السعوديون يستنفرون على وقع هجوم فتاة فلسطينيّة لاذع

السعوديون يستنفرون على وقع هجوم فتاة فلسطينيّة لاذع
الخميس ٠١ مارس ٢٠١٨ - ٠٤:٥٢ بتوقيت غرينتش

جُنَّ جُنون السعوديين تماماً، على إثر مقطع فيديو مُتداول، لشابّة فِلسطينيّة، وعلى حسابها في تطبيق “السناب شات”، حيث هاجمت الشابّة الدُول الخليجية دون استثناء، مُتّهمةً إيّاهم بخُذلان سورية، وفِلسطين، وتغذية العُنصريّة ضِد العرب في بلادهم.

العالم - السعودية

كما واصلت الفتاة “المُحجّبة” هُجومها “اللاذع” بالقَول أن أموال الخليجيين يتم صرفها على الرفاهيّة، كما وصفتهم “بالمُتخلّفين والمَرضى النفسيين”، وأكّدت أنها لا تتحدّث عن شُعوب، بل الحُكومات التي غذّت في الشعوب العُنصريّة، وحينما كانت بالمدرسة، أضافت كان المُدرِّسون السعوديون، كانوا يقولون، “الأجنبيّة تَقِف، السعوديّة تَجلِس”.

وتابعت الشابّة المُنفعلة ابنة بلادي، والتي اختلطت لهجتها باللهجة المحليّة السعوديّة القول، إذا تم إرسال مُساعدات لدول مثل سورية وفِلسطين، لن يكون هُناك أحد جائع بهذه البلاد العربيّة، وأنها إذا كانت في دولة خليجيّة، وتعيش فيها، فهي تعيش من أموال والدها، وخيره، في الدراسة والأكل والشرب، وأن الجامعات السعوديّة رفضتها لأنها أجنبيّة.

السعوديون، كانوا في قِمّة غضبهم واستيائهم، وشَنّوا هُجوماً “افتراضيّاً” كعادَتِهم على الشابّة، حيث أوصلوا هُجومها عبر وسم “هاشتاق” “تويتري” إلى “الترند” السعودي حتى قبل ساعات من كتابة المقال، ووصلت التغريدات الهُجوميّة التي طالتها، وطالت بِلادها، واتّهمتها بالجُحود، إلى الآلاف.

يَحِق لهذه الشابّة الفلسطينيّة بنظرنا، التعبير بحُريّة عن رأيها، و الدول الخليجية، والسعوديّة تحديداً التي عاشت فيها ابنة بلادي، ليست مُنزَّهةً عن الخطأ، وترتكب حُكومتها “كوارث” سياسيّة لنا أمثلة حيّة عنها، والشابّة، كانت مُصيبةً حين فصلت الحُكومات عن الشعوب، فعِلّتنا في الوطن العربي، أننا شُعوب مُحبّة، لكن حُكوماتنا “تبرع” في تفريقنا، وتنجح في دفعنا لمُهاجمة بعضنا خِدمةً لمصالحها.

ربّما بالغت ابنة بلادي قليلاً في توصيفاتها أو بالأحرى مُفرداتها، التي تعدّت الذَّوق العام، لكنّها لم تتطاول بالسُّباب والشتائم كذلك كما فعل سعودي من قبلها حين وصفنا نحن أبناء الشعب الفِلسطيني بالكِلاب والخنازير، وربّما عَبّرت عمّا يجول في خاطر العرب أجمعين، وحالة العتب، والملامة والنقد، في التقصير، وحتى “التآمر” أحياناً من قِبل بعض الدول الخليجيّة، تُجاه قضيّة بلادي فِلسطين، وسورية، وحتى العِراق من قبلهما، ونحن لا نتحدّث عن مُساعدات ماليّة، فالكرامة، لا تُشترى بالأموال، ربّما الذِّمم، وإن كُنّا لا نتّفق في تعميم الشابّة الناقد الذي شَمِل كل الدُول الخليجية، فالتعميم ظالِم بكُل المَقاييس.

للسعوديين بالتأكيد حُريّة التصرّف بأموالهم، وصرفها فيما يحلو لهم، وهذا شأن لا علاقة لنا به، حتى وإن كان على رفاهيتهم كما قالت الشابّة في مقطعها، لكن لا نفهم كيف تستطيع فتاة فلسطينيّة “استفزاز” شعب بأكمله، فهي وإن تطاولت بنظر البعض على السعوديّة وشقيقاتها، فهي لا تُمثّل الشعب الفِلسطيني، حتى يجد “المُغرِّد” السعودي ضالته في هُجومها، ويُخرج كل أحقاده، على فِلسطين، وقضيّتها، وإظهار جُحود أهلها، وكأن المسألة “فُرصة ولاحت”، لإثبات صحّة “التطبيع” مع العدو الذي تُسارع له بلاد الحرمين المُحتل الصهيوني الغاصِب، نظراً لما تبيّن من وقاحة، وجُحود، وقلّة أدب فلسطينيّة!

يُكرِّر “الأشقاء” ودون فهم في الغالب، والسعوديّة ليست استثناء، سيمفونيّة “الكرم الحاتمي”، هذه التي تحدّثت عنها الشابّة كذلك، وهي أن كل المُقيمين العرب تنعّموا بخيرات البِلاد، لكنّهم نسوا أن والد هذه الشابّة، وغيره من العامِلين على الأراضي الخليجيّة ونحن كُنّا منهم يوماً، يتلقّون أموالاً (رواتب)، لِقاء خدماتهم الوظيفيّة، كُلٌّ في عمله، ولا أذكر أن في يوم ما أعلنت حُكومة خليجيّة توزيعها أموالاً، لقاء لون عُيون هذا الفلسطيني أو السوري، والمِصري، وجميع أبناء الأُمّة من غير الخليجيين، فلماذا يغضب “الأشقاء”، حين تقول الفتاة أنها عاشت في الدول الخليجية أو السعوديّة من خير والِدها؟

بِلادي فِلسطين، وتاريخها النِّضالي، والشهداء الأبطال فيها الذين يحملون اسمها في جنّات الخُلد، ليسوا في معرض الدِّفاع عن أنفسهم، فكرامتهم أغلى ما يملكون، وتلك الشابة فلسطينيّة، نفخر ونعتز بها، ليس لأنها هاجمت الدولة الفلانيّة، ولكنها كغيرها يجمعنا رابط الدم والوطن بها، وهي لم تتطاول على ثوابت الأمّة، ورموزها الدينيّة والتاريخيّة -لا قَدّر الله-!

خالد الجيوسي/راي اليوم

106-1