ليبرمان يعلن الحرب بالقرْع على طبل مثقوب!

ليبرمان يعلن الحرب بالقرْع على طبل مثقوب!
الأربعاء ٠٧ فبراير ٢٠١٨ - ٠٦:٠٦ بتوقيت غرينتش

في المواجهة القادمة إن حصلت وهي في الظروف الحالية والقائمة مُستبعدَة، لن تكون الحرب على الصهاينة مجرّد نزهة باعترافهم، وخصوصاً ما سيلحق بالجبهة الداخلية من خسائر،

العالم - مقالات وتحليلات 

فالتفوّق الذي تمتلكه المقاومة في المواجهة القادِمة يرتبط بالقدرات الخفيّة التي لم تستطع أجهزة الاستخبارات الصهيونية تحديدها، سواء كانت هذه القدرات مرتبطة بالكفاءة القتالية أو بوسائط القتال المختلفة على مستوى البّر والبحر والجو، إضافة طبعاً إلى ما يمكن أن يشكّل عامل المفاجأة الأكبر.

ينسى ليبرمان ومعه مراكز الأبحاث الصهيونية أو يتناسون أن المرحلة هي مرحلة توازن الردع والرعب معاً

ليست جديدة تهديدات أفيغدور ليبرمان فمنذ العام 2009 عندما كان وزيراً للخارجية الصهيونية وهو يُطلق التهديدات يميناً ويساراً، ولم يستثنِ من تهديداته أحداً لا إيران التي يدعو إلى مهاجمة أهداف فيها ولا مصر التي هدّد بقصف السدّ العالي وإغراق المصريين، ولا سوريا التي نالت من تهديداته النصيب الأكبر ولا المقاومة الفلسطينية ولا حزب الله الذي يرى فيه ليبرمان وخصوصاً بعد تولّيه وزارة الدفاع العام 2016 الخطر الأكبر على ” إسرائيل ” .

آخر التهديدات “الليبرمانية ” كانت للبنان بشكل مباشر باتّهامه بالتعدّي على “إسرائيل” وتلزيمه البلوك 9 بشكل غير قانوني ولشركات التنقيب عن النفط التي وقّعت مع لبنان اتفاقية تنقيب واستخراج الغاز من البلوك رقم 9 بشكل مُبطّن.

والسؤال هو: هل تمثّل تهديدات ليبرمان الموقف الرسمي للكيان الصهيوني أم أنها مجرّد اجتهادات منه تندرج ضمن سياقات الحرب النفسية القائمة منذ خروج الجيش الصهيوني مهزوماً بعد عدوان 2006 على لبنان ؟

بالنظر إلى سلسلة الدراسات والمواقف الصادرِة خلال 12 عاماً عن مختلف القيادات والوزارات والدوائر الصهيونية، يبدو واضحاً أن الجميع في الكيان الصهيوني يرغبون بالحرب ولكنهم يخشونها نظراً للمتغيّرات والتحوّلات الكبيرة في مُعادلات الردع والرعب، التي تُشير إلى اقتراب محور المقاومة من مرحلة كسْر ميزان القوى لمصلحته، وتحديداً بعد تمكّن محور المقاومة من ربط العراق بسوريا وسيطرته على أغلب خط الحدود الحيوي بين البلدين، وهو حدثٌ يعني تغييراً كبيراً في خط الإمداد الاستراتيجي حيث انتقل محور المقاومة من مرحلة خطوط الإمداد البطيئة عبر الجوّ والبحر إلى مرحلة خط الإمداد السريع عبر البّر من طهران إلى لبنان مروراً بالعراق وسوريا، وهو ما يعني إمكانيات واسعة لاستقدام العديد البشري بعشرات آلاف المقاتلين وربما مئات الآلاف الذي يمكنه تحقيق التفوّق العددي في أية مواجهة قادمة، إضافة إلى الحجم الكبير من الوسائط القتالية المختلفة كمّاً ونوعاً التي ستشارك في أية مواجهة قادمة .

بالتوازي مع تصريحات ليبرمان وغيره من المسؤولين الصهاينة يُصدِر مركز دراسات الأمن القومي "الإسرائيلي" ومراكز ومعاهد دراسات مختلفة ، العديد من الدراسات الدورية المُرتبطة بالصِراع، حيث يُركّز أغلب هذه الدراسات منذ سنة 2006 وبعد صدور تقرير فينوغراد على التهديدات والمخاطر المُرتبطة بالجبهة الداخلية، بدليل أنّ غالبية المناورات التي قام بها الجيش الصهيوني حملت إسم “تحوُّل، في إشارة إلى التغيير بالعقيدة القتالية التي تتحوّل من عقيدة الحرب الخاطفة المبنية على ثنائي الدبّابة والطائرة إلى عقيدة قتالية ، باتت تُراعي الدفاع المُتحرّك، وهو ما بدا واضحاً في المناورتين الأخيرتين، حيث كان التركيز على مُحاكاة التصدّي لهجوم مُحتمَل من حزب الله على منطقة الجليل ، بالتوازي مع إجراء عمليات إخلاء واسعة للسكان من المستوطنات ضمن مسرح العمليات المُحتمَل.

