأنه أن يزيد في حجم التفاعل.

بطبيعة الحال، لن يحدث ذلك إلا في حالة واحدة؛ وهي عدم تطور عملية “غصن الزيتون” لتصبح حرباً كردية-تركية طويلة الأمد. ولكن، في الوقت الراهن، يبدو أن خطط أنقرة لا تتضمن تأخير العملية ولا تصعيدها.

النقاط الخمس بالنسبة لروسيا

وهذه هي أهم الأهداف الرئيسية بالنسبة لروسيا فيما يتعلق بعملية “غصن الزيتون”:

1. استعادة سوريا كدولة موحدة دون وجودٍ عسكريٍّ أجنبيٍّ.

2. تعزيز التفاهم والثقة المتبادلَين في العلاقات مع تركيا، كإحدى نتائج انتهاء الحرب السورية. كما يجب ألا تخشى تركيا على أمنها الداخلي بعد استعادة سوريا.

3. أن تتحول علاقات الحلف الثلاثي (تركيا-روسيا-إيران) إلى ضمانة للسلام في سوريا، فضلاً عن المساعدة في تعزيز موقف روسيا بالمنطقة ككل.

4. على تركيا تعزيز استقلالها عن الولايات المتحدة، كما يجب أن تخطو نحو الانفصال عن منظمة حلف شمال الأطلسي.

5. أن يحصل الأكراد في سوريا على ادارة ذاتية محدودة، إلى جانب بعض الضمانات، لكن دون تقسيم سوريا.

من هذا المنطلق، فإن التحرك نحو تنفيذ هذه النقاط سيساعد روسيا في تعزيز موقفها بالشرق الأوسط، وسيسهم في توطيد علاقات روسيا مع بعض بلدان المنطقة، فضلاً عن تعزيز دورها كبلد قادر على حل النزاعات والصراعات الإقليمية. وعلى هذا الأساس، يبدو جلياً أنه لا غنى عن تعويل روسيا على عملية “غضن الزيتون” التركية، في محاولة منها لزيادة وزنها الجيوسياسي بالعالم الجديد متعدد الأقطاب.

102-10