"مفهوم جديد" أطلقه بشار الاسد في عالم السياسة والحرب لفت انتباه الجميع!

الإثنين ٠٥ مارس ٢٠١٨ - ٠٣:٣٤ بتوقيت غرينتش

بالرغم من المفاصل الكثيرة التي وردت في لقاء الرئيس الأسد مع الإعلاميين بعد لقائه مع كبير مساعدي وزير الخارجية الإيرانية حسين جابري أنصاري، إلا أن الأسد أطلق مفهوماَ جديداً في عالم السياسة والحرب، وهو "محور مكافحة الارهاب"، وهو ما لفت انتباه جميع دوائر صناع السياسة وخبراء الإعلام.

العالم - سوريا
الرئيس الأسد في معرض رده على سؤالنا حول عفرين قال: " كما أعلنت الدولة سابقاً، الإعتداء التركي أو محاولات الغزو هو عدوان، لا توجد تسمية أخرى ولا توجد حتى مرادفات لهذه الكلمة، هي حصراً كلمة عدوان، ولكن هي أكثر من قضية عدوان تركي على سوريا، هي قضية ترتبط بما كان يسعى إليه أردوغان منذ بداية الأزمة، فهو كان يسعى لخلق منطقة عازلة لتكون منطلقاً للإرهابيين الذين يرعاهم للقيام بالهجوم على الجيش السوري وعلى الدولة السورية وعلى الشعب السوري، ولكن في ذلك الوقت، في البدايات، لم تسمح له الإدارة الأمريكية، وكما تعلمون كان في كل تصريح يستجدي الولايات المتحدة من أجل خلق هذه المنطقة العازلة، عملياً هو كان يستجدي من أجل أن يسمحوا له بالقيام بهذا الدور، لم يسمح له حينها على اعتبار أن المجموعات التي كانت تسمى في ذلك الوقت “الجيش الحر” قادرة على القيام بالمخطط أو بالمهام التي كلفت بها من قبل أمريكا والدول الغربية، ولكن بعد تحرير مدينة حمص منذ عدة سنوات ولاًحقا تحرير حلب، أصبح الدور التركي ضرورياً، فبدأت تركيا تلقي بثقلها مع الإرهابيين بشكلٍ واضحٍ، ولكن بعد تحرير دير الزور أصبح التدخل التركي العسكري ضرورياً لخلط الأوراق، فمن غير المسموح لمحور مكافحة الإرهاب “سوريا وإيران وروسيا” أن ينتصر، لا بد من أن يبقى غارقاً في المشاكل وأن تكون هناك عملية استنزاف طويلة، فكان لا بد من التدخل التركي." 
لا يمكن لأي باحث سياسي أن يقدم قراءة شاملة لكلمات الرئيس ضمن كلمات معدودة، فحجم الرؤية السياسية الدقيقة وغزارة وعمق الأفكار التي قدمها الأسد في جوابه على سؤالنا، تحتاج إلى تحليل سياسي عميق، لذا كان لا بد لنا من أن ننتقي من هذه الأفكار والموضوعات ما يسمح لنا بتقديمه في هذه المقالة.
انطلاقاً من فكرة ان المقاومة لا تعني التصلب في المواقف فحسب، بل تنطلق من قراءة الاخر والتعقل في مواجهته، في وجه الفوضى التي تريدها الولايات المتحدة الامريكية وشركائها في المنطقة من خلال خلط الاوراق من جديد، بعد الانتصارات الميدانية والسياسية التي حققتها الدولة السورية، والتي ادت الى تدخل الجيش التركي بشكل علني، وهنا الاشارة الذكية من الرئيس الاسد الى الاستراتيجية الامريكية الجديدة في المنطقة والتي تسمى " الاستراتيجية العسكرية الأمريكية التي وُضِعت بعد حرب العراق"، والتي سيُعمل بها وفق واضعيها بين 2020 - 2040، والتي تقوم على اشغال عدو الولايات المتحدة باكثر من ملف في نفس الوقت، لكن عملياً الأمريكيون بدأوا بتطبيقها بعد فشل سياساتهم في المنطقة وسوريا تحديداً، وهذا ما نلاحظه في فكرة تواجدهم العسكري في شمال شرق وجنوب شرق سوريا، ودخول التركي بقواته بشكل مباشرفي معركة عفرين بعد فشل الوكيل، والذي تحدث به الرئيس الاسد عن ان التدخل التركي العسكري اصبح ضروري لاشغال الدولة السورية ومحور مكافحة الارهاب عن عملياته في مناطق اخرى مثل الغوطة الشرقية، وتحديد خياراته السياسية.
ولعل أهم هذه الرؤى السياسية في كلام الرئيس الاسد كان في مفهوم محور مكافحة الارهاب، والذي انطلق ضمن الصراع الدائر منذ ما يقارب القرن من الآن، والمستعر اليوم من أجل تغيير الوجه السياسي والثقافي والبشري للمنطقة وإعادة رسم خريطتها من جديد، بما يستجيب للمهام والوظائف المستجدة لهذه المنطقة، وبما يخدم استراتيجيات ومصالح بعض القوى الأجنبية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية والكيان الاسرائيلي، وهنا نأتي الى التفصيلة الثانية في كلامه ردا على السؤال، حيث كانت كلمات الرئيس الاسد والتي صيغت بلغة معاصرة وكلمات واضحة معبرة، وبتحليل عميق، اوضحت فكره ورؤيته ونظرته للأمور التي تحتاج إلى وقفة وتبصّر، مؤكدا ان سوريا تخوض المعركة ضمن محور متكامل وان سوريا ليست لوحدها في معركة المصير التي ستغير المعادلات الاقليميه والدولية، وان جوهر القضية هو القضاء على الإرهاب فلا سياسة ولا اقتصاد ولا ثقافة ولا أمان ولا حتى أخلاق حيثما يحل الإرهاب.

حسين مرتضى/العالم