ينسى ليبرمان ومعه مراكز الأبحاث الصهيونية أو يتناسون أن المرحلة هي مرحلة توازن الردع والرعب معاً ، وأن البلوك 9 موضوع التهديد لم ينشأ بعد وهو في طور الأبحاث مقابل منشآت نفطية وغازية صهيونية قائمة، ما يعني أن ليبرمان يحاول أن يقوم بتهديد استباقي عبر تهديد كل لبنان، عندما أشار إلى أنه لا يمكن لسكان بيروت أن ينعموا بالتنزّه على الشاطئ، بينما يتعرّض سكان الكيان للتهديد، وهي مقاربة خاطئة حيث تأتي تهديدات المقاومة كردّ فعل على التهديدات الصهيونية وليس كفعلٍ مباشر، فعلى مدى سنوات المواجهة لم تعمد المقاومة إلى تنفيذ عمليات هجومية باستثناء عمليات أسْر الجنود الصهاينة وهي عمليات تكتيكية هجومية بأهداف دفاعية.

في المواجهة القادمة إن حصلت وهي في الظروف الحالية والقائمة مُستبعدَة، لن تكون الحرب على الصهاينة مجرّد نزهة باعترافهم، وخصوصاً ما سيلحق بالجبهة الداخلية من خسائر، فالتفوّق الذي تمتلكه المقاومة في المواجهة القادِمة يرتبط بالقدرات الخفيّة التي لم تستطع أجهزة الاستخبارات الصهيونية تحديدها، سواء كانت هذه القدرات مرتبطة بالكفاءة القتالية أو بوسائط القتال المختلفة على مستوى البّر والبحر والجو، إضافة طبعاً إلى ما يمكن أن يشكّل عامل المفاجأة الأكبر، وهو الجانب المتعلّق بالحرب الالكترونية عبر التشويش والإعاقة والسيطرة المُضادّة والاختراق الذي يمكن للمقاومة من خلاله تحقيق السيطرة الميدانية على وحدات الجيش الصهيوني.

في المواجهة البرّية بات باستطاعة المقاومة القتال هجوماً ودفاعاً بتشكيلات متوسّطة وكبيرة عبر تحقيق عوامل المفاجأة والسيطرة، سواء في الاندفاعات الهجومية المحدودة أو من خلال تحطيم القوات المدرّعة الصهيونية المندفعة على خطوط الاقتراب المُحتملَة في عمليات سريعة ترتبط بالكفاءات التي اكتسبها مقاتلو المقاومة في سوريا ، وتحديداً كفاءات المناورة بالحركة والنار واستخدام الأسلحة المختلفة في قتال الممّرات دفاعاً وهجوماً.

في المواجهة البحرية لم يعد سرّاً امتلاك المقاومة لمنظومات مختلفة من الصواريخ المضادّة للسفن، ومن ضمنها صواريخ ياخونت بمدى 300 كلم وصواريخ تم تحسينها من خلال الهندسة العكسية لصواريخ C-802 الصينية، وهي قريبة في الدقّة والمدى من صواريخ ياخونت، هذا طبعاً إضافة إلى عشرات زوارق الطوربيد والإنزال المطاطية السريعة والتي لا تحتاج إلى موانىء وقواعد ثابتة ، حيث يمكن وضعها في الخدمة والانطلاق بها خلال 15 دقيقة من لحظة وضعها على الشاطيء.

في المواجهة الجوّية لن يكون بإمكان طائرات سلاح الجوّ الصهيوني العمل بحريّة كبيرة بسبب إمكانية إصابتها بصواريخ مضادّة للطائرات، وبسبب تدمير مدارِج الطائرات بصواريخ أرض – أرض ثقيلة وبعيدة المدى ، وبواسطة طائرات مُسيّرة يمكن استخدامها كقنابل طائرة يمكنها حمل حمولة تصل إلى 60 كلغ من المواد شديدة الانفجار، ويمكنها استهداف أهداف حيوية بعمق يصل حتى 100 كلم .

ويبقى أن السلاح الأكثر ردعاً ورُعباً لدى محور المقاومة هو سلاح الصواريخ أرض – أرض الذي يمتلك منه المحور آلاف الصواريخ القادرة على تحويل حياة الصهاينة إلى جحيم حقيقي .

وانطلاقاً من هذه الحقائق الثابتة تبدو تهديدات ليبرمان إعلاناً للحرب بالقرْع على طبل مثقوب، فالمواجهة القادمة ستكون بالتأكيد موجِعَة وقاسية على لبنان وسوريا وفلسطين، ولكنها بالتأكيد ستكون المواجهة التي ستزعزع أُسُس الكيان الصهيوني وتؤدّي إلى هجرة واسعة من سكان الكيان إلى الدول التي جاؤوا منها، وهي المسألة الأهم والأخطر حيث قام هذا الكيان على الهجرة إلى فلسطين وهو ما سيؤدّي إلى إضعافه وزواله إذا ما استطاع محور المقاومة تحقيق الهجرة المُعاكِسة.

عمر معربوني / الميادين