حول ضحایا الإنتهاكات في البحرين

حول ضحایا الإنتهاكات في البحرين
الأربعاء ١٤ فبراير ٢٠١٨ - ١١:٣٠ بتوقيت غرينتش

اتهمت منظمة العفو الدولية السلطات البحرينية منذ يونيو/حزيران 2016، بقمع المعارضة عبر إستخدام مجموعة كبيرة من الأساليب القمعية، بما في ذلك القبض والمضايقة والتهديد والمحاكمة والسجن، من أجل إخراس المنتقدين السلميين، كما أن قوات الأمن في البحرين لجأت حتى إلى تعذيب بعض المدافعين عن حقوق الإنسان، من الرجال والنساء، أو إساءة معاملتهم، وهو أسلوب لم يكن سائدًا في البحرين، حسب التقرير الصادر عن المنظمة.

العالم - مقالات وتحليلات

أتى هذا التقرير قبل فترة بسيطة من عقد جلسة المراجعة الدورية الشاملة للبحرين، المخصصة للاستماع إلى رد الوفد الحكومي على التوصيات المقدمة من أعضاء مجلس حقوق الإنسان الدولي والتي عقدت في 21 سبتمبر/ أيلول 2016، كما سجلت أكثر من 30 منظمة حقوقية للتعقيب على الرد الحكومي، من بينها 10 منظمات مستقلة، وصفتها الصحف القريبة من السلطة بالمنظمات ذات توجهات معادية إلى المملكة.

وتخلو البحرين في الوقت الراهن من الصحافة الحرة المستقلة، بعد أن أغلقت السلطات في يونيو / حزيران 2017، صحيفة الوسط البحرينية المستقلة، ورفضت تجديد رخص المراسلين الدوليين داخل البحرين، ورفضت اعتماد مراسلين لوكالات عالمية، كما أنها تتحكم بدقة في دخول الصحافيين الأجانب للبلاد.

وتعمد الصحافة الحكومية وتلك المحسوبة عليها والقريبة منها، إلى تبني الخطاب الحكومي بالكامل بما فيه تخوين للمعارضة، وعدم إفساح المجال للرأي الآخر واعتبار أي انتقاد للحكومة أو سجل حقوق الانسان في خانة الخيانة والإرهاب والمعاداة للبلاد، حيث تستخدم السلطات بشكل متزايد مواد في قانون العقوبات البحريني، تجرّم الحق في حرية التعبير، وتحاكم الأشخاص بتهمة “إهانة مؤسسات عامة علنا”، و”إهانة الملك”، و”بث أخبار وشائعات كاذبة”، و”التحريض على كراهية النظام”، و”التحريض على قلب نظام الحكم”.

وهذا ما ركز عليه تقرير منظمة العفو الذي حمل اسم “لا أحد يستطيع حمايتكم”، وهي جملة نقلتها المحامية ابتسام الصائغ، وهي تروي لمنظمة العفو الدولية، في مايو/أيار 2017، عن معاملتها لدى جهاز الأمن الوطني خلال جلسة تحقيق، قبل أن يتم اعتقالها لاحقا وتوجيه تهم لها تحت مظلة قانون الإرهاب، حيث قال التقرير إنه “خلال الفترة من يونيو/حزيران 2016 إلى يونيو/حزيران 2017، تواصلت منظمة العفو الدولية مع 169 من منتقدي السلطات وأقاربهم قد تعرضوا للقبض عليهم أو استدعائهم أو التحقيق معهم، أو للمحاكمة أو السجن أو المنع من السفر للخارج أو للتهديد”. وكان المدافعون عن حقوق الإنسان والمحامون والصحفيون والنشطاء والزعماء السياسيون ورجال الدين الشيعة والمتظاهرون السلميون من المتضررين على وجه الخصوص.

واتهمت المنظمة السلطات البحرينية بالتراجع عن الوعود التي قطعتها بالإصلاح في أعقاب ردها العنيف على الانتفاضة في عام 2011، بالرغم من إدعاءات السلطات المتكررة بعكس ذلك.

فقد شهدت الانتفاضة خروج متظاهرين سلميين، بينهم زعماء سياسيين ومدافعين عن حقوق الإنسان وأطباء ومعلمين ومحامين، إلى الشوارع مطالبين بالإصلاح، وقوبلوا بالقبض عليهم واحتجازهم بصورة تعسفية وتعذيبهم، بل وتعرّض بعضهم للقتل بشكل غير قانوني. وأثار هذا القمع الوحشي غضبًا عامًا، سواء داخل البحرين أو خارجها.

جاء تقرير منظمة العفو الدولية في ٤٨ صفحة، والذي استند إلى النتائج التي توصلت إليها المنظمة من خلال الرصد المستمر للتطورات المتعلقة بحقوق الإنسان في البحرين والبحوث التي أجرتها بهذا الشأن، مع التركيز بصفة خاصة على الفترة من يونيو/حزيران 2016 إلى يونيو/حزيران 2017، حيث تقصى الباحثون 210 حالات، وأجروا مقابلات مع 52 من ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان والشهود على الأحداث الموثقة في التقرير، وكذلك مع 62 من أقارب الضحايا أو أصدقائهم المقربين ومن المحامين، وتحدث الباحثون مع 38 من الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين والمحامين، كما قامت بتحليل تصريحات عامة صادرة عن السلطات، ومراسلات مع منظمة العفو الدولية، وكذلك وثائق قضائية، ونصوص قانونية وغير ذلك من الأدلة الوثائقية، بما في ذلك لقطات بالفيديو في عدد من الحالات.

وقد راجعت منظمة العفو الدولية أيضًا عددًا من التقارير الإعلامية وتقارير منظمات أخرى معنية بحقوق الإنسان، فضلا عن بيانات صادرة عن حكومات بلدان أخرى. وقد تعين على المنظمة إجراء أغلب المقابلات عن بعد، عن طريق الهاتف أو الإنترنت، نظر ًا لعدم تيسر دخولها إلى البحرين. ولمداراة الأزمة الحقوقية، كانت البحرين قد أسندت مهمة حقوق الانسان لإحدى وزيراتها في العام ٢٠١١، إلى جانب حقيبة الشؤون الإجتماعية.

ومع تصاعد الانتقادات الدولية لوضع حقوق الانسان في البحرين، تمّ تشكيل وزارة مستقلة لحقوق الإنسان، ولكنها أيضا لم تدم ليعود ملف حقوق الإنسان ليكون تابعا لوزارة الخارجية. كما أنشأ ملك البلاد في العام ٢٠٠٩ المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، بهدف تعزيز وتنمية وحماية حقوق الإنسان على أن تكون مؤسسة مستقلة تمارس عملها بحرية وحيادية، إلا أن ذلك لم يتحقق على أرض الواقع، حيث دأبت المؤسسة على تبني الرأي الحكومي فيما يتعلق بالممارسات المناهضة لحقوق الإنسان بما فيها الإعدام، كذلك لم يجد الضحايا الذين يلجأون للمؤسسة أي حلول أو تدخل من المؤسسة لوقف الإنتهاكات.

*تمارة المجالي