مجدداً, شرق سورية على صفيح ساخن

مجدداً, شرق سورية على صفيح ساخن
الجمعة ١٦ فبراير ٢٠١٨ - ٠٥:٤٤ بتوقيت غرينتش

تشهد مناطق التماس المباشر بين الجيش السوري وحلفائه من جهة، وتحالف مايسمى بـ “قوات سورية الديمقراطية” من جهة أخرى، نوعا من التوتر الميداني غير المسبوق بين الطرفين.

العالم - مقالات

وعزز الجيش السوري نقاطه العسكرية على كامل خطوط التماس الموجود في قرى “الصالحية – الحسينية – حطلة – مراط فوقاني – خشام – مراط تحتاني – طابية جزيرة”، في المقابل عززت “قسد” نقاطها في “جديد عكيدات”، كما كثفت القوات الأمريكية من وجودها في حقل “كونيكو” للغاز، في مرحلة تعد الأكثر حساسية في المنطقة.

ميدانياً، شهدت المنطقة الممتدة بين قريتي “الحسينة” التي يسيطر عليها الجيش، و”شقرا” التي تسيطر عليها “قسد” اشتباكات بالأسلحة المتوسطة والخفيفة، كما إن منطقة “الحوايج” شهدت تبادلاً للقصف بالرشاشات الثقيلة بين الطرفين المنتشرين على ضفتي نهر الفرات في المنطقة، كما علمت وكالة أنباء آسيا من مصادر مطلعة، أن بعض من العوائل نزحت من قرى “جديد عكيدات – جديد بكارة – الصبحة – الدلحة” الخاضعة لسيطرة قسد نحو منطقتي “الصور” و “أبو فاس”، في خطو يستبق من خلالها المدنيين ما قد تسفر عنه عمليات الحشد والحشد المضاد على خطوط التماس بين الجيش و “قسد”.

وفي الوقت نفسه، نفت مصادر ميدانية سورية الانباء التي تناقلتها صفحات مواقع التواصل الاجتماعي عن دخول “قسد” إلى قرية “طابية جزيرة” و “خشام”، كما نفت تعرض أي من نقاط الجيش خلال ليل الخميس – الجمعة لضربات أمريكية كما روجت مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى أن الهدوء الحذر ساد في ليل الأربعاء على خطوط التماس في المنطقة الواقعة بين قريتي “طابية جزيرة” و “جديد عكيدات”، علما أن الأخيرة تخضع لسيطرة “قسد”.

الجيش السوري الذي تعرضت قواته الرديفة الأسبوع الماضي لهجوم أمريكي غير مبرر بحسب وصف المصادر السورية للمشهد، لم يجد صعوبة في نقل الإمدادات من الضفة الغربية إلى المناطق التي يسيطر عليها “شرق الفرات” على الرغم من إن الجسر العائم الذي أنشأته فرق الهندسة العسكرية الروسية قد تدمر بفعل ارتفاع منسوب النهر، الأمر الذي اعتبرته وزارة الدفاع الروسية في بيان سابق لها إنه متعمد من قبل “قسد” ومن خلفها واشنطن، إذ عمدت الفصائل المدعومة من أمريكا فتح بوابات سدي الفرات والبعث الموجودين في محافظة الرقة على مصرعيهما، في وقت يعتبر فيه موسم الأمطار في المنطقة الشرقية أقل من المعدل الطبيعي بكثير، وهذا ما أكدته تقارير إعلامية نشرتها وسائل إعلام كردية من خلال تأكيدها لانخفاض مستوى المياه في بحيرتي “الأسد” و “سد تشرين” معللة سبب هذا الانخفاض حينها بقطع الحكومة التركية لمياه نهر الفرات.

اعتماد الجيش السوري على القوارب العسكرية في نقل الإمدادات مؤقت، فالمصادر الميدانية الخاصة بـ “وكالة أنباء آسيا” تؤكد إن العمل قائم على خلق بديل للجسر العائم، وقد يكون “جسر السياسية” المدمر بشكل جزء بفعل المعارك التي شهدتها مدينة دير الزور قبل أن يستعيد الجيش السيطرة عليها، هو الحل الأمثل من خلال إنجاز عملية “ترميم إسعافية” تعيده للحياة، وفي الوقت نفسه، يحاول فصيل “مجلس دير الزور العسكري” التابع لـ “قسد”، أن يلعب دور “رأس الحربا” في أي مواجهة مع الجيش السوري في المنطقة، مدعوما بقرار أمريكي بضرورة منع تمدد الجيش السوري في مناطق شرق الفرات، حيث الثروة النفطية السورية الكبرى.

وتقول مصادر ميدانية أن احتمال المواجهة البرية بين الطرفين وارد جداً، إلا أن احتمال التدخل الجوي من قبل روسيا أو واشنطن في مثل هذه المعركة قد يبدو ضعيفا، موضحة أن واشنطن وموسكو قد تتفقان على عدم التدخل في مثل هذه المعركة وترك “الأطراف السورية” لفصل المواجهة بعيداً عن تدخلهما العسكري، إلا أن المصادر نفسها تقلل من احتمال أن تثق موسكو بالضمانات الأمريكية في هذا الإطار، فالعين الروسية تركز على الاستثمار في القطاع النفطي السوري شرق الفرات، وضرورة استعادة الحقول الموجودة في هذه المنطقة بالنسبة لدمشق، تعني الخروج بالاقتصاد السوري من عنق الزجاجة.

وبحسب مصادر دمشقية، فإن واشنطن لا ترى في مناطق شرق الفرات أكثر من ثروة اقتصادية يجب استغلالها لأطول فترة ممكنة، وتشير المقارنة بين معدل وصول قوافل المعدات العسكرية المنقولة من شمال العراق إلى مناطق سيطرة قسد في الفترة الممتدة من أيلول وحتى الوقت الحالي، إلى أن واشنطن عملت خلال الفترة المذكورة على تسليح “قسد” لمواجهة عدو يمتلك تقنية عسكرية أكثر تطوراً من التقنيات التي كان يمتلكها تنظيم داعش، كما إن حجة التسليح الأمريكي لـ “قسد” بعد انهيار البنية العسكرية الأساسية لتنظيم أبي بكر البغدادي غير مقنعة، إذ تقدر المصادر الميدانية إن ما تلقت الفصائل الكردية وحلفائها في المنطقة خلال الأشهر الأربعة الماضية خمسة أضعاف ما تلقته قبل إطلاقها لمعركة الرقة.

وإن كانت واشنطن تعتمد على تأجيج الصراع المسلح في سورية قدر الإمكان للاستفادة من ضمان استمرارية بيعها للأسلحة والذخائر لـ”قسد” مقابل النفط السوري الذي يتم نقله إلى أراضي شمال العراق لبيعه من خلال معبري “سميالكا” و “السويدية” بأقصى شمال شرق محافظة الحسكة، فإن المشكلة الأكبر في مثل هذه المواجهة هي الوجود المدني، فالقرى التي تعتبر خطوط تماس مأهولة بالسكان، وإشعال الجبهات قد يتسبب بنزوج جديد لما يقارب 50 ألف مدني في مرحلة أولى، وإذا ما تمددت المواجهة في المنطقة، فإن كامل المناطق الواقعة شرقي الفرات معرضة لنزوح قاطنيها إلى مناطق أكثر أمنا، في المعركة على حقول النفط لن تكون محدودة المساحة أو الأهداف.

محمود عبد اللطيف-اسيا نيوز