لماذا أقرت فرنسا تعويضات للجزائريين عن التعذيب فقط!

لماذا أقرت فرنسا تعويضات للجزائريين عن التعذيب فقط!
السبت ١٠ فبراير ٢٠١٨ - ٠٣:٤٧ بتوقيت غرينتش

أصدر المجلس الدستوري الفرنسي قرارا يقضي بالموافقة على منح تعويضات للجزائريين الذين تعرضوا إلى "أعمال عنف وتعذيب" خلال فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر، وهو القرار الذي جاء بعد ثلاثة أيام فقط من إعلان "اليهود الجزائريين" حصولهم على قرار بالتعويض من قبل ألمانيا عن جرائم النازية.

العالم-الجزائر

القرار جاء في أعقاب شكوى تقدم بها مواطن جزائري تعرض إلى أعمال عنف لما كان عمره ثماني سنوات، حسب وكالة الأنباء الفرنسية. 

وجاء في قراءة المجلس الدستوري الفرنسي، أنه لا يمكن التفريق بين الضحايا على أساس جنسياتهم، مادام قد تعرضوا إلى أعمال عنف فوق التراب الفرنسي عند وقوع الأفعال التي رفعوا شكاوى بشأنها.

ولم يسبق لفرنسا أن عوضت للرعايا الجزائريين في قضايا من هذا القبيل، لأن قرار التعويض كان يقتصر فقط على الرعايا الذين يحملون الجنسية الفرنسية، وعليه فقد راجع المجلس الدستوري الفرنسي، الذي يرأسه لوران فابيوس (وزير أول ووزير خارجية سابق) قراءته، حيث أسقط شرط التمتع بالجنسية الفرنسية مقابل الحصول على التعويض.

وبررت الهيئة الدستورية العليا في فرنسا قرارها هذا بكون الجزائر قبل عام 1962 (تاريخ حصولها على الاستقلال)، كانت تابعة للسيادة الفرنسية، وهو ما يعني أن كل من تعرض للتعذيب على يد الجيش الفرنسي خلال فترة الاحتلال، من حقهم الاستفادة من تعويضات من فرنسا.

ودعّم المجلس الدستوري الفرنسي هذا المبرر بمبرر آخر، وهو أن مبدأ المساواة الذي يعتبر شعارا للجمهورية الفرنسية، يحتم على باريس عدم التمييز بين الضحايا على أساس الجنسية، لا سيما أن الرعايا الجزائريين كانوا يقيمون على إقليم كان جزءا من التراب الفرنسي وفق القوانين الفرنسية.

ويأتي هذا القرار بعد أيام من تجديد الجزائر مطالبتها فرنسا بتوسيع دائرة المنطقة المتضررة من التجارب النووية الفرنسية التي أجراها جيش الاحتلال في جنوب البلاد، وذلك تحسبا لانعقاد اللجنة المشتركة المكلفة بدراسة هذا الملف الشائك.

وتحدث وزير المجاهدين الطيب زيتوني عن اقتراحات تتعلق بتعويض الجماعات والأفراد المتضررين من الإشعاعات النووية، بالإضافة إلى تعويضات عن المحيط، لأن الأراضي المتضررة من الإشعاعات تفوق 100 كلم مربع، كما قال، فيما لم تعوض فرنسا سوى لبعض جنود جيشها الذين كانوا يعملون بالمناطق التي أجريت فيها التجارب النووية.

وعلى الرغم من إصدار وزارة الدفاع الفرنسية مرسوما في العام 2010 مكملا للقانون الصادر في العام 2009، يعالج قضية تعويض الجزائريين من ضحايا التجارب النووية، إلا أن ذلك لم يساهم في حصول المتضررين على حقوقهم بسبب مطالبة الطرف الفرنسي بأدلة وبراهين (وثائق طبية) تثبت علاقة الأمراض التي يعاني منها سكان الجنوب، بالإشعاعات النووية الناتجة عن التجارب الفرنسية، وهي المطالب التي يصعب تحقيقها، برأي المختصين.

وتعتبر مسألة التعويض عن جرائم الماضي الاستعماري لفرنسا في الجزائر، واحدة من الملفات التي لا تزال تسمم العلاقات الثنائية، وذلك بالرغم من مساعي إظهار الانسجام الحاصل بين البلدين خلال السنوات الأخيرة.. فالأضرار التي تعاني منها الجزائر وشعبها أكبر بكثير من تلك التي أقرها المجلس الدستوري الفرنسي، الذي تحدث عن "أعمال العنف والتعذيب"، لكنه تجاهل أحداث القتل التي تقدر بالملايين، وعمليات النهب المنظمة لثروات البلاد طيلة 132 سنة من الاحتلال.

المصدر:الشروق الجزائرية

113-